المغرب: بطلات مجهولات يقدمن خدمة ما قبل الولادة وأثناءها وبعدها

النشرة الدولية –

تدعو منظمة الصحة العالمية جميع الحكومات إلى الاستثمار في القابلات وتعليمهنّ وتنظيم مهنة القبالة لتحسين جودة الرعاية بالأمهات في العالم، وهو ما يسعى المغرب لتنفيذه على أرض الواقع، حيث يعمل على إيجاد معادلة بين عدد الخرّيجات العاطلات والشغور الحاد في المرافق الصحية.

تقوم القابلات بدور أساسي في توفير رعاية صحية ذات جودة عالية للنساء أثناء الولادة في جميع الظروف على مستوى العالم. وبات الجميع في المغرب الآن يعترف بالدور الفعال الذي تلعبه الممرضات في مجال التوليد، ولاسيما في ظل الظروف الصعبة للغاية التي تعيشها البلاد بسبب انتشار فايروس كورونا، وحالة الطوارئ والحجر الصحي، والأخطار المحدقة بالمرأة الحامل.

وتمثل القابلة الركن الأساس لحمل صحي وولادة آمنة، إذ تساعد على تفادي ومنع ثلثي الوفيات في صفوف الأمهات الحوامل وثلث الوفيات في صفوف الأطفال حديثي الولادة.

واعترافا بدورهن الحيوي في هذا الصدد، يُحيي العالم اليوم الدولي للقابلات في الخامس من مايو من كل عام، ليسلط الضوء على عملهن المنقذ للحياة في مختلف أنحاء العالم، إذ تعتمد صحة وحياة ملايين النساء والأطفال حديثي الولادة على الرعاية المقدمة من القابلات أثناء الولادة وما بعدها.

ويرى بعض المختصين أن هناك علاقة وطيدة بين تحقيق أهداف التنمية المستدامة والعناية بالقابلات اللاتي يقدمن أفضل ما لديهن لخدمة النساء الحوامل والمرأة بشكل عام في احترام تام لحقوق الإنسان وحقوق وكرامة المرأة، لذلك اختارت المنظمة العالمية للصحة كشعار لليوم العالمي للصحة لسنة 2020 “دعم إطار التمريض والقبالة”.

وسبق للمنظمة أن سلطت الضوء على أهمية الدور الذي تؤديه الممرضات والقابلات في تقديم الرعاية الصحية بجميع أنحاء العالم، داعية إلى تعزيز قدرات القوى العاملة في مجالي التمريض والقبالة.

وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، تلعب القابلة دورا حاسما في الحدّ من وفيات الحوامل والرضع وحماية المرأة في فترة ما بعد الولادة، وتُساهم بالتالي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فالقابلات يعتبر عملهن فاعلا أساسيا أثناء وبعد الولادة، إلى جانب أنهن يدعمن الجهود الوطنية لتنظيم الأسرة ومكافحة الأمراض المنقولة جنسيا والكشف عن سرطانات الإناث.

وتتعدد مجالات تدخل القابلات، حيث تشمل كامل حزمة الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك تنظيم الأسرة، وتوعية النساء الحوامل، ومراقبة الحمل، والتوليد، والوقاية من مضاعفات الوضع، والمشاركة الفعالة في التكفل الطبي، بالإضافة إلى أن القابلة تقوم بدور التنسيق لعمليات وخدمات رعاية النساء والمواليد الجدد.

وأكد تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان على أن أكثر من 70 دولة أعطت أهمية بالغة لمهنة القابلة في مجال التكوين، من خلال تقنين مزاولة المهنة وتحسين ظروف العمل، وبهذا استطاعت أن تساهم بنسب كبيرة في تخفيض وفيات الأمهات والأطفال ببلدانها.

وتطالب كل الجمعيات المغربية المهتمة بالقابلات بتحسين ظروف وبيئة ممارسة عمل هذه الفئة، الذي يتسم بالضغط والإرهاق، بالنظر إلى خصوصية وتفرد المهنة.

قالت نادية أوزهرة، رئيسة الجمعية المغربية للقابلات، إنه “يحق للقابلات الحصول على تكوين أفضل من أجل اكتساب المهارات والقدرات اللازمة لتوفير رعاية جيدة. وقد شهد تدريبهن قفزة نوعية لا يمكن إنكارها بفضل الجهود المتضافرة للجميع، حيث إن تدريب القابلات يستجيب لنظام: إجازة – ماستر – دكتوراه، وتوجد في صفوفنا العديد من الطالبات في سلك الدكتوراه”.

