لماذا لن تؤدي استقالة الحكومة اللبنانية إلى التغيير المنشود؟

النشرة الدولية –

كانت قوات الأمن تطلق الغازات المسيلة للدموع على المتظاهرين حول مبنى البرلمان عندما أطل رئيس الوزراء حسان دياب على الهواء مباشرة لإعلان استقالة الحكومة، كما ألقى باللوم في الأزمة على القوى السياسية في السلطة، وزعم أنه حاول معالجة ويلات لبنان لكنه اكتشف أن الفساد أكبر من الدولة، وفقا لصحيفة الاندبندنت.

لقد خمدت المسيرات في أعقاب إعلانه، لكن لم تكن هناك احتفالات جماهيرية في بيروت، بدلاً من ذلك، قال الناس بحذر إنها كانت “خطوة أولى جيدة”، وأضافت شيرين، المتظاهرة التي احتاجت إلى العلاج في المستشفى بعد أن نجت بصعوبة من الموت خلال انفجار الثلاثاء: “لم نثق بهذه الحكومة منذ اليوم الأول”.

وتابعت: “نحن بحاجة إلى تنحي النظام بأكمله بما في ذلك الرئيس”.

وقبل أيام قليلة، قام المتظاهرون الغاضبون في ساحة الشهداء في لبنان برفع تماثيل جميع الشخصيات السياسية في البلاد وهم معلقون على المشانق، كما اقحمت الحشود مباني بعض الوزارات واستولت عليها لفترة وجيزة.

كما تصاعد الغضب في الشوارع عندما أظهرت تحقيقات ووثائق مسربة أن جهاز امن الدولة كان قد راسل رئيسي الجمهورية والحكومة، وأطلعهم على الخطر الكامن في مرفأ بيروت، جراء تخزين 2750 طن من مادة نترات الأمونيوم التي يُعتقد أنها تسببت في الانفجار، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة 6000 آخرين.

ولكن السؤال الذي يطرحه اللبنانيون والمراقبون الآن ماذا بعد استقالة الحكومة؟ وهل استقالة الحكومة تعني بداية التغيير؟

عمليًا في الوقت الحالي، تظل الحكومة في منصب تصريف الأعمال حتى تتفق الكتل النيابية، بناءً على استشارات يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، على اسم رئيس وزراء جديد، وهو الأمر الذي يستغرق عادو بضع شهور، مما يعني أن حكومة دياب ستصرف الأعمال لأشهر قادمة، بحسب الصحيفة.

وترى الصحيفة أن أسماء البدائل المحتملة التي يتم تداولها في أروقة السلطة مألوفة، ومن بين هؤلاء سعد الحريري رئيس الوزراء السابق، وكذلك المرشح السابق لرئاسة الوزراء نواف سلام، وهو دبلوماسي عريق وله علاقات خارجية جيدة، ولكن الصحيفة رأت أن الإسمين لا يمثلا تطلعات المتظاهرين.

أما صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية فترى أنه من الصعب إحداث أي تغيير في لبنان بوجود هيمنة من حزب الله الذي يسيطر على مفاصل الدولة الأساسية، وهو الذي أتى بحسان دياب، ثم ضحى به بالتعاون والتشاور مع حليفيه حركة أمل والتيار الوطني الحر، وخلصت الصحيفة إلى أن من سيحل مكان دياب سيأتي كذلك بموافقة الحزب، ولن يقدمها له الحزب دون حصوله على ضمانات بأن الرئيس سينفذ أجندة الحزب الداخلية والخارجية.

وأشارت الصحيفة إلى أن النظام الطائفي في الحكم، والذي يشترط بأن يكون رئيس الوزراء مسلم سني، ورئيس البرلمان مسلم شيعي، ورئيس الدولة مسيحي ماروني، سيأتي برئيس حكومة مشابه لتوجه عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري المقربان من حزب الله.

وأوضحت أنه لا يوجد دليل على أن رئيس الحكومة الجديد سيفعل أكثر ممن سبقوه في ظل وجود حزب الله، وسياسة يسيطر عليها ويتحكم بها، مؤكدة أن فرصة التغيير ضئيلة.

وقال راؤول نعمة الذي كان حتى مساء الاثنين وزير الاقتصاد: “لا أعتقد أننا سنصل إلى حل حقيقي طويل الأمد دون تغيير كامل في النظام السياسي أو الدستور.”

ومع ذلك، هناك قدر هائل من الضغوط على القوى السياسية من أجل الإصلاح ليس فقط من الشارع اللبناني ولكن أيضًا من المجتمع الدولي، وفقًا لمهى يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط.

وتابعت يحيى: “لم يعد الأمر يتعلق بانهيار سياسي، بل أزمة إنسانية هائلة تأتي في أعقاب الانهيار الاقتصادي الشامل، هناك حاجة ماسة للمساعدة، وكل الأنظار على لبنان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى