لماذا تعاني الشركات من تمرد تكنولوجيا المعلومات؟
النشرة الدولية –
بعد فضيحة مدوية بسبب برمجيات الديزل، حاولت “فولكس فاجن” الألمانية محو آثار هذه الأزمة بإعلان التحول نحو المركبات الكهربائية، وكشفت عن نسخة جديدة بالفعل سمتها “آي دي 3″، وكان من المفترض أن تشكل هذه النسخة خطورة على منتجات “تسلا” الأمريكية.
لكن بسبب ما تحدثت عنه “فولكس فاجن” من وجود عيوب فنية، قررت الشركة تأجيل طرح “آي دي 3” – ربما أهم نسخة لديها منذ إطلاق “جولف” عام 1976 – نتيجة وجود بعض المشكلات في أنظمة وبرمجيات اتصال هذه النسخة مع الإنترنت والجوال حيث ستشمل المساعد على الركن والانتظار باستخدام تكنولوجيا الواقع المعزز.
وذكرت “فولكس فاجن” سابقاً أن “آي دي 3” ستطرح في صيف العام الجاري، لكن تم التأجيل حتى سبتمبر على الأقل.
لا تعد “فولكس فاجن” هي الشركة الوحيدة التي تواجه صعوبات مع الحواسب والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، فقد أعلنت بنوك بريطانية عام 2019 أن خدماتها عبر الإنترنت تعرضت لانقطاعات ومشكلات فنية مما أسفر عن تعطل خدمات الدفع لملايين العملاء.
بعض المشكلات الفنية أكثر خطورة بكثير، فهناك مثلاً طائرات “737 ماكس” التي تصنعها “بوينج” والتي توقفت عن التحليق منذ مارس 2019 بعد سقوط طائرتين من نفس الطراز مما أسفر عن مصرع 346 شخصاً.
أكد مهندسو “بوينج” والوكالات التنظيمية المعنية على وجود عيوب فنية في أنظمة البرمجيات داخل “737 ماكس” تعوق عودتها للتحليق وسط مخاوف بتعطلها وسقوطها مجداً، ونصحت شركات طيران بإعادة تشغيل أنظمتها بعد كل 51 يوما من الطيران.
بالمثل، عام 2017، تعرضت “إيرباص” – منافسة “بوينج” – لبعض المشكلات الفنية في بعض النسخ مما دفع وكالة الطيران الأوروبية باقتراح إعادة تشغيل أنظمة الطائرات بعد كل 149 ساعة طيران.
ربما ينصب اللوم على كل شركة في كل صناعة على حدة، فقد ألقي اللوم على المدير التنفيذي السابق لـ”بوينج” “دينيس مويلينبيرج” وأجبر على الاستقالة بعد اكتشاف العيوب الفنية في طائرات “737 ماكس”.
لكن ليس الأمر هكذا طوال الوقت، فمن الضروري العودة لأصل المشكلة، وفي عالم البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، من الصعب جدا استمرار عمل منظومة تكنولوجية بشكل مستمر دون عطل أو خلل أو ثغرة فنية.
لا ننسى أن من يصمم البرمجيات والأنظمة التقنية بشر، وهم عرضة للأخطاء، فلو عكف فنيون أو مهندسو البرمجيات على تصميم برنامج بعينه، وأخطأوا في حرف أو رقم ما، يتغير الشكل والأداء الذي ستعمل به المنظومة – إذا عملت من الأساس.
هناك دراسات تشير إلى أن المبرمجين يرتكبون ما بين 0.5 و50 خطأ في كل ألف سطر من الشفرات التي يكتبونها عند تصميم برنامج أو نظام ما، وهذا مع الأخذ في الاعتبار أن أنظمة السيارات والطائرات تحتوي على ملايين السطور من الشفرات.. فلنتخيل الكارثة أو المشكلة حال وجود خطأ.
أوضح مسؤولو شركة “سترايب” للبرمجيات أن المطور أو المبرمج العادي يستغرق في المتوسط 21 ساعة أسبوعيا لإصلاح أي شفرات بها أخطاء قديمة.
ربما تتجه مشكلة البرمجة نحو الأسوأ في ظل عالم يتطور بشكل مستمر وسريع مع توقعات بنقص في عدد المبرمجين الذين تحتاجهم الشركات لتطوير أنظمتها.
تحدث “آدم بار” الذي عمل مبرمجا في “مايكروسوفت” على مدار عشرين عاماً عن مشكلة في الدراسات الأكاديمية المعنية بالبرمجة وتكنولوجيا المعلومات والتي ربما ينتج عنها ضعف في قدرات المطورين، وبالتبعية، مشكلات وربما أزمات للشركات.
قال “بار” إن بعض الشركات التكنولوجية حتى العملاقة منها كـ”جوجل” تظن أنه بمجرد تخرج أحد المبرمجين أو المطورين من دراسته، فإنه أصبح يمتلك على الأقل الأسس التي تؤهله، وهذا خطأ، فالكثير منهم يظل في حاجة ماسة لمزيد من التدريب والممارسة لصقل مهاراته وقدراته في البرمجة.
حتى لو نجح أحد المهندسين في تطوير برمجيات أو أنظمة تكنولوجية معينة في وقتها، ربما تظهر مشكلات تؤدي إلى كوارث وأزمات بمرور الوقت للشركات.
إذن، نتحدث عنها عن كوارث للشركات والصناعات المختلفة حال وجود خلل أو ثغرة أو انهيار في نظام أو برمجيات، ومن بين تبعات هذه الكوارث خسائر مالية بالطبع.
أيضاً يتضرر اسم العلامة التجارية التي تفشل برمجياتها، فها هي “بوينج” لا تزال غير قادرة على إطلاق طائرات “737 ماكس” في رحلات جوية حتى اللحظة، وهبط سهمها بشكل كبير منذ الأزمة.
يتعطل نمو وإنتاج الشركة التي تتعرض أنظمتها لانهيار فني أو تكتشف ثغرات في برمجياتها مما يؤدي بالتبعية إلى أزمات مالية.
كأي مهنة، يخشى من يعمل بها على مستقبلها في ظل التطور التكنولوجي السريع، وفيما يتعلق بالبرمجة، بدأ البعض يطرح تساؤلاً: ماذا لو نجح الذكاء الاصطناعي مثلا في البرمجة؟
بالتأكيد، في ظل أتمتة كل شيء من حولنا بشكل مستمر، سيتسرب الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلات وإنترنت الأشياء نحو مهنة البرمجة وسيؤثر عليها في المستقبل.
يتوقع أكاديميون أن يصل عدد المبرمجين على مستوى العالم إلى 27.7 مليون مبرمج بحلول عام 2023، كما توقع مكتب الإحصاء الأمريكي نمو عدد مهندسي البرمجيات بنسبة 24% في الفترة بين عامي 2016 و2026.