أزمة غير مسبوقة بسبب كورونا للاقتصاد الجزائري

النشرة الدولية –

يواجه الاقتصاد الجزائري تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد مع انخفاض قيمة الدينار وارتفع التضخم وتوقف الشركات عن العمل، وكل هذا يأتي إلى جانب انخفاض عائدات النفط.

وحذر خبراء الاقتصاد من أنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمواجهة الوضع على نطاق واسع، فإن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية سيصبح أمرا لا مفر منه.

وأعلن الديوان الوطني للإحصاء عن “أرقام مقلقة” من انخفاض بنسبة 3.9 بالمئة في إجمالي الناتج الداخلي في الربع الأول من 2020 إلى اقتراب نسبة البطالة من 15 بالمئة في يوليو/تموز بعدما ثبتت عند 11.4 بالمئة في نهاية 2019 ، حسبما كشف منصور قديدير، الأستاذ المشارك في المدرسة العليا للاقتصاد في وهران.

وباستثناء قطاع الطاقة انخفض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1.5 بالمئة في الأشهر الثلاثة الاولى من السنة مقابل زيادة قدرها 3.6 بالمئة للفترة نفسها من 2019، بحسب ديوان الإحصاء وهو هيئة حكومية.

ومع إجراءات الحجر منيت الشركات المملوكة للدولة بخسائر تبلغ نحو مليار يورو، من جراء الأزمة الصحية، حسب تقديرات وزير المالي أيمن بن عبدالرحمن.

وتعد الجزائر من أكثر البلدان العربية تضررا من فيروس كورونا، حيث سجلت نحو 35 ألف إصابة، وتوفي جراء المرض أكثر من 1200 شخص حتى الآن، فيما تكابد السلطات الجزائرية للسيطرة على الوباء.

ولم يتم تقييم خسائر القطاع الخاص بعد، لكن العديد من المتاجر المغلقة بما في ذلك المطاعم والمقاهي ووكالات السفر. وهي تواجه خطر الإفلاس بسبب إغلاقها منذ 19 مارس/آذار.

واعترف رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد بأن “الجزائر تعيش وضعا اقتصاديا صعبا غير مسبوق ناتج عن أزمة هيكلية للحكومات السابقة، إضافة إلى انهيار أسعار البترول وأزمة فيروس كورونا”.

يعتمد أكبر اقتصاد في منطقة المغرب العربي على عائدات النفط، مما يعرضه لتقلبات الأسعار، بسبب عدم تنويع الموارد.

وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، سيشهد الاقتصاد الجزائري انكماشا نسبته 5.2 بالمئة هذا العام مع عجز في الميزانية هو الأعلى في المنطقة.

وأكد قديدير أنه ما لم يتم إجراء إصلاحات “سيدخل الاقتصاد الجزائري حتما مرحلة انكماش واللجوء الى الاستدانة الخارجية سيصبح حتميا”. وأضاف “سيتم الحجر على البلد وستفتح أبواب جهنم عليه وتخرج كل الشرور؛ أعمال شغب ووحدوية وتطرف ديني”.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون استبعد اللجوء إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي أو من الهيئات المالية الدولية الأخرى باسم “السيادة الوطنية”.

وتحتفظ الجزائر بذكريات مؤلمة من لجوئها عام 1994 إلى صندوق النقد الدولي وخطة الإصلاح الهيكلي أدى إلى تخفيضات هائلة في الوظائف وإغلاق شركات عامة وخصخصة جزء منها.

لكن الحكومة الجزائرية أعدّت خطة للانتعاش الاقتصادي، وقررت في بداية مايو/أيار خفض ميزانية تسيير الدولة إلى النصف.

وفي قانون المالية االتكميلي لسنة 2020 تم إقرار انخفاض إيرادات الميزانية إلى حوالي 38 مليار يورو، مقابل 44 مليار يورو كانت متوقعة في الميزانية الأصلية.

وتنبّأ الخبير الاقتصادي عبدالرحمن مبتول أن “يتراجع احتياطي العملات الأجنبية الى 37.21 مليار يورو مقابل تقديرات أولية ب43.44 مليار يورو”.

وبحسب الخبراء، فإن الحلول متوفرة لتفادي الانكماش، لكن أي حل سيتطلب إصلاحات جذرية.

واقترح قديدير تخفيض معدلات فائدة، مع استقطاب الأموال المتداولة في القطاع غير الرسمي وخفض الضرائب اعتمادا على عدد فرص العمل الجديدة التي يتم خلقها.

ودعا إلى إطلاق مشاريع كبرى مثل استخدام الصحراء لبناء مناطق صناعية زراعية مع بنية تحتية للتجهيز، بالإضافة إلى توسيع شبكة السكك الحديدية إلى الجنوب، وكل ذلك باستخدام القوى العاملة المحلية المؤهلة.

واعترف مبتول بأن المحروقات ستبقى مصدر الإيرادات الرئيسي للسنوات الخمس أو العشر القادمة، مشيرا إلى أن خطة الخروج من الأزمة الاقتصادية يجب أن تستند إلى حوكمة جديدة ولا مركزية، تعتمد على خمس أقطاب اقتصادية جهوية.

 

ودعا إلى “تكافل بين الدولة والمواطنين يضم المسؤولين المنتخبين والشركات والبنوك والجامعات والمجتمع المدني من أجل محاربة البيروقراطية” التي تشل البلد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى