منع النشر في القضايا* موفق كمال

النشرة الدولية –

منذ 27عام وانا اعمل في الصحافة في تغطية الجريمة بكافة أشكالها،، وكثيرا ما كانت الجهات الرسمية تطلب منع النشر، في كثير من القضايا وتحديدا التحقيقية، مثل الجريمة التي ارتكبت بدافع الشرف الأسبوع الماضي وراحت ضحيتها فتاة أربعينية.

وحتى لا أكسب والدها (المتهم بقتلها) اي تعاطف من الراي العام،، فيتوجب وضع النقاط على الحروف ،، ليس بذكر تفاصيل حياة الضحية التي دفعت لقتلها،، ولكن الغالبية العظمى من جرائم الشرف،، ترتكب بسبب الوصمة الاجتماعية التي تقع على ولي امر الضحية من المجتمع المحيط به،،،فتجعله منبوذا بين الاقارب ومكان سكنه وحتى في العمل.

ولا ينتهي هذا النبذ الا بإراقة دم الضحية،، وفق عادات وتقاليد بالية،، يدفع ثمنها فقط الضحية والقاتل والاسرة والمجتمع.

في صيف عام 1996 اقدم شاب على قتل شقيقته بثلاث رصاصات في عنقها داخل ناد ليلي في عمان،، وسرعان ما سلم نفسه للمركز الامني بعد ارتكابه الجريمة.

كتبت القصة بتفاصيلها في جريدة البلاد الاسبوعية وكلي تعاطفا مع الضحية،، حتى وصلتني رسالة عبر بريد الصحيفة،، جاء فيها تفاصيل موسعة عن الحادثة ،، تقول الرسالة،، ان الضحية اقامت علاقة غير شرعية مع احد سكان منطقتها،، وبعد ان اصبحت حامل بشكل غير شرعي ،، وظهر الحمل على ملامح جسدها،، اضطرت للهروب وتسليم نفسها للشرطة والتي بدورها وضعت الفتاة داخل سجن النساء بعد قرار من الحاكم الاداري لحمايتها.

وحسب الرسالة ان اسرة الفتاة دخلت في نزاع مع عائلة الشاب الذي كانت على علاقة غير شرعية معه ومن ثم اضطرت ان تترك منزلها وترحل بعيدا عن المنطقة حرصا على ما تبقى من سمعتها،، في وقت فان اشقائها شكلوا تنظيما اطلقوا عليه (اخوان مريم) نسبة الى مريم البتول،، وقرروا قتل شقيقتهم لوضع حد للعار الذي يلاحقهم.

اما الضحية فقد خرجت من سجن النساء ولم تجد ملاذا لها او قلوب رحيمة تعطف عليها،، فاضطرت ان تصبح بائعة هوى حتى تستطيع الانفاق على نفسها،، الى ان شاء القدر واستقل شقيقها سيارة تاكسي،، واثناء جلوسه جانب السائق لفت انتباهه صورة لمجموعة فتيات كانت من بينهن شقيقته الطريدة،، فبدأ بخبث يستدرج السائق الذي اتضح انه يعمل (قوادا)،، وابلغه ان لكل فتاة في هذه الصورة سعر،، الى ان كشف السائق عن المكان الذي تتواجد به الضحية،، وبعد ان تاكد القاتل من مكان تواجد شقيقته داخل احد النوادي الليلية ،، توجه حاملا سلاحه ليجهز عليها بثلاث رصاصات.

ملخص القول ،، ان القاتل ضحية كشقيقته او ابنته التي قتلها،، فجميعهم ضحايا مفاهيم اجتماعية سلبية،، ولم يسعفهم احد من مؤسسات العنف الأسري بحلول للابتعاد عن اراقة الدماء.

صحفي أردني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى