كل المسألة… كلام!* د. عنادل المطر
النشرة الدولية –
أكثر ما اتفق عليه الكويتيون أثناء أزمة كورونا هو تعديل التركيبة السكانية، ونتج عن الرأي العام الشعبي الضاغط أن تبنت الحكومة هذا الرأي إلى درجة أن رئيس الحكومة رفع السقف لدرجة تبني قلب المعادلة الحالية ليكون الهدف الوصول إلى 70% من الكويتيين و30% من الوافدين، وطبعاً الكلام ببلاش!
وعندما يكون الكلام كلاما لا خطة محددة الأهداف ومرتبطة بمراحل زمنية، فلن يكون مستغرباً أن تكون النتيجة عكسية مرتبطة بفوضى، وهذا ما يحدث اليوم في الكويت خطوة تليها خطوة بالاتجاه المعاكس، وبسبب وبدون سبب!
إن تعديل التركيبة السكانية أمر لا يحتمل التساهل أو التباطؤ، فهو يرتبط بالمصلحة القومية للكويت والكويتيين وحتى الوافدين.
وحتى لا ندخل في دائرة الكلام والكلام فقط فإنني هنا أطرح أفكارا واضحة ومحددة:
– تحديد نسبة مئوية حتى إن كانت بسيطة للوصول إليها، ويكون ذلك منطقياً ومتناسباً مع الواقع ومصالح البلد، وأن تكون هذه النسب السنوية مرتبطة بهدف حقيقي محسوب، لذا فإن ما طرح بالوصول إلى سبعين في المئة للكويتيين ليس أمراً واقعياً، ولن يحدث، لذا علينا أن نحسبها قطاعا قطاعا ومهنة مهنة، وأن يكون هناك توازن ما بين الرغبة في أغلبية كويتية وحاجة السوق والبلد إلى العمالة الوافدة، ورغبات الكويتيين في العمل، وكذلك مخرجات التعليم، وكيف نوجه مخرجات التعليم بحيث نساعد في تعديل التركيبة السكانية خلال خمس إلى عشر سنوات مقبلة، وهذا الأمر إلى اليوم لم يحدث، وشخصيا غير متفائلة بأنه سيحدث، لأن الحكومة تعودت على أن كلاما يستسيغه الناس، ثم ما إن يثار موضوع آخر حتى تعمل الحكومة عكس ما قالت في الموضوع الأول.
ترجمة ما نقول تشكيل لجنة (هيئة القوى العاملة، جامعة الكويت، التعليم التطبيقي، غرفة التجارة، وزارة الداخلية، وزارة الصحة، وزارة التخطيط… إلخ) وتحديد فترة لا تزيد على ثلاثة شهور لتقديم خطة متكاملة.
– إن تعديل التركيبة السكانية يجب ألا يتم التعامل معه مثل (كود السمك) فالمسألة ليست (شيل وبس)، إنما هناك وظائف تحتاج وقتاً، على سبيل المثال الأطباء، فحين نتجه لتكويتهم علينا زيادة عدد المقبولين في البعثات الخارجية وجامعة الكويت بتخصص الطب حتى نبدأ نحصد بعد عشر سنوات، وهكذا، وهذا ما نعنيه بخطة مدروسة بتعاون الجهات المعنية.
– تعديل التركيبة السكانية لا يجوز أن يتجاهل من أصبحت لديه خبرة في السوق الكويتي فيتم التعامل معهم بالعقلية ذاتها مع العمالة السائبة والهامشية، نرجو تحكيم العقل والحكمة حتى لا ندفع الثمن غالياً.
– ونحن نتجه لتعديل التركيبة السكانية علينا الأخذ بعين الاعتبار عوامل مهمة مثل ما مصير من حصل على قروض من البنوك؟ وكيف تستطيع البنوك أن تحصل على هذه القروض، في حال تسفير أو إلغاء إقامات الوافدين عشوائياً، فهذه البنوك كويتية، والحكومة تضمن الودائع بمعنى إذا تضررت تضرر المال العام؟
– في مقابل الأمثلة التي أوردتها أعلاه، هناك العمالة الزائدة في الجمعيات التعاونية والمطار والتي لها نظام مخالف لقانون العمل بعلم هيئة القوى العاملة والجهات الحكومية الأخرى، وكأنهم لا يرون ولا يسمعون، فهؤلاء لا يتقاضون راتباً، إنما هم من يدفعون يومياً لكفلائهم مقابل عملهم! هذا ليس سرا، ومخالف للقانون كما ذكرت، ويدفع العامل للضغط على الزبون لشيل كيس وزنه أقل من كيلو غرام، أو ينقل الشنطة في المطار بعربة مكتوب عليها أجرة، ومع ذلك يطالب بأكثر لأن الشركة تأخذ منه يومياً مبلغا كبيرا، وهذا ليس سراً أيضاً، فنحن جميعا لا نحتاج لهؤلاء عندما نسافر، لكن هنا أعدادهم هائلة، وبالطبع هناك من سمح ووافق على وجود هذا العدد!
للأسف الشديد إن غياب خطة الحكومة واعتمادها على إصدار قرارات بدون دراسة ثم التراجع عنها مع ردود أفعال الناس (تويتر)، هز ما تبقى من ثقة الناس، ووضع الكويت في مواقف محرجة رغم أنها صاحبة الحق، ومن ذلك ما حدث في قرار منع الوافدين من الدول السبع والذي أثار ضجة في «تويتر»، فكان أن صدر القرار إضافة إحدى وثلاثين دولة مع السماح للجميع بالدخول، إذا جاؤوا ترانزيت من دولة أخرى، هل رأيتم دولة أخرى فعلت ذلك، أم أن اتخاذ القرار يكون على طريقة أفلام سينما الفردوس سابقاً؟!
الوضع محزن وحرج وخطير والحكومة ضايعة، والله يحفظ الكويت.