نجاح الخارطة الحزبية يعتمد على البيئة التشريعية
بقلم: د. دانييلا القرعان

النشرة الدولية –

تنمية الحياة الحزبية في الاردن ليست فقط قانون أحزاب جديدا أو قديما والذي ينظم عملية التسجيل بشكل كامل، بل إن «المشكلة الأساسية ترتبط بعدة عوامل أهمها المناخ السياسي وتأثيره على الحياة الحزبية، فالتدخل الأمني في الحياة المدنية يجعل قانون الأحزاب بلا تأثير ولا أهمية.

 

تطور الحياة الحزبية بشكل تدريجي ومنظم يرتبط بشكل أساسي ومحوري بالبيئة التشريعية السائدة والمناخ السياسي المتوفر، فالبيئة التشريعية ترتكز كما هو معروف على قانون الانتخاب ونظام تمويل الأحزاب السياسية ، ومرتبط ببيئة العمل السياسي، وعدم التدخل الأمني، لكن في المقابل نلاحظ أن المناخ السياسي الحالي في الأردن إذا استمر بالتضييق على الحريات، لن يؤدي إلى قيام حياة حزبية حقيقية وتنافسية وبرامجية صحيحة وفعالة، ومشجعة بانضمام الكثير كأعضاء فاعلين في الأحزاب، وبالمقابل هندسة الأحزاب لن تنتج حياة حزبية أبدا، بل ستقيم ما يتم تنظيمه ورسمه بالوصول إلى ثقافة وحياة حزبية حقيقية .

 

أما بالنسبة لقانون الأحزاب الجديد فإنه ينسجم ويؤكد حقيقة أن البرلمانات لن تستعيد قوتها وهيبتها ودورها التشريعي والرقابي تحت قبة البرلمان إلا بتوفير بيئة حزبية خصبة وعمل حزبي حقيقي منظم قائم على برامج حزبية يتم تطبيقها على أرض الواقع.

 

النهوض الوطني والاستفاقة من ركود حزبي طال كثيرا على مر السنوات، وبالرغم أن لدينا 50 حزبا مرخصا وقانونيا إلا أن اثنين فقط لهم تأثير بالساحة الحزبية الأردنية، وهذا يؤكد أن هذا العمل ليس فقط الحصول على مزايا كان يوفرها القانون القديم من خلال نظام تمويل الأحزاب، بل أن تكون تلك الامتيازات الممنوحة مرتبطة بحجم الانجاز وكمية التنوع، والامكانيات التي يتم منحها وإزالة العقبات والتحديات والمعوقات التي تقف أمام إنجاح العمل الحزبي، ويعتمد على القدرة على تمكين الشباب والمرأة بكافة الميادين والمجالات.

 

من أحد أسباب نجاح وفاعلية القانون الجديد للأحزاب السياسية أنه تضمن إضافة مهمة تتعلق بتجريم من يتعرض للعمل الحزبي، أو يسعى إلى النيل منه أو إيقافه، وبالمحصلة بهذا التجريم القانوني الذي تضمنه القانون الجديد أنه تجاوز مرحلة الفوبيا الحزبية والخوف من الإسقاطات السابقة والتجارب الفاشلة المتعلقة بأذهان الناس عن العمل الحزبي.

 

رغم عملية التحول الديمقراطي التي شهدها الأردن منذ عام 1989، فقد تأخرت العودة العلنية للأحزاب إلى الساحة السياسية حتى عام 1992. ففي انتخابات 1989 لا يمكن الحديث عن غياب كامل للأحزاب في هذه الانتخابات 89، إضافة إلا أن جماعة الإخوان المسلمين (لم يشملها قرار حظر الأحزاب عام 1957 باعتبارها جمعية وليست حزباً). أما انتخابات عام 1993 سبق هذه الانتخابات صدور قانون الأحزاب رقم 32 لسنة 1992، وبالتالي عودة الأحزاب بشكل علني إلى الساحة الأردنية. ويمكن تصنيف الأحزاب في هذه الفترة ضمن أربعة تيارات،الأحزاب القومية،الأحزاب الدينية،الأحزاب الماركسية/اليسارية،الأحزاب الليبرالية/الوسطية. وبقي هذا الأمر طوال السنوات الماضية وصولا إلى عام 2022 الذي منح هذا العام مساحة وحيز كبير للاهتمام بالأحزاب السياسية وتشجيع قطاع الشباب والمرأة للانضمام كأعضاء فاعلين للأحزاب والتي ستكون المرتكز الأساسي في الانتخابات النيابية القادمة، وتشجيع من جلالة الملك عبدالله الثاني على الانخراط بالعمل الحزبي بشكل موسع خصوصًا فئة الشباب الذين سيكون لهم الدور الأكبر في إنجاح رسم الخارطة الحزبية والسياسية في الاردن في مقتبل الأيام..

Back to top button