جرح لبنان..وألام رياضتها* د. محمد مطاوع

النشرة الدولية –

هو جرحنا، وجرح الإنسانية بجميع مكوناتها، فما حدث في بيروت، هز وجدان العالم، وتعدى حدود الألم، وفاقم أزمة متأزمة بالأصل، على كافة المستويات، وبالتأكيد الرياضة جانب مؤثر منها.

شهداء وجرحى ومشردون، دمار هائل وهياكل مباني كانت تعج بالحياة، وقلوب أدماها الحزن لفراق أحباب أو فقدان مسكن، ضم عرق وتعب العمر بأكمله.

بيروت..عروس البحر الباسمة، ضحكة الأطفال، والأمل الدائم بالمستقبل المشرق، بيروت..اليوم حزينة ودموعها تفيض بحرا، وعيونها ترنوا نحو السماء، فابناؤها الثكلى اليوم، صقلتهم قسوة الأيام، وشدّت عودهم المصائب، وسينهضون من جديد، فطائر الفينيق ما زال يعيش في وجدانهم.

والرياضة ليست بعيدة عما يحدث في لبنان، فالأزمة الخانقة التي سبقت انتشار فيروس كورونا كانت تهدد بطولة الدوري التي لم يكتب لها أن تنطلق بسبب الأزمة المالية الخانقة التي كانت تمر بها الأندية، فجاء كورونا ليفاقمها ويهدد كيان الأندية التي تخلت عن محترفيها وباتت تبحث عن أقصر الطرق لإغاثة صناديقها.

ما أهون كورونا، أمام كارثة أعادت إلى الأذهان تلك الصور القاسية من الهجوم النووي على هيروشيما وناجازاكي، وما ألطف هذا الفيروس الصغير أمام الدمار والخراب الذي خلفه فيروس الجشع والطمع الذي أدى إلى هذه الكارثة الكبيرة، فالرياضة اللبنانية كانت في بداية مرحلة التعافي الأولى، والفرق بدأت بالتدرب وسط إجراءات احترازية، لكن لا أحد يعلم متى ستعود دورة الحياة للرياضة اللبنانية من جديد.

المدينة الرياضية في قلب بيروت تحولت إلى مستشفى ميداني، والأندية والمراكز الرياضية فتحت أبوابها للمشردين الذين فقدوا بيوتهم نتيجة الانفجار الهائل، ودور الرياضيين تحول من نجوم على العشب الأخضر إلى مساندين لجهود الإسعاف والإنقاذ..

الرياضة اللبنانية بواقعها الحالي قد لا تتمكن من النهوض مجددا، فأزمة كورونا كانت قد فاقمت الأوضاع المعيشية، وتسببت في تردي قيمة الليرة اللبنانية، وبات أمر التعاقد مع مدربين ولاعبين من الخارج أمر خيالي بعد ارتفاع أسعارهم بشكل لا تقدر عليه موازناتهم الضعيفة وعدم توفر العملة الأجنبية، كما أن عملية تسديد رواتب اللاعبين والمدربين ستكون من الخيال لفراغ الخزائن، وغياب الداعمين.

وكما أن لبنان تحتاج لدعم العالم بعد الخراب الذي حل ببيروت، فالرياضة اللبنانية أيضا لا بد لها أن تجد من يمد يد العون لها، لانتشالها من الأزمة الخانقة التي تعيشها من ما يزيد عن السنة، وباعتقادي فالاتحاد الدولي لكرة القدم عليه أن يقوم بخطوة أكبر من مجرد رسائل التعزية والمواساة، وعليه أن يفتح خزائنه من أجل تقديم الدعم لرياضة باتت مهددة بالانقراض، ومثلها بقية الاتحادات والهيئات الرياضية القادرة على تقديم شيء يعيد الحياة للرياضة.

نعم هناك أولويات في لبنان حاليا لإعادة الإعمار، وإصلاح منظومة الكهرباء، وإنقاذ العملة المحلية، إلى جانب المشكلات المزمنة الأخرى، لكن يجب عدم نسيان الرياضة التي لها دورها وأهمية استمرارها، ونذكر جيدا الأصوات التي ارتفعت في أوروبا حول ضرورة استئناف مسابقات كرة القدم، لدعم الجمهور نفسيا وخروجهم من الآثار السيئة التي خلفها الحجر المنزلي بسبب كورونا، وتحدت الاتحادات التحذيرات الطبية واستأنفت البطولات وفق اشتراطات صارمة، من أجل رفع معنويات الشعوب، ومنحهم المتعة والأمل الكبير بالحياة، وهو ما ننتظر أن ينطبق على الرياضة اللبنانية وضرورة دعمها وعدم نسيانها وسط أكوام الملفات الاقتصادية، التي راكمتها الأزمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى