أكثر من خمسين لوحة… معرض تشكيلي لرسّامو الكاريكاتير العرب يناهضون التحرّش والتنمّر

النشرة الدولية

“لا للتحرّش.. لا للتنمّر” مثّلت هذه الثيمة رؤية فنية جديدة لمجموعة من رسّامي الكاريكاتير الشباب من المصريين والعرب، حيث بدأت الفكرة بعروض افتراضية لأعمال الفنانين، ثم استضافت مكتبة القاهرة الكبرى أعمال الفنانين المشتركين في هذا الطرح في معرض انعقد ميدانيا منذ أيام قليلة، وتتواصل سلسلة المعارض تحت العنوان ذاته في 16 أغسطس الجاري في غاليري “لمسات” بالقاهرة.

على الرغم من أن معارض “لا للتحرّش.. لا للتنمّر” ذات مضامين إنسانية، على اعتبار أن التنمّر والصور المختلفة للكراهية والاعتداءات على البشر ليست قاصرة على المرأة، فإن كيانات نسوية قد أسهمت في دعم هذه المعارض ومساندتها، منها “رابطة رسّامات الكاريكاتير” برئاسة الفنانة هويدا إبراهيم، قوميسير معرض مكتبة القاهرة الكبرى، ولجنة المرأة بمنظمة العمل العربية.

وترأس غاليري “لمسات” الذي تحمّس لاستضافة المعرض التشكيلية نيرمين شمس، ويُلاحَظ أن الكثير من الأسماء المشاركة في المعرض، هي أسماء نسائية.

أشارت الفنانة هويدا إبراهيم، لـ”العرب”، إلى أن الأعمال المشاركة ركزت أكثر على المرأة كون قضية التحرّش الجنسي مقترنة بأطياف الاعتداء على النساء بشتى درجاته، واستحوذت على اهتمام الفنانات، خصوصا من عضوات “رابطة رسّامات الكاريكاتير”، أكثر من قضايا التنمّر والاعتداءات والانتهاكات ضدّ فئات المجتمع المختلفة من رجال ونساء وأطفال.

وأوضحت أن انتشار التحرّش والتنمّر وسائر أنماط الكراهية والاعتداءات البدنية والنفسية على البشر في مصر والدول العربية وجميع أرجاء العالم أمر لا يخفى على أحد، وهنا على الفنون والقوالب الإبداعية الجذابة الشيقة التصدّي لمثل هذه الظواهر التي تؤثّر بالسلب على المجتمعات، وضروري أن يضطلع رسّامو الكاريكاتير بدورهم المأمول في توعية شعوب المنطقة، لاسيما الشباب، والتصدّي لتيارات العنف والظلام.

وطرح فنانو المعرض فكرة تقديم نماذج بورتريهات للفنانين والفنانات الذين تعرّضوا للتنمّر في مستهل حياتهم، لكنهم قبلوا التحدّي، وصاروا نجوما في عالم الفن رغم الحملات السخيفة ضدّهم بسبب ملامحهم.

واشتمل المعرض على أكثر من خمسين لوحة لثلاثين مبدعا ومبدعة من دول عربية عدة، منها: مصر، الإمارات، لبنان، سوريا، العراق، اليمن، ومن هؤلاء الرسّامين: حمودي عذاب رئيس جمعية الكاريكاتير في العراق، شهيرة سري، هبة علي، بيتر رجائي، مينا منصور، شهد مدحت، علا هاني، هويدا إبراهيم، محمود الرفاعي وغيرهم.

وأكّدت الفنانة نيرمين شمس، رئيسة مجلس إدارة غاليري “لمسات”، أن ثيمة معرض “لا للتحرّش.. لا للتنمّر” إنسانية عالمية، ورمز لكل أشكال الاختراقات التي تُمارس يوميا في كل مكان، والاستقواء على الضعفاء دون حق.

وقالت في تصريح لـ”العرب”، إن رسوم الكاريكاتير خصوصا والفنون التشكيلية عموما منوطة بمناهضة الأزمات ومواجهة المشكلات الاجتماعية وإيجاد حلول للقضايا الملحّة، وهذه الأزمات التي فجّرها الفنانون والفنانات منتشرة بكل أسف وبارزة وطافية في مختلف الدول، حتى المتقنّعة بالثقافة والحضارة، ويأتي التحرّش الجنسي على رأس قائمة الانتهاكات المُزرية.

وأضافت “إن المعرض يسلّط الضوء على قضية التحرّش والتنمّر وكل ما من شأنه أن يدعو إلى العنف والإرهاب، وفكرة لا للتحرّش هي قضية صعبة ومعقدة، ولكن عندما يتم طرحها بأسلوب جذاب مثل فن الكاريكاتير والأشكال السينمائية والقوالب الإعلامية المخفّفة، تكون أكثر قبولا وإقناعا لدى الشباب، لرفع الوعي لديهم بأن المرأة يجب أن تصان ولها مكانتها في المجتمع”.

وأشادت بالمشاركة المصرية والعربية في المعرض وتواجدهم بأعمار مختلفة، ووجود نماذج بورتريهات للفنانين الذين تعرّضوا للتنمّر مثل الفنان أحمد زكي والفنان إسماعيل ياسين والفنانة زينات صدقي وكيف أنهم أصبحوا نجوما في عالم الفن.

تعدّدت أشكال التعبير وآلياته في أعمال رسّامي الكاريكاتير العرب، حيث مال بعض الفنانين إلى قدر من التجريد وتحميل اللوحة الكاريكاتيرية بمعطيات التشكيل البصري الثقيلة، فالمرأة مثلا بلا ملامح محدّدة تتطاير مع الأدخنة في متاهات الضياع، أو هي دمعة كبيرة نازفة، أو كائن مسلّع وورقة مالية متداولة في الأسواق، كما في رسوم شهيرة سري وبيتر رجائي وهبة علي.

تقصّى الفنانون في أعمالهم مبرّرات انتشار العنف ضد المرأة، ومنها التمييز بينها وبين الرجل، وسيادة المفاهيم الذكورية (أنتِ بنت وهو ولد، الرجل لا تعيبه أخلاقه، ملابسك هي السبب.. إلخ)، ووصفوا المرأة في أعمالهم الساخرة المريرة بأنها بلا فم ولا لسان (لا تستطيع الشكوى حتى)، كما وصفوا الرجل بالازدواجية، كأنه يرفع لافتة الفضيلة بيد، فيما يرفع ثوب المرأة ليعريها بيده الأخرى.

وجسّد الفنان حسن أحمد المرأة مصلوبة ومشنوقة في آن بسبب كونها أنثى في مجتمع ظالم ينتهك كل حقوقها ويبرئ الرجل من تهمة التحرّش بها بحجة أنها هي التي أثارت غريزته، وصوّرتها الفنانة هويدا إبراهيم هدفا في مرمى نيران الرجل المعتدي عليها بلسانه ويده وسائر جوارحه.

وأبرز الفنان محمود الرفاعي كيف صارت المرأة لا تحظى بالأمان في الشارع، الذي تتلقى فيه كافة أشكال “المُعاكسة” والإهانة والاعتداء اللفظي، وأحيانا البدني، دون حماية كافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button