السنّة والإستحقاق الرئاسي: من لاعب أساسي إلى إحتياط
بقلم: غادة حلاوي
الننشرة الدولية –
نداء الوطن –
بعد الاجتماع الاول قبل نحو اسبوعين كان يفترض ان يدعو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي النواب السنّة الى اجتماع ثانٍ يعقد قريباً. لكن رئيس الحكومة المكلف لم يبادر الى الدعوة اليوم فيما ينشغل بترتيب امور حكومته وتحصينها في مواجهة الفراغ الرئاسي المحتمل. على مسافة شهرين يصبح ميقاتي مطلق اليدين في ادارة شؤون البلاد والوصي الفعلي على ادارتها سواء رمّم حكومته واستبدل عدداً من الوزراء او بقيت على حالها.
رئاسياً يسجل غياب سني واضح عن مواكبة النقاشات الرئاسية اللهم باستثناء بعض المحاولات الفردية من هنا وهناك، والتي لا تغطي غياب الاصيل والاساس المتمثل في الحاجة الى زعامة سنية جامعة او تكتل نيابي وازن تكون له الكفة المرجحة على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية.
في الاستحقاق الرئاسي الاخير كان السنّة من خلال رئيس الحكومة سعد الحريري اللاعب الاكبر او من اللاعبين الاساسيين الذين يقررون اسم الرئيس المنتخب، ولكن ليس بمعزل عن الاجماع المسيحي الذي حاذر من تجاوزه.
لم يعارض الحريري ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، دعم وصول سليمان فرنجية وشرع له ابواب الفرنسيين وانتهى به الامر ناخباً اساسياً للجنرال ميشال عون، والسبب هو التماهي مع الارادة المسيحية في استحقاق وطني مسيحي بالدرجة الاولى.
يختلف حال السنّة هذه الدورة عن ماضيها. لا ينحصر السبب في غياب الحريري حكماً وانما بانعدام وجود بديل او قوى جامعة محلية او اقليمية. في الوقت المستقطع يحاول النواب السنّة شمالاً التموضع ضمن كتلة واحدة استعداداً للاستحقاق، معركتهم الاولى والحالية هي في تأمين تمثيل سني عكاري في أي تعويم حكومي يتم التوافق بشأنه. خطوة يوافيهم اليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتشكل اساس الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يعتبر ان تعيين بديل عن وزير الاقتصاد امين سلام من حقه لأن توزيره كان من ضمن حصة «التيار».
محاولة اخرى يجريها نواب بيروت ممثلين بالنواب نبيل بدر، فؤاد مخزومي وعماد الحوت لتكوين نواة تكتل نيابي، وثمة انتظار للاجتماع الذي وعدت دار الفتوى باستضافته لغاية جمع السنّة وليس لغايات رئاسية حصراً. بعد عودته من تركيا يفترض ان يدعو المفتي عبد اللطيف دريان الى اجتماع للنواب السنّة تحت مظلة دار الفتوى للتأكيد أن السنّة غير متروكين لقدرهم.
أما على مستوى المملكة السعودية وسفيرها في لبنان وليد البخاري فيحاذر هو ايضاً في خطواته ان تحتسب اي خطوة يقوم بها على مستوى جمع النواب السنّة رئاسياً، بينما بلاده لم تتخذ أي موقف من الاستحقاق الرئاسي بعد. يتجنب البخاري وفق مصادر مطلعة عقد اي لقاء معلن يمكن ان يرتدي طابعاً رئاسياً فيما الهدف وحدة الصف وهو ما يحتاج الى مزيد لبلورته كي لا يكون خاضعاً للتأويل.
أما على مستوى السنّة المحسوبين على محور «حزب الله» فهم خارج مثل هذه الاصطفافات، وحده رامي فنج يلبي دعوة الجميع ويده على القلب خشية ان تنتهي الطعون النيابية لغير مصلحته فتطيح نيابته.
نقطة التقاطع السنّية هو النائب حسن مراد الذي يحاول كل النواب السنّة الانفتاح عليه لاعتباره خارج الاصطفافات على الجهتين.
في ظل الظروف الراهنة لن يكون جمع النواب السنّة سهلاً، أيّاً كانت المحاولات الفردية. حتى دار الفتوى فمظلتها تبقى دينية وليست سياسية بينما الحاجة لزعيم سني او قيادة سنية لها حضورها وتحظى هي ايضاً برعاية اقليمية متمثلة بالمملكة العربية السعودية، ولكن هذا يصعب تحقيقه.
اللاعب الاساسي المفترض هو المملكة السعودية والتي تقف موقف المراقب من بعيد وعينها على لبنان في المرحلة المقبلة، اي مرحلة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية وهوية الرئيس الجديد والاهم هو الحكومة المقبلة ورئيسها، وحتى ذلك الحين فالدعم عبارة عن مساعدات عينية بعيداً من السياسة والسياسيين.