تداعيات انفجار بيروت… مركز التراث اللبناني يبحث طرق حماية تاريخ بيروت وتراثها
النشرة الدولية –
عقد “مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأميركية ندوته التواصلية التاسعة عن بعد، في موضوع “كي لا يختفي وجه بيروت التراثي”، وذلك متابعة لتداعيات انفجار الرابع من أغسطس.
أعد الندوة وأدارها مدير المركز الشاعر هنري زغيب محاورا كلا من مؤسس ورئيس جمعية “تراثنا بيروت” سهيل منيمنة، خبيرة الترميم والمسؤولة عن وحدة الأبنية لدى المديرية العامة للآثار في وزارة الثقافة المهندسة المعمارية أسامة كلاب، وخبير الترميم والأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية المهندس المعماري أنطوان لحود.
افتتاحا رفع زغيب، باسم الندوة والمشاركين فيها، تعازيه إلى أهالي الضحايا، ودعاءه بشفاء الجرحى والمصابين، وقال “بعد كارثة الرابع من أغسطس، لم يكن ممكنا أن نواصل حلقات هذه الندوات التواصلية دون التوقف عند آثار هذه الكارثة التي دمرت بعضا من بيروتنا الغالية، ونحن في ‘مركز التراث اللبناني‘ معنيون بشؤون التراث والحفاظ عليه بحفظ علاماته ومعالمه وأعلامه. من هنا جاء تخصيص هذه الندوة اليوم كي نستطلع آثار جراح طالت وجه عاصمتنا”.
وأضاف “نعقد الندوة بعيدا عن عبارات الحزن وأغاني رثاء وندب ونواح لا تكون إلا لميت راحل بلا عودة. لكن بيروت لم تمت كي نرثيها ونبكيها. إنها مدينة عريقة عظيمة تهتز ولا تهوي، وما زالت عريقة وعظيمة، حية بنبض أهاليها وسكانها، وستبقى أقوى مما شوهته الكارثة التي ضربتها”.
وأوضح منيمنة أن جمعية “تراثنا بيروت” تقوم بتوثيق المشاهد والمواقع “حتى تكون ذاكرة لبيروت في أيامها الرخية وأيامها الصعبة”. والجمعية شكلت لهذه الغاية “أكثر من فريق متخصص في كل ناحية من العمل التراثي، للحفاظ على هذا التراث التاريخي، وللمساهمة في ترميمه واستعادة وجهه التراثي”.
وخص منيمنة المرفأ في مداخلته بتفاصيل عن أهميته “منذ التاريخ السحيق، وهو علامة بارزة من بيروت وموقع تجاري مهم على شاطئ المتوسط”. وروى أخبارا عن “نوتيي” المرفأ، ومنهم آل البلطجي “ذوو الفضل بالإنقاذ لدى غرق السفينة شاموليون”.
وزود منيمنة الندوة بمجموعة من الصور لأبنية محددة “ظهرت فيها قبل الانفجار وبعده، خصوصا في مناطق الصيفي والجميزة ومار مخايل وشوارع أخرى”. ودعا إلى “تضافر جهود الجمعيات المماثلة كي تبادر إلى النشاط”، آسفا لـ”استخدام جهات معينة هذه الكارثة للتباهي بأنها تنفرد بالعمل والجهد، وتقوم بالتصوير أو التوثيق ملغية كل دور لسواها”.
ثم تحدثت كلاب عن عمليات المسح التي تقوم بها، بتكليف من المديرية العامة للآثار، مشيرة إلى أنها حققت حتى اليوم مسح 192 مبنى تراثيا، منها 40 مبنى متضررا كليا، و13 بدأ تدعيمها لوقايتها من أي ضرر لاحق أو تهدم داهم.
وأعلنت أن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى رفع كتابا إلى رئاسة مجلس الوزراء طالبا “اعتبار أهراءات القمح في مرفأ بيروت من التراث الإنساني، وضرورة الحفاظ عليه بشكله الحاضر بعد الانفجار، واعتباره يجسد صورة إنسانية يجب إبرازها ونقلها إلى الأجيال المقبلة”.
وشرحت كلاب دور المديرية العامة للآثار في المسح الميداني الشامل للأحياء التراثية، كما فصلت الفرق بين أعمال الترميم والتدعيم، وبينت الفرق بين “مبنى قديم” و”مبنى تراثي”، لأن في الأحياء مباني متداعية قديمة، ومباني تراثية من حيث الهندسة، وأخرى حديثة مشيدة وفق الهندسة المعمارية التراثية.
أنطوان لحود ركز في مداخلته على حي الجميزة شارحا ميزته وموقعه وتسميته و”تفاصيل ما فيه من شارع ومقاه ومسرح ومبان ذات طابع تراثي تميزه عن محيطه من شارع مونو، وشارع عبدالوهاب الإنجليزي، ومار مخايل وسواها”.
واعتبر أنه “حي سكني تتجاور فيه المحال التجارية والمطاعم والمكتبات”، وأن “قيمته التراثية أنعشت الاقتصاد فيه”. وشرح لحود أن “الوزير ميشال إده، بعد تأسيس وزارة الثقافة، أعلن سنة 1995 هذا الحي تراثيا، لتجميد كل إنشاءات عقارية فيه، كي يظل له طابعه التراثي”.
وأضاف أن “حي الجميزة يلازمه في الناحية الشرقية حي السراسقة، ويربط بين الحيين أكثر من درج، أبرزها درج عريق أصبح لاحقا ‘درج الفن’ وشهد احتفالات ومهرجانات”. ورفد لحود حديثه بمجموعة صور قديمة تظهر “طابع الأبنية في الجميزة وما فيها من هندسة القناطر الثلاث، وشرفات في واجهات الأبنية بدأت تظهر بعد زوال الحكم العثماني الذي كان يحرم الشرفات على البيوت، فكان لظهورها أثر على تغيير النمط السوسيولوجي في المجتمع اللبناني”.