وتشدد الجمعية الوطنية للقابلات بالمغرب على أنها تعمل من أجل تحسين ظروف العمل، والتكوين المستمر، وتحسيس الأسر في مجال الصحة الإنجابية، ولاسيما في ظل وجود حوالي ألفي قابلة مكونة من طرف الدولة يعانين من البطالة، وفقا لرشيدة فاضل رئيسة الجمعية.

نادية أوزهرة: عدد القابلات غير كاف في مرافقنا الصحية إذ هناك هوة بين عدد اللاتي تلقين التكوين، واللاتي تم توظيفهن نادية أوزهرة: عدد القابلات غير كاف في مرافقنا الصحية إذ هناك هوة بين عدد اللاتي تلقين التكوين، واللاتي تم توظيفهن

وأشارت فاضل إلى أن سبب بطالة القابلات يكمن في كون القطاع يعاني من الدخلاء ومن ممارسات غير مهنية تتمّ خارج إطار القانون المنظم لذلك.

ولا تزال النساء في القرى والمناطق النائية يواجهن العديد من الصعوبات عند الذهاب إلى المستشفيات بسبب وعورة التضاريس وغياب وسائل النقل، وعدم إعطاء القابلة المهنية الحق في التنقل وزيارة الحوامل اللواتي يعانين من مشاكل اقتصادية أو جغرافية.

وأكدت فاضل أن القانون يفرض على القابلة التواجد والعمل داخل المؤسسة الصحية وليس خارجها وهو ما يضيّع على نساء تلك المناطق فرص متابعة الحمل والولادة بشكل آمن.

ولفتت إلى أن جمعيتها قدمت مقترحات للوزارة الوصية على القطاع باستثمار قدرات القابلات المهنيات في الأوساط القروية، خاصة وأنه لم يُسجل يوما رفض أي قابلة الاشتغال في المناطق النائية التي تعاني فيها النساء من هضم حقوقهن الإنجابية.

وتطالب رئيسة الجمعية الوطنية للقابلات الحكومة ووزارة الصحة بتوظيف المزيد من القابلات “لمعالجة النقص المقلق والحاد في هذه المهنة المهمة في المجتمع، والذي يضر بجودة الخدمات الصحية، وتوفير ظروف عمل جيدة ورواتب وتعويضات لائقة، وتطوير سياسات لدعم تكوين القابلات في أحسن ظروف التطور التعليمي والتدريب وملاءمتها مع العلوم الطبية والتكنولوجية الحديثة.

ويرى مهنيون أن عدد القابلات المشتغلات في القطاع الصحي قليل، قياسا بظروف العمل التي لا تضمن للحوامل في الكثير من الأوقات ولادة آمنة، وهو ما يتوجب العمل على تحقيقه من خلال هيئة وطنية للقابلات.

وتواجه القابلات في المغرب نقصا حادا في المعدات الطبية وقيودا متعددة لضمان ولادة صحية وفي ظروف آمنة، ورعاية صحية كاملة للأم والطفل.

ولفتت فاضل إلى أن أعدادا مهمة من النساء ما زلن يلدن في المنازل دون مساعدة من القابلة بسبب ضعف البنية التحتية وقلة القابلات، خاصة في البوادي، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات في صفوف الأمهات أثناء الوضع وبعده، وفي صفوف الأطفال حديثي الولادة ودون سن الخامسة.

ويتوازى تكريم مهنة القبالة البطولية مع المزيد من الاستثمارات في المهنة لأنها أساسية لصحة الأم والطفل، حيث دعا صندوق الأمم المتحدة للسكان، عبر مكتبه في العاصمة الرباط، إلى المزيد من الاستثمار في مهنة التوليد (القبالة)، لأنها تعتبر إحدى أهم ركائز خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.

ويرى الصندوق أن هناك حاجة للاستثمار في اليد العاملة للقبالة حتى يتسنى لجميع النساء والرضع الحصول على الرعاية اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

وتعيش مهنة القابلات في المملكة مشاكل كثيرة، وللنهوض بوضعهن يجب بناء قُدراتهن من أجل تقديم خدمات ذات جودة تضمن الاحترام والكرامة، إضافة إلى التقنين الذي يعترف بدور المهنة ويُوضح مسؤولياتها ويحدد الصلاحيات المسندة إليها.

وتتوفر مهنة القابلات على قوانين تنظيمية تؤطر ممارستهن للمهنة، وقد تعززت بمصادقة الحكومة، السنة الحالية، على مرسوم تطبيق (القانون 44.13) المتعلق بممارسة مهنة القبالة، ويُرتقب إخراج الهيئة الوطنية للقابلات إلى الوجود للتوفيق بين جودة الخدمات وحماية النساء واستقلالية القابلات، غير أن سعي الهيئات المعنية بمستقبل القابلات لا يزال مستمرا في اتجاه تحقيق متطلباتهن.

وأفادت الجمعية الوطنية للقابلات قبل أيام بأن الرقم الوطني الاستدلالي لمهنيي الصحة والمؤسسات الصحية، المسلّم من طرف الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، تم منحه للقابلات العاملات في القطاعين العام والخاص، وذلك لتبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص آجال معالجة ملفات التكفل والتعويضات، ولكن أيضا ضبط وتنظيم القطاع من خلال محاربة الممارسات غير القانونية.

ويتضمن القانون المنظم لمهنة القابلات في القطاعين العام والخاص، عدة نقاط من بينها: تعريف مهنة القابلة، شروط الحصول على شهادة أو دبلوم في مجال القبالة، تحديد المهام الموكلة للقابلة والمتمثلة في الأعمال الضرورية لتشخيص الحمل ومراقبته، ممارسة التوليد غير العسير، توجيه النصائح، تقديم العلاجات، القيام بالمراقبة في ما بعد الولادة للأم والوليد الرضيع، اللجوء عند الضرورة إلى الطبيب، والقيام بالإجراءات في الحالات الطارئة والضرورية في انتظار التدخل الطبي، تخويل الإدارة حق تحديد الأعمال التي تقوم بها في مصنف عام للأعمال المهنية، تحرير شهادة الولادة.

القابلة تمثل الركن الأساس لحمل صحي وولادة آمنة،إذ تساعد على تفادي ومنع ثلثي الوفيات في صفوف الحوامل وثلث الوفيات في صفوف الأطفال حديثي الولادة القابلة تمثل الركن الأساس لحمل صحي وولادة آمنة، إذ تساعد على تفادي ومنع ثلثي الوفيات في صفوف الحوامل وثلث الوفيات في صفوف الأطفال حديثي الولادة

ويسير المغرب نحو تقنين مزاولة المهنة بصفة حرة بشكل فردي أو في إطار شراكة بين قابلتين أو أكثر في إطار العيادات أو دور الولادة، وتكون خاضعة لقانون الالتزامات والعقود، في محل مهني تستغله القابلة لاستقبال النساء الحوامل من أجل فحصهن ومتابعتهن أثناء الحمل والقيام بالتوليد غير العسير، أو تقديم العلاجات لهم بعد الولادة.

ويشترط احتراما للمعاير العالمية أن تقدم صاحبات دور الولادة ما يثبت توفرهن على أقدمية لا تقل عن ثلاث سنوات من الممارسة الفعلية للمهنة بمؤسسة صحية عامة أو خاصة، بالإضافة إلى تحديد المقتضيات المتعلقة بالنيابة عن القابلة صاحبة المحل المهني أو المسيرة لدار الولادة، في حال غيابها مؤقتا عن المزاولة، مع تحديد المهام الخاصة الموكولة للقابلة.

كما يشترط تخويل الإدارة حق تحديد الأعمال التي تقوم بها في مصنف عام للأعمال المهنية، وتحديد شروط المزاولة، وتلك المتعلقة بالمحل المهني المخصص لمزاولة المهنة، مع تحديد المقتضيات المتعلقة بتفتيش هذه الأماكن التي ستزاول فيها القابلة مهنتها.

ويمنع القانون كذلك على القابلات القيام بأعمال التوليد خارج المصحات أو دور الولادة، إلا أنه يخول للقوابل اللاتي يزاولن بصفة حرة إيواء حالات مخاض في عياداتهن من التجمعات السكنية التي لا تتواجد بها مصحات أو دور للولادة.

وأفادت فاضل أن مشروع القانون الذي وُضع بين يدي وزير الصحة، يتضمن ثلاثة محاور تهم تقنين المهنة وتكوين المهنيين وأيضا تحسين ظروف العمل، موضحة في الوقت نفسه، أنه تم الاشتغال على مجموعة من النصوص التنظيمية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومن بين النقاط التي تم التركيز عليها مسألة إحداث هيئة وطنية للقابلات.

