التخطيط للدولة…* محمد ناهس العنزي
النشرة الدولية –
قبل الخوض في موضوع التخطيط الاستراتيجي للدولة، يجدر بنا تبسيط المفاهيم المتعلقة به وعرض مرتكزاته وأهدافه عبر سلسلة من المقالات القادمة بحول الله، فالتخطيط بمفهومه العام يعمل على التنبؤ بالمستقبل وهي عملية متكاملة تعتمد على دراسة وتحليل بيانات ومعلومات الماضي والحاضر، أملا في تشكيل الوعي نحو المستقبل وبلورة أهداف كبرى للدولة قابلة للتحقيق في المستقبل.
ولعل من المهم التأكيد على أن التخطيط الإستراتيجي للدول لا تقل مدته عن 25 عاما، وقد يمتد إلى 50 عاما أو أكثر، وهو ما دأبت عليه الدول المتقدمة والعظمى.
تكمن أهمية علم التخطيط الاستراتيجي في عدة عناصر أهمها: أنه يضع الدولة بكاملها في موضع «المبادرة» بدلا من موضع «الاستجابة» أو ردود الأفعال، والذي غالبا ما يتسم بمحدودية الأثر وينتج عنه ضياع الفرص الاستراتيجية على الدولة.
ثانيها، أنه وسