اسم سعد الحريري يبرز لتشكيل حكومة جديدة بعد توافق القوى الأساسية عليه
النشرة الدولية –
عاد اسم سعد الحريري ليبرز لتشكيل حكومة جديدة بعد توافق القوى الأساسية عليه خصوصاً إصرار الثنائي الشيعي على تسميته لكن لم يتضح بأي توازنات سياسية ستأتي الحكومة مع مؤشرات على بروز تعقيدات دولية وإقليمية.
تتقاطع كل التقديرات الحكومية في لبنان على وجود توافق بين جميع الأفرقاء لتشكيل حكومة بسرعة تلملم الوضع الاقتصادي والأمني الذي وصلت اليه البلاد. ويبدو أن “نجم” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عاد ليسطع من جديد بعد بروز مطالبات به أبرزها من “الثنائي الشيعي” الذي يحاول العودة إلى سياسة “ربط النزاع” معه أي تسميته لرئاسة الحكومة مقابل غضّ الحريري النظر عن الملفات الخلافية معه وتحديداً فيما خص موضوع سلاح “حزب الله”.
لكن المشهد الداخلي يبدو مرتبطاً عضوياً بالأجواء والضغوطات الأميركية على لبنان، فمع وصول وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل اليوم إلى بيروت كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أمس، أنّ”الإدارة الأميركية تحضّر لفرض عقوبات جديدة ضدّ سياسيين ورجال أعمال لبنانيّين بارزين”، مشيرة إلى أنّ “هذه العقوبات، التي ستشمل حزب الله وحلفاءه، تهدف إلى كبح الفساد وإضعاف نفوذ الحزب في الداخل، في أعقاب الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت الأسبوع الماضي”.
وتساءلت مصادر سياسية متابعة عبر “الجريدة” أمس: “كيف سيوفق الحريري بين الهجمة الأميركية تجاه الحزب وبين مطلب هذا الأخير بربط النزاع؟”
وعلى خط تشكيل الحكومة، أشارت مصادر متابعة إلى أن “الاستشارات النيابية الملزمة لن يُحدّد موعدها قبل أن تتوضّح مواقف الكتل من رئيس الحكومة وشكلها”.
ونقلت قناة “الجديد” خبراً مفاده بأن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تبلّغ رسمياً من رئيس مجلس النواب نبيه بري رفض الثنائي الشيعي طرح السفير السابق في الأمم المتحدة نواف سلام رئيساً للحكومة”. وسرعان ما بادرت حركة “أمل” إلى نفي الخبر جملة وتفصيلاً”.
ولفتت “الجديد” إلى أن “الرئيس الحريري سيقوم بجولة غربية ليرى إن كانت الظروف تسمح بنجاح توليه الحكومة”،لافتة إلى أنه “لا ضمانات حتى اللحظة بأن المساعدات ستتدفق إلى لبنان أو أن تكون الولايات المتحدة داعمة للبنان”.
وكان لافتاً أمس، تلقي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اتصالاً هاتفياً مطولاً من الرئيس ماكرون تباحثا فيه في آخر التطورات والسبل الآيلة إلى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به الرئيس الفرنسي بخصوص الأزمة اللبنانية.
ويبدو أن الاتجاه الفرنسي هو الضغط على الأفرقاء اللبنانية في الداخل لتشكيل حكومة “لم شمل” تجمع كل الأطراف دون أن تضم وجوهاً حزبية مستفزة.
واتصل ماكرون لاحقاً بالرئيس الإيراني حسن روحاني. وقال قصر الإليزيه إن الرئيس الفرنسي أبلغ نظيره الإيراني أن على كل الأطراف المعنية الكف عن التدخل الخارجي في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة.
كما اتصل ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دعا إلى عودة الهدوء من دون تدخلات خارجية.
ومع إعلان إيفاد ماكرون مبعوثاً للبنان لمتابعة التطورات عن كثب، يصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل إلى لبنان، اليوم، في زيارة رسمية تمتد يومين.
وسيجري هيل لقاءات موسعة مع المسؤولين والقوى السياسية. وفي المعلومات، أنّ هيل لن يقدم أي طرح يناقض مبادرة الرئيس الفرنسي التي تتناول شكل الحكومة المقبلة، وإن كانت بلاده تؤكد أهمية تأليف حكومة مستقلة.
ويحمل هيل في جعبته ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وكذلك موضوع تعديل أو تعزيز مهام قوات اليونيفيل.
في موازاة ذلك، خفتت خلال اليومين الماضيين الأصوات المطالبة باستقالات جماعية من مجلس النواب. وكشف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أمس، ان “القوات كانت أول من طرح موضوع الاستقالة وهي حتى هذه اللحظة في جيبنا لكن لا يمكن أن نستقيل إذا كانت استقالتنا ستؤدي لتقوية قوى السلطة”.
وأضاف جعجع: “بعد استقالة الحكومة تريث كل من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي في تقديم الاستقالة من المجلس النيابي وبقيت القوات وحدها كالعادة”. ولفت إلى أننا “مع حكومة جديدة بوجوه جديدة ومع حكومة مستقلين وضد حكومة الوحدة الوطنية”، في إشارة إلى رفضه عودة الحريري الى السدة الحكومية.
بدوره، قال السفير الروسي ألكسندر زاسبكين، أمس، إن “موسكو تفضل أن تتشكل حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري ووفق المعايير”، لافتاً إلى أن “حكومة دياب حاولت أن تدير الأزمة لكن الجميع اعترفوا أن الوقت قد حان لتغييرها ولا ضمانة بأن تكون الحكومة الجديدة فعّالة”.
في سياق منفصل، لا يزال انفجار المرفأ الأسبوع الماضي محط متابعة سياسية رئاسية وقضائية. واطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمس، من قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير المخابرات العميد طوني منصور على المراحل التي قطعتها عمليات رفع الأنقاض وانتشال الضحايا في مرفأ بيروت، وأعمال الإغاثة وتلقي المساعدات من الدول العربية والأجنبية، وتوزيعها، إضافة إلى الأوضاع الأمنية. وأعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، أمس، رداً على ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي حول تبلغ الرئيس عون تقرير المديرية العامة لأمن الدولة بتاريخ 20-7-2020 عن وجود كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في المرفأ أنها “وفور تبلغ الرئيس عون التقرير المذكور قام المستشار العسكري والأمني بإعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لإجراء اللازم، علماً أن الأمين العام للمجلس قد تبلغ بدوره نص التقرير وفقاً للأصول على ما أفاد في بيانه التوضيحي تاريخ 8-8-2020 وأحاله إلى المراجع المختصة”.
أما قضائياً، فكشفت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم أنها “أرسلت إلى مجلس القضاء الأعلى المرسوم الذي يتضمن اسم المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت”.
وقالت: “نحن بانتظار اجتماع المجلس لنعرف النتيجة، والاسم الذي اخترته هو بالنسبة لي قاضٍ متحرر من السياسيين والقضاة والأجهزة الأمنية. وأفيد بأن وزيرة العدل اقترحت القاضي سامر يونس محققاً عدلياً وأرسلت الاسم إلى مجلس القضاء الذي رفضه وبقي مجتمعاً حتى مساء أمس في انتظار ورود اسم آخر.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بعد جولة قام بها في مرفأ بيروت أمس، إن “لبنان يحتاج لحكومة يمكنها محاربة الفساد وتنفيذ الإصلاحات”، معلناً تقديم بلاده “مساعدات مالية طارئة للبنان بقيمة 20 مليون يورو”.