هل هنالك حلولا قانونية لإثبات نسب أطفال الحروب أو أطفال نكاح الجهاد أو أطفال نتاج دواعش؟
بقلم: د. دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
نحن فعلاً أمام مشكلة إنسانية جديدة، جيل ولد خلال العصر الذهبي لتنظيم داعش الذي احتل قسماً كبيراً من العراق وسوريا لفترة طويلة من الزمن، لسنا هنا بهدف تفصيل الأسباب وكيف حدث هذا، فالذي حدث قد حدث وانتهى، نحن هنا لنجد حلولاً قانونية وفق القوانين الدولية لجيل من أطفال لا يملك أوراقاً ثبوتية تثبت نسبهم سواء بفعل ما يسمى نكاح الجهاد أو نسبهم لأباء حقيقيين قاتلوا مع داعش من جنسيات مختلفة ثم اختفوا أو اعتقلوا أو فروا الى أماكن مجهولة.
بدأت الظاهرة عقب احتجاز (قسد) لمئات أطفال وزوجات رجال داعش في مخيمات خاصة عام 2019 (تتحدث احصائيات عن تجاوزهم لعدد الفي طفل) وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال الأيتام ما بين أربعة وعشرة أعوام، معظمهم أشقاء من أم واحدة بسبب فتوى لداعش أجبرت الأرملة على الزواج ثانية برجل أخر لحرمة أن تعيش بدون محرم، وهؤلاء الأطفال بإعتراف الجميع يعانون من اهمال دولي، فلا رعاية ولا دراسة ولا طبابة ولا دعم مادي أو نفسي أو مساعدات تقدم لهم، بإستثناء عدد قليل جداً استقبلتهم دول أجنبية تمكنت من إثبات نسبهم لأبائهم الحاملين لجنسياتها، لكن ما مصير بقية الأطفال من أمهات عربيات وأسيويات؟ القصة ليست حق هؤلاء بالتعليم والصحة والحياة، بل قصة تحديد مستقبل من قد يتحول الى قنابل موقوتة اذا لم تحتويه جهة وتتابع سلوكه وتربيته، والكل يؤكد أن جهود الأمم المتحدة في هذا المجال خجولة ومحدودة ومحصورة جداً بالتواصل مع حكومات دول ينحدر منها هؤلاء لاعادتهم لأوطانهم.
نظراً لغياب المحاكم الشرعية الحكومية في مناطق داعش والمعارضة، فقد انتشر ما يشبه الزواج العرفي وربما الشفوي، ولإثبات النسب من هذا الزواج يتطلب تصديق عقد الزواج في الدوائر الرسمية لأن قانون الأحوال المدنية السوري ينص على أنه “في حال ولادة طفل من زواج غير مسجل، فلا يجوز تسجيله إلا بعد تسجيل الزواج”، لا شك أن معظم الأطفال نتاج زواج شرعي ووالدتهم معروفة لكن اسم الأب الحقيقي هو المجهول، حتى هؤلاء قد لا تشملهم أحكام اللقيط الذي لا يعرف والديه، فقانون الأحوال الشخصية السوري يلحق الابن بأبيه، أما جهل هوية الأب واختفاؤه فيجعل دعوى تثبيت الزواج مردودة شكلاً، ويمنع إثبات نسب الأولاد ما يجعلهم يعيشون بلا هوية ولا حقوق، مع ما يترتب عليهم من أثار نفسية واجتماعية مؤلمة.
الحلول المتاحة ضيقة، وقد تنحصر في أولاً: تبني إحدى دول الغرب جميع هؤلاء الأطفال مع امهاتهم ليعاد دمجهم في مجتمعاتها، ويمكن مفاوضة كندا أو استراليا أو أمريكا والتي تسمح قوانينها بتسجيل الأطفال بإسماء الأمهات، ثانياً: إجراء معالجة وطنية شاملة، وحتى هذا لا يمكن أن يتم الا في نطاق مرحلة انتقالية من النظام الحالي الى نظام سياسي جديد يأخذ على عاتقه معالجة تداعيات المرحلة كاملة من ضمنها هؤلاء الأطفال، ثالثاً: التوافق على إنشاء سجل مدني خاص بهؤلاء الأطفال الذين ولدوا خلال سنوات الحرب، وتسجيلهم مع بيانات أمهاتهم، ودراسة كل حالة على حدا بهدف التحقق من هوية الآباء كي لا يتحوّل الأطفال إلى مكتومي القيد أو عديمي الجنسية، أما في حالة الزيجات التي اختفى فيها الزوج وهو سوري الجنسية ولم تعرف الزوجة حتى اسمه الحقيقي، بحكم النزوح والتهجير، فيمكن بهذه الحالة منح الأطفال نسب أمهم فقط عبر دعوى تثبيت أمومة، مع بقاء خانة الأب فارغةعلى أن يدرس موضوع منحهم جنسية الدولة التي ولدوا فيها كخيار أخير وانساني لا مفر منه.