انفجار مرفأ بيروت: تمزيق رئة الاقتصاد اللبناني* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
لم يود الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت، مساء يوم الثلاثاء 4 آب، بمنطقة حيوية أو مرفأ في دولة صغيرة كلبنان، لا بل أودى برئة الاقتصاد اللبناني وبالمتنفس الأساس للبلد. فمرفأ بيروت كان حتى ساعات مضت من أبرز روافد الاقتصاد اللبناني والمورد الاقتصادي الأول للدولة، نظراً لدوره الحيوي في عمليات الاستيراد والتصدير. فهو يستحوذ على أكثر من 70 في المئة من الحركة التجارية للبنان، في حين تتوزع النسبة المتبقية أي الـ30 في المئة بين طرابلس والمطار والحدود البرية.
على مدى عشرات الأعوام، يحتل مرفأ بيروت مكانة ريادية على مستوى التجارة بين أهم موانئ حوض البحر المتوسط، لاسيما مع ما يتمتع به من فرادة موقعه الرابط بين الدول الآسيوية والأوروبية، ويتعامل مع 300 مرفأ حول العالم.
وإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع مرفأ بيروت، يتألف المرفق العام من خمسة أحواض أحدها قيد الإنشاء. وهو مخصص لاستقبال المستوعبات وتصل حدوده حتى مصب نهر الكلب. يضم مرفأ بيروت 16 رصيفاً والعديد من المستودعات والتجهيزات عالية المستوى، المعنية بالتخزين والتفريغ والتحميل، ما يسهّل عمليات المسافنة عبر مرفأ بيروت .
يرفد مرفأ بيروت سنوياً خزينة الدولة بملايين الدولارات وآخر أرقامه 146 مليوناً عام 2018. لكن منذ سنوات يجري الحديث عن سوء إدارة في المرفأ، وعن مسارب هدر وفساد وتضييع عشرات ملايين الدولارات هدراّ، من خلال التهرب الضريبي والتهرب من الرسوم المرفئية، والنقص الهائل في تعداد الكادر البشري للجمارك في المرفأ، وتضارب الصلاحيات بين إدارة الجمارك والمجلس الأعلى للجمارك وإدارة المرفأ. ورغم كل ذلك، لم يُفتح يوماً أي ملف أو تحقيق قضائي واحد بتلك القضايا.
المرفأ بعد الإنفجار
مرفأ بيروت بعد 4 آب ليس كما قبله، فالمرفأ القديم وهو الجزء المخصّص لاستقبال السفن العادية دُمّر بالكامل مئة في المئة، بفعل الانفجار. ويحتاج الى وقت طويل للتأهيل. وبرأي رئيس غرفة الملاحة الدولية إيلي زخور، على الدولة اللبنانية المباشرة فوراً لاستقدام عروض الشركات المحلية والدولية لاعتماد الـBOT في عملية إعادة بناء وتأهيل المرفأ.
أما لجهة بواخر القمح والسيارات وبضائع جنرال كاربو، فلا مجال لدخولها إلى لبنان حالياً سوى عبر مرفأ طرابلس، الذي يتمتع بالأهلية التامة. لكن مع احتمال حصول تأخير في عمليات الاستيراد ودخول البضائع لعدم سعته كمرفأ بيروت.
محطة الحاويات
يبقى الدور الأهم المُناط بمرفأ بيروت يرتبط بمحطة الحاويات، التي تشغّل نحو 75 في المئة من حركة مرفأ بيروت، إن لجهة نقل البضائع أو لجهة حجم الإيرادات. ووفق حديث زخور إلى “المدن”، ففي كل دول العالم تعتبر محطة الحاويات هي الأساس، خصوصاً أن عبرها تتم حركة المسافنة (تفريغ الحاويات من السفينة إلى المحطة بغرض إعادة الشحن على سفينة أخرى إلى منفذ بحري آخر). وفي مرفأ بيروت لم يتضح بشكل دقيق حتى اللحظة مدى الضرر اللاحق بمحطة الحاويات، “فظاهرياً لا أضرار واضحة في هذه البقعة، أي محطة الحاويات. لكن يعمل المعنيون على الكشف على التجهيزات الضخمة وهي تلك المخصّصة لإنزال الحمولة من البواخر لتحديد حجم الأضرار اللاحقة بها”.
ويمكن لمرفأ طرابلس التعويض مرحلياً عن مرفأ بيروت، يقول زخور، لكن لا بد من وقوع ازدحام في مرفأ طرابلس، حيث توجد رافعتان (crane) فقط في محطة الحاويات. أما في بيروت فهناك 15 رافعة، وتبقى المشكلة في تأخر دخول البواخر إلى مرفأ طرابلس “فالباخرة التي تنتظر في المياه تكبد المستورد بين 20 ألفاً و40 ألف يورو يومياً. لذلك، لا يمكن أن يتمكن مرفأ طرابلس من استقبال أكثر من باخرة واحدة. أما في بيروت فمن الممكن استقبال 3 إلى 5 بواخر في وقت واحد حسب حجمها.