وعرف المغرب تحسنا في مجال التكوين إلى جانب تقنين مزاولة المهنة، إلا أن هناك عددا من الطالبات المتخرجات يطالبن بإدماجهن في سلك القابلات المهنيات. وقالت مريم وهيب، رئيسة التنسيقية الوطنية للقابلات، لـ”العرب”، هناك تراكم في الدفعات إلى جانب البطالة التي نعاني منها نحن القابلات المجازات من الدولة، ما يقارب ألفي قابلة الآن حاملات لإجازة مهنية ويعانين من البطالة رغم النقص الحاد في عدد القابلات العاملات في قطاع الصحة.

وطالبت التنسيقية الوطنية للقابلات كحل لهذا التراكم في الدفعات بوقف التكوين في تخصص مهنة التوليد إلى حين تسوية وضعية خريجات هذه الفئة من العاطلات، داعية إلى تنظيم مناظرة للتوظيف بعيدا عن كل أشكال التعاقد، وبأعداد وظائف كافية تغطي جميع القابلات العاطلات بجميع جهات المملكة في أقرب وقت ممكن، وعدم تأجيلها بذريعة النقص في صفوف الخريجين، لأن هذا التخصص غير معني بذلك.

وانتقدت وهيب شحّ مناصب الشغل وقلة التوظيف في تخصص مهنة التوليد، مطالبة الوزارة الوصية بفتح المناصب المالية المتبقية برسم السنة المالية 2019 لفائدة القابلات المدرجة أسماؤهن في لوائح الانتظار باعتبارهن الفئة الأكثر تضررا من التوزيع غير المعلن.

ويقدر الحد الأدنى الموصى به عالميا بـ6 قابلات لكل 1000 ولادة، بينما المغرب لا يوفر سوى 4 قابلات لكل ألف ولادة، حسب التنسيقية الوطنية للقابلات ما يضع، حياة الأمهات، وأطفالهن في خطر كبير.

وأفادت بسمة آيت قاضي، قابلة عاطلة، أن المنظومة الصحية بالمغرب تعرف نقصا كبيرا في وقت تعيش فيه أزيد من 1438 قابلة العطالة إجباريا، بحكم قلة وضعف فرص الشغل.

وأشارت قاضي إلى أن المناظرة الأخيرة التي نظمتها الوزارة الوصية لم ترق إلى طموحات وتطلعات المشاركات، واقتصر عدد المناصب المفتوحة على 271 منصبا مقابل أزيد من 14 ألف خريجة عاطلة.

ولفتت التنسيقية الوطنية للقابلات إلى أنه بدلا من رفع المناصب المالية، وتوظيف جميع العاطلين والعاطلات، الذين فاق عددهم 9 آلاف، منهم 2200 قابلة بهدف سد النقص الحاد، المقدر بـ12000 ممرض، اكتفت بتوفير 4000 منصب مالي فقط لقطاع الصحة بكل أطره من أطباء وممرضين وإداريين برسم قانون المالية 2019.

وأكدت أوزهرة على أن العدد غير كاف من القابلات في مرافقنا الصحية، إذ هناك هوة بين عدد القابلات اللاتي تلقين التكوين، والقابلات اللاتي تم توظيفهن في المصالح الصحية.

وتحمّل العديد من الطالبات وزارة الصحة المسؤولية عن المشاكل التي تعاني منها القابلات العاطلات في ظل استمرار تخرج كوادر مجازة، مناشدات المصالح المعنية بضرورة فتح باب التوظيف في وجه الخريجات وتمكينهن من الحق الدستوري في الشغل، رافضين أي شكل من أشكال التعاقد المؤقت أو الظرفي.

وتنص الاستراتيجية الوزارية (2017 – 2021)، والمخطط الاستراتيجي للصحة 2025، على تحفيز الموارد البشرية بالقطاع، والرفع من عددها عبر خلق مناصب تشغيل جديدة، حيث يعتبر تقليص عدد وفيات الأمهات، والأطفال أهم تحديات القرن الحادي والعشرين.

ولهذا تطالب كل الجمعيات المهتمة بالقابلات بتحسين ظروف وبيئة ممارسة عمل هذه الفئة، الذي يتسم بالضغط والإرهاق، بالنظر إلى خصوصية وتفرد المهنة، وعلاقتها بعمليات الوضع، إذ تقف القابلات على مستوى أقسام الولادة على أهبة الاستعداد للإشراف على عملية الوضع في أحسن الظروف، وقد اقترح الطلبة المتخرجون خيار العمل في مجموعة من الأقسام الاستشفائية غير قاعة الولادة، خاصة ضمن الخلايا الصحية المتواجدة بالمراكز الصحية بالمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button