الكويت ستعيد بناء إهراءات القمح في مرفأ بيروت
النشرة الدولية –
أعلن سفير الكويت في بيروت، عميد السلك الديبلوماسي العربي، عبدالعال القناعي أن الكويت ستعيد بناء إهراءات القمح في مرفأ بيروت.
وقال القناعي، في حديث عبر «اذاعة لبنان»: «ارتأينا أن أفضل طريقة وأنسب مجال للبدء بالمساعدات المادية هو إعادة بناء الاهراءات التي توفر المخزون الاستراتيجي من القمح للبنان الشقيق».
ولفت إلى أن «هذه الإهراءات بنيت أساسا في العام 1969 بقرض من الكويت، من الصندوق الكويتي للتنمية، ولذلك ارتأينا الإعلان عن إعادة بناء الإهراءات لتستمر بتوفير المخزون الإستراتيجي من القمح للشعب اللبناني».
وردا على سؤال حول وجود مساعدة كويتية لإعادة تشغيل مرفأ بيروت نظرا لخبرة الكويت الكبيرة بعالم الموانئ، قال القناعي «حتى الآن لم نتلق أي شيء محدد من لبنان. واعتقد أنه لإعادة بناء ما تهدم في هذه الكارثة، سواء الميناء أو المناطق المتضررة، سيكون هناك مؤتمر دولي من خلال الأمم المتحدة حسبما أعلن، لحصر قيمة الأضرار وكيفية تدخل أو قيام الدول بتقديم ما يمكن لإصلاح الأضرار سواء في الميناء أو غيره».
وأشار إلى أن الكويت وبمبادرة ذاتية أنشأت جسرا جويا، وكذلك شاركت في المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتزمت الكويت بـ 41 مليون دولار لمساعدة لبنان، منها 30 مليون دولار كالتزامات مسبقة و11 مليون دولار هي المساعدات الإغاثية والعلاجية والغذائية، مشددا على أن الكويت لم تتأخر يوما في دعم كل جهد دولي لمد يد العون للبنان.
قصة الإهراءات والمباني التراثية المتضررة
أدى الانفجار الهائل في مرفأ بيروت في 4 الجاري الى إلحاق أضرار جسيمة بالمباني والمنازل والمستشفيات والمدارس، لاسيما تلك الواقعة في الجهة المقابلة للمرفأ، حتى ان المناطق البعيدة لم تسلم من هول الكارثة.
وقيل إن اهراءات القمح (صوامع القمح) في المرفأ قد ساهمت في حماية المناطق الواقعة من الجهة الجنوبية حيث تمكنت من صد نحو 20% من قوة الانفجار وشكلت خط دفاع عن منطقة كانت ستدمر بالكامل.
لقد ادى الانفجار الهائل الى إبادة المرفأ في لحظة غير مسبوقة من تاريخ لبنان، لكنه أبقى على أجزاء من صوامع المرفأ شاهدة على هول ما حصل.
وتشكل الأبنية الأثرية، التي طالتها قوة عصف الانفجار والواقعة في محيط المرفأ، ارثا ثقافيا ومعماريا لناحية العمارة التقليدية ذات الجدران المزخرفة والنوافذ الملونة والقناطر العالية، ويعود بناؤها الى اكثر من مائة عام، وقد تساقطت واجهاتها واجزاء كبيرة منها، وهي التي بقيت صامدة في وجه حروب عدة مرت على لبنان، فهل عملية الترميم والتدعيم التي بدأت ستتمكن من انقاذها من الخسائر التي منيت بها؟
وتعتبر منطقة الجميزة من أقدم شوارع العاصمة بيروت، وفيها تقع البيوت التراثية القديمة، وتنتشر على جنبات طرقاتها المقاهي والمطاعم، وقد أصابها انفجار المرفأ بأضرار بالغة اكثر من سواها من المناطق، وحولها الى ركام بعد تحطم واجهات المطاعم والمقاهي التي كانت تعج بالزوار والسياح.
لجنة الأبنية التراثية التي شكلتها وزارة الثقافة تعمل على حصر الأضرار التي عصفت بالأبنية التراثية، واشار تقرير اللجنة الى انه بعد الكشف الميداني على وضع تلك الأبنية الذي شمل نحو 235 منزلا اثريا في المنطقة المنكوبة، تبين أن 53 منها في وضع حرج ومتضرر ويتم حاليا ترميم 13 منها بمساعدة فريق من المتطوعين من المهندسين المرممين والمهندسين المعماريين وطلاب الهندسة من عدة جامعات وبمشاركة عدد من المنظمات والجهات الدولية في عمليات التدعيم والترميم.
مؤسس ورئيس جمعية «تراثنا بيروت» سهيل منيمنة قال لـ «الأنباء»: إن مناطق الجميزة والرميل والمدور والأشرفية مصنفة مناطق تراثية وموضوعة على لائحة الجرد العام من قبل المديرية العامة للآثار التابعة لوزارة الثقافة والتي تمتاز بعناصر العمارة التراثية اللبنانية يعود بناؤها الى عشرينيات القرن الماضي وما قبله.
ويتوقف منيمنة بحسرة لما أصاب مرفأ بيروت الذي يعتبر من أهم المرافئ الواقعة على البحر المتوسط والعصب الاقتصادي الأول للبنان، ويتحدث كيف تم بناء الاهراءات (الصوامع) ووضع حجر الأساس لها عام 1966 بعد ان كان القمح يوضع في مخازن عادية الى ان تولت شركة تشيكية وضع خرائط وأرسلت مهندسين وبدأ البناء في تلك السنة، وتولت الكويت ـ التي لطالما ساعدت لبنان على الدوام ـ المساهمة بالجزء الاكبر في بناء تلك الاهراءات، قسم من الأموال عبارة عن هبة والآخر قروض ميسرة، وأنه في العام 1970 حيث كان رئيس الجمهورية في حينه شارل حلو وحضر أمير الكويت آنذاك الشيخ صباح السالم الصباح حفل افتتاح تلك الاهراءات.
ويضيف منيمنة أن الهدم سهل ويحصل بلحظة لكن الترميم لا يمكن ان يجري عشوائيا لأنه يحتاج الى دراسة فنية متأنية والى دعم مالي كبير لتعود تلك المنازل الأثرية القديمة التي تضررت بشكل كبير الى ما كانت عليه، خصوصا انها تشكل لأصحابها والخشية من انهيار بعضها.
ويعتبر أن نسيج المدينة ليس هو الأبنية المشيدة انما هو هذه العلاقات بين الأهل والأصدقاء والجيران، أي انها جزء من الماضي الجميل الذي يشدنا اليه الحنين الى الاهل والأجداد، ومن هنا أهمية إعادة ترميم تلك المنازل التي افتقد أصحابها في غفلة من الزمن جزءا من ماضيهم وذكرياتهم، فلا يجوز أن تتحول الى مدينة أشباح.
ويستطرد منيمنة ويقول ان شركة سوليدير حولت الاسواق التجارية التي دمرتها الحرب الى اجمل ما يكون لأنها لا تشبه مدينة بيروت التي عرفناها في الخمسينيات والستينيات بعد ان فقدت نسيجها الاجتماعي.
ويشرح منيمنة ان جمعية «تراثنا بيروت» سارعت عند وقوع الانفجار الى تشكيل لجنة طوارئ تضم باحثين في التراث لتكون الى جانب غيرها مشاركة في عملية انقاذ الأبنية الاثرية لأننا الجمعية الوحيدة التي تملك الداتا الكاملة عن المناطق المتضررة بالوثائق والصور.