ماذا بقي بعد يا “2020” * صالح الراشد

النشرة الدولية –

انتقلت عادة التشاؤم من الأرقام عبر حضارات العالم المختلفة لتصل إلى سنة “2020”، فالصينيون واليابانيون والكوريون والفيتناميون يتشائمون من الرقم”4″ والإيطاليون من الرقم “17”، وعديد دول العالم تتشائم من الرقم “13” فيما يتشائم الروس من الرقم “40”، ويتشائم الفراعنة من الرقم “4233”، لكن جميع هؤلاء ومعهم دول العالم أصيبوا بالتشائم من الرقم “2020” وهي السنة التي حملت العديد من المآسي والكوارث في شتى بلاد العالم ولم تنجو أي دولة من لعنات هذا العام، ويتوقع غالبية سكان الأرض أن في جعبة “2020” الكثير قبل أن يترك البشرية.

 

فقد حمل العام “2020” من الكوارث والمصائب ما لم تحمله سنوات الحروب العالمية، كونه جاء بجائحة كورونا التي لم تسلم منها دولة، بل لقد تسبب هذا الوباء في دمار الدول إقتصادياً وترك العديد من أبناء دول العالم بلا عمل أو موارد مالية، ولم يكن الوباء نقطة البداية حيث سبقه الحريق الكبير في أستراليا والذي تسبب في تدمير “18” مليون هكتار ولم تنجو أستراليا  منه إلا بنزول المطر بغزارة، كما تم في بداية هذا العام إغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني وقائد ميليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بفعل غارة أمريكية في مطار بغداد، ليتم قصف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق ثم إسقاط طائرة أوكرانية مدنية وقتل جميع ركابها ال”176″.

 

وشهد العام “2020” حالة غريبة تمثلت بمحاكمة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، بتهمة الضغط على الرئيس الأوكراني للتضيق على جو بايدن منافس ترامب في الإنتخابات، وتم في نهايتها إعلان براءة الرئيس الأمريكي رغم عدم قناعة غالبية المتابعين بقرار البراءة، ولم تتوقف المفاجأت في هذا العام حيث تخلى الأمير البريطاني هاي وزوجته عن مهامها والإنسحاب من العائلة المالكة، ويبدو أن مرض الإنسحاب بريطاني الاصل حيث إنسحبت بريطانيا رسميا من الإتحاد الأوروبي، كما لن ينسى العالم إسم جون فلويد حيث خرجت المظاهرات في شتى دول العالم إنتصاراً للرجل الذي قتلته الشرطة الأمريكية بطريقة بشعة بسبب لون بشرته.

 

“2020” يرفض أن يغادر إلا بالمزيد من الهموم والمصائب فإنتشر وباء كورونا في العالم، وتسبب في إنهيار الأسواق العالمية وبدأت حرب الكمامات في العالم حيث قامت العديد من الدول بخطف صفقات الكمامات من دول أخرى بل وصل الأمر إلى سرقة هذه الكمامات، كما ظهر ضعف المنظومة الطبية في الدول الكبرى التي أعلنت عن عدم قدرتها على مواجهة جائحة كورونا والتي يذهب الكثيرون إلى أنها مؤامرة عالمية ضخمة تقودها قوى تفوق بقوتها الدول العظمى.

 

عربياً فإن المصيبة الكبرى تمثلت في تراجع الأوضاع في ليبيا إلى درجة اصبحت خارج السيطرة بفعل القوى الإقليمية التي أرادت حصتها من الدم والبترول الليبي، كما قامت اثيوبيا بالضغط على مصر وقامت بملء سد النهضة ضاربة عرض الحائط بجميع الإتفاقات الموقعة بين دول المنبع والمصب، وخلال هذه الفترة زادت الهوة بين الدول الخليجية حتى وصلت إلى الإبتعاد الكلي عن المصالحة، وهذه الحالة المرضية أصيبت بها منظمات السلطة الفلسطينية وحماس، وجاءت النهاية لغاية الآن صادمة وتمثلت بإنفجار بيروت وسط أزمات متلاحقة تطارد سكان بيروت من عدم وجود الكهرباء ونقص العملة الأجنبية وتفاقم التوتر بسبب إقتراب إصدار المحكمة الدولية حول قضية إغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري.

 

بدوره عانى الأردن من عام “2020” أكثر من الدول الأخرى لكنه صمد في وجه التحديات المتلاحقة ، فتعامل مع جائحة كورونا بطريقة نموذجية ساهمت في إنقاذ الشعب ولكن الدولة تحملت خسارات مالية كبرى مقابل ذلك مما اثر على الوضع الإقتصادي، وما أن تفرغت الدولة لقضايا أخرى حتى خرج المعلمون في إعتصامات مؤثرة قامت الحكومة على إثرها بسجن أعضاء النقابة ، وفي ذات الوقت إنتشر التسمم الغذائي في منطقة عين الباشا والذي عُرف ب”تسمم الشاورما”  ليصاب أكثر من “1500” مواطن، ولحق به تسمم غذائي من الفلافل، وفي ذات الفترة حصلت عدة عمليات للقتل في بعض الأسر الأردنية، ورغم ذلك تقف الاردن على قدميها بقوة بعد أن تجاوزت تداعيات صفقة القرن وقرار ضم الغور.

 

عام “2020” لم ينتهي حيث لا زال كورونا يهدد العالم بموجة ثانية تعتبر حسب الخبراء قاتلة واكثر شدة من سابقتها، كما يتواصل الإنهاك الإقتصادي العالمي بفعل كورونا، وفي هذا العام بقي ايضا إنتخابات الرئاسة الأمريكية حيث يتوقع الخبراء حدوث حرب أهلية في حال خسارة ترامب للإنتخابات التي ستقام الإكترونياً، وقد تكون الإنتخابات نقطة سوداء في تاريخ الديموقراطية الأمريكية، وقبل نهاية العام ستجري الإنتخابات الأردنية لمجلس النواب وهي التي يتوقع أن يلعب فيها المال الأسود دوراً كبيراً، لذا فإن مفاجآت سنة “2020” لم تنتهي لنتساءل هنا، ماذا بقي في جعبة “2020”؟، فهل إنتهت المصائب أم بقي الكثير؟… الله أعلم ..!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى