مصارف لبنان تُمعن بالبطش من باب “الشيكات”.. وBLC نموذجاً
النشرة الدولية –
دائماً ما تشجع المصارف اللبنانية عملاءها، لاسيما منهم أصحاب الحسابات الدولارية، لاستخدام البطاقات المصرفية في عمليات الشراء، وتحرير الشيكات المصرفية لدفع استحقاقات تفوق السقوف المالية النقدية المسموح بسحبها شهرياً. في المقابل، لا تتردّد المصارف بعرقلة صرف الشيكات المسحوبة على مصارف أخرى من قبل زبائنها. وفيما يعمد بعضها إلى وضع عراقيل بوجه العملاء، يفرض بعضها الآخر على أصحاب الشيكات المقومة بالدولار سحبها بالليرة اللبنانية، ووفق سعر الصرف الرسمي 1515!، حسب ما نشرته الزميلة عزة الحاج حسن، على موقع “المدن” الإخباري اللبناني.
عقبات واستسابية
تعتمد غالبية المصارف آلية شبه موحدة فيما بينها للتعامل مع الشيكات المصرفية. تقوم تلك الآلية على عرقلة صرف الشيك بشكل مباشر وسريع. قلة من المصارف لا تزال تتيح للعميل خدمة إيداع شيك مصرفي في حسابه، في حال لم تدرج العادة على إيداع شيكات مصرفية من المصدر عينه في وقت سابق. وفي هذه الحالة، يطلب المصرف من العميل إمهاله بعض الوقت لمراسلة إدارته العامة، لاتخاذ القرار بالموافقة أو رفض إيداع الشيك في حساب العميل. وهنا نتحدث عن الشيكات المقوّمة بالدولار فقط. أما باقي المصارف فترفض بشكل مباشر وفوري إيداع أي شيك مصرفي في حساب العميل، في حال لم يسبق له التعامل بالشيكات أو إيداع شيك مماثل.
وفي حال لم يرفض المصرف إيداع الشيك في حساب العميل، يمكن للأخير سحبه لدى بعض المصارف بعد يومين أو ثلاثة أيام، وفق السقوف المحدّدة مسبقاً، بما يتناسب ورصيد العميل على سعر صرف 3900 ليرة للدولار. وفي مصارف أخرى يتم تجميد الشيك لمدة 6 أشهر كاملة، على أن يتمكن من سحب رصيده بعد هذا التاريخ، وفق سعر الصرف الذي يحدَّد حينها.
إبتكارات و”بطش”
ولا يخلو الأمر من بعض الإبتكارات لدى المصارف. إذ يعتمد عدد من المصارف، ومن بينها البنك اللبناني للتجارة BLC على سبيل المثال، أساليب ملتوية لمنع العملاء من إيداع شيكات في أرصدتهم. ووفق أحد العملاء الذي بدأ بتقاضي راتبه الشهري في عمله بموجب شيك مصرفي، ذلك لشح السيولة بالدولار في الشركة التي يعمل بها، وفي حديث إلى “المدن”، يؤكد العميل أن مصرف BLC منعه في بداية الأمر من إيداع الشيك في حسابه بالدولار. وبعد إصرار العميل وأخذ ورد، وافق المصرف على إيداع الشيك. لكن مع إلزامه بسحبه وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة. بمعنى أن يتقاضى العميل راتبه البالغ 1000 دولار بنحو مليون و500 ألف ليرة. أي بخسارة أكثر من 80 في المئة من قيمة راتبه، بالمقارنة مع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء، وهو السعر الحقيقي للدولار، وبخسار نحو 60 في المئة بالمقارنة مع سعر الصرف المعمول به في المصارف، أي 3900 ليرة للدولار.
وقد تذرّع المصرف المذكور في رفض إيداع الشيك وصرفه وفق سعر صرف 3900 ليرة، بأن الرصيد في حساب العميل يقل كثيراً عن 3 آلاف دولار. وبالتالي، لا ينطبق عليه التعميم 151. علماً أن التعميم المذكور أتاح للعملاء من دون استثناء سحب دولاراتهم بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق (المعتمد في المصارف) ووفق سقوف لا تتجاوز 5000 دولار شهرياً.
تجارة شيكات
ومع استمرار المصارف بالحجز على أموال المودعين لجأت أعداد كبيرة من المؤسسات والتجار إلى التعامل بالشيكات المصرفية، لعدم توفر السيولة النقدية لديها. لكن العراقيل واستنسابية التعامل من قبل المصارف، دفع بأصحاب الشيكات إلى بيعها لتجار السوق السوداء والصرّافين، الذين وصلت نسبة أرباحهم من الشيكات إلى أكثر من 35 في المئة من قيمة الشيك، علماً أن تجار الشيكات لو لم تربطهم علاقات مع مصرفيين لما برعوا بتجارة الشيكات وتسييلها.
وحتى تجارة الشيكات مارستها المصارف، وإن بطريقة غير مباشرة. فقد اعتمدت المصارف سياسة تسييل لبعض كبار أصحاب الودائع الدولارية، لكن بنسبة لا تزيد عن 30 في المئة من الوديعة، مقابل شطب الباقي منها، أي الـ 70 في المئة. ومن تلك النماذج بنك عودة، الذي أتاح لأحد سياسيي المتن (وهو وزير سابق) سحب 300 ألف دولار نقداً، من وديعته البالغ قيمتها مليون دولار، مقابل شطب 700 ألف دولار. وبذلك يكون المصرف قد باع العميل كل دولار بـ30 سنتاً فقط.
لم ينفذ أحد من بطش المصارف ومزاجيتها، حتى المرضى وحملة شيكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقعوا فريستها، حين يرفض عدد كبير من المصارف صرف شيكات المضمونين حملة شيكات الضمان الاجتماعي، وهم مرضى السرطان والأمراض المستعصية، ما استدعى تدخلاً من إدارة الضمان وتهديد المصارف باللجوء إلى القضاء، ما لم تسهل عمليات صرف الشيكات للمرضى المضمونين