تفجير بيروت يفك عزلة الحكومة وسط تحذيرات من استغلال المساعدات* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

لن ينسى اللبنانيون الذين شهدوا الانفجار “الزلزال” في مرفأ بيروت، الحادثة، وسيتناقلونها جيلاً بعد جيل. لا يزال المواطن اللبناني يحاول استيعاب ما جرى في بيروت مساء الثلاثاء 4 أغسطس (آب) الحالي. الانفجار الذي أتى على ما تبقى من بيروت الجميلة، جعل منها مدينة منكوبة، ونقل البلد من مكان إلى آخر بلحظات. ضوء النهار كشف عن هول ما أحدثه ظلام وظلم الانفجار، كما أن معظم الأضرار لا يزال مخفياً كالجثث تحت الركام. عيون الناس المذهولة وإن لم تسطع الكلام، لكنها تقول أشياء كثيرة تتمحور حول الذل والإهانة والظلم الذي لحق بهذا الشعب بسبب سلطة فاسدة تراكم إهمالها في أحد مرافق العاصمة حتى انفجر، وتريد أن تتهرب من مسؤولياتها، وكلام الهمس يقول إنها لو كانت إسرائيل وراء الاعتداء لكان أهون علينا من أن يكون الاعتداء جاء ممَن هو مسؤول عنا.

وظيفة “حزب الله” قد تكون شارفت على النهاية

يأتي هذا التفجير عشية النطق بالحكم في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي بات معروفاً أن أربعة قياديين في “حزب الله” هم على رأس المتهمين، وفي ظل أزمة واضطراب سياسي واقتصادي، اتهمت أطراف لبنانية عدة “الحزب” بالوقوف وراءها، بسبب العقوبات المفروضة عليه، ما عزل لبنان دولياً، وفي منطقة يُعاد تشكيلها جيوسياسياً يشعر “حزب الله” أن وظيفته شارفت على النهاية، في ظل تفاوض الدول العظمى على مصالحها في الإقليم. ويطرح ذلك أسئلة عدة، أبرزها: هل الانفجار من تدبير “حزب الله” ويهدف إلى فك عزلة الحكومة الموالية له وللحصول على مساعدات؟ بالتالي كسر تطبيق قانون “قيصر”؟ أو لتحميل رؤساء الحكومة السابقين المسؤولية؟ بخاصة وأن رئيس الحكومة الحالي حسان دياب قال إن هذه المواد مخزنة منذ أكثر من ست سنوات. وهل من الممكن أن يؤدي مثل هذا الانفجار إلى تأجيل أطول لقرار المحكمة الدولية؟

الدولة هي المتهمة

من جهته، يقول الكاتب الصحافي حنا صالح، إنه “سواء كان التفجير المزلزل عمليةً مقصودة أو عدواناً أو نتيجة فساد وإهمال، الدولة هي المتهمة، كل أطراف الدولة من مسؤولين وأجهزة أمنية، كانوا يعلمون بوجود قنبلة موقوتة بين الناس وبين الأحياء السكنية في مرفأ بيروت. ويكفي هذا الكلام الذي لا قيمة له من دياب، الذي يبحث دائماً عمَن يلقي عليه المسؤولية. هو مسؤول أكثر من غيره عن حياة الناس، وأمام هذه الكارثة هناك حل وحيد… أن يستقيلوا. عليهم الرحيل إلى منازلهم”. ويرى صالح أن “أزمة لبنان سياسية ولا يمكن أن تُحل إلا بالسياسة، وبحكومة تكتسب ثقة المجتمع المحلي والدولي، ويمكنها أن تعيد لبنان إلى سكة التعافي”.

الدعم الدولي هو للشعب اللبناني

عن الربط بين الانفجار وفك عقوبات قانون “قيصر”، أشار صالح إلى أنه “لا يمكن استغلال العملية من أجل فك العقوبات وكسر قانون قيصر، لأن الدعم الذي يصل إلى لبنان، يصل إلى الشعب اللبناني، وما من جهة اعترفت بهذه الحكومة، ويكفي أنه من بعد وجوده في السرايا الحكومي لـ 195 يوماً لم يتلق حسان دياب أي دعوة إلى الخارج، ولم يتصل به أي مسؤول في العالم. لم يمر على لبنان عزلةً مشابهة للوضع اليوم، والكل يرى أن زوار الرئيس ميشال عون معروفون، مستشاره سليم جريصاتي وأهل بيته. عزل هؤلاء لبنان وأنفسهم ولا يستحقون قيادة الشعب اللبناني. هم رموز لمنظومة الفساد ولتحالف يتحكم بلبنان جمع بين ميليشيا المال وميليشيا السلاح منذ التسعينينات، والقول إن حزب الله بريء من هذا الموضوع غير صحيح لأنه موجود في المجلس النيابي منذ عام 1992 وموافق على كل الموازنات التي أدت إلى هذا الهدر والفساد”.

وعن الرابط بين التفجير وتأجيل قرار المحكمة الدولية، رأى صالح أنه لا رابط بين المحكمة الدولية وقرارها المنتظر وبين التفجير “وإذا جرت اتصالات وجهود لتأجيل القرار فسيكون أمراً سيئاً جداً، من حق اللبنانيين أن يحظوا بالعدالة. اليوم بعد التفجير الكبير، العدالة بالحكم بقضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري هي للشعب اللبناني وليست لشخص الحريري وعائلته”.

“حزب الله” يتحمل المسؤولية كاملة 

أما الكاتب علي الأمين فيرى أنه “سواء كان حزب الله مسؤولاً عن هذا التفجير أو غير مسؤول مباشرةً، فهو يتحمل المسؤولية بكل الأحوال، وسواء كان التفجير حصل بشكل عفوي أو كان استهدافاً  إسرائيلياً. واذا استندنا إلى الرواية الرسمية حول وجود هذه الكمية الضخمة من المواد القابلة للانفجار، والتي يبدو أن المستفيد منها طرف أساسي في البلاد، إذ لا يمكن أن تكون هذه الكمية ملكاً لشركة خاصة، علماً أنها محجوزة منذ عام 2014 كما قال رئيس الحكومة”.

المساعدات لن تغطي حجم الخسائر الضخم

وعن المساعدات الدولية التي يمكن أن يتلقاها لبنان، لا يرى علي الأمين أن مثل هذه الحادثة ستؤدي إلى تدفق المساعدات بحيث تغطي حجم الخسائر، مضيفاً أن “أي مساعدة لا يمكن أن تغطي إلا جزءاً يسيراً من الخسائر، كما أنه لا يمكن الالتفاف من خلال هذه المساعدات على موضوع العقوبات أو استدرار العطف الدولي”.

وعن فك العزلة الدولية، يشير الكاتب اللبناني إلى أنه، “في هذه المرحلة لا بد من التفاعل مع الوضع القائم في لبنان أي تقديم العون للبنانيين، لكن هذا لا يعني أن ملف السلطة السياسية في لبنان وملف الحكومة بما يتصل بجملة الإجراءات المطلوبة منها في إدارة ما كان يجب أن تقوم به على مستوى الأزمة القائمة الاقتصادية والمالية سيتغير، لأن مقاربة القضايا الداخلية والمعالجات المطروحة مطلوبة من الداخل قبل أن تكون مطلوبة من الخارج الذي سيساعد لبنان، الذي تبنى مطالب الداخل التي ستبقى موجودة وستبقى معياراً في مساعدة لبنان أو عدم مساعدته”.

وعن محاولة الالتفاف على عقوبات قانون “قيصر”، اعتبر الأمين أن “قانون قيصر لا يطال لبنان بمعنى أن لبنان ليس متضرراً مباشرةً منه، بل إنه يطال النظام السوري والمتعاونين معه. المطروح اليوم هي مساعدات تأتي إلى لبنان من خارج الدائرة السورية، وقد ترسل سوريا بعض المساعدات لكن الكل يعلم الوضع السوري، فلن تستطيع أن تنتشل لبنان مما هو عليه، بالتالي لا يمكن الربط بين قانون قيصر والوضع اليوم”. ولم يربط الأمين بين صدور الحكم بقضية اغتيال الحريري وبين التفجير، “إذ لا يوجد مبرر يستدعي التأجيل”، لأن هناك مساراً للمحكمة لن ينتهي بصدور الحكم.

الجدير ذكره، هو أن المحكمة الدولية قررت الأربعاء 5 أغسطس، تأجيل النطق بالحكم في قضية الحريري إلى 18 أغسطس الحالي، بعدما كان ذلك مقرراً يوم الجمعة 7 أغسطس. وأعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيصل إلى بيروت الخميس، حيث يلتقي القادة اللبنانيين. وكان ماكرون عبّر في تغريدة باللغة العربية على “تويتر” عن تضامن بلاده مع الشعب اللبناني.

نقلاً عن “اندبندت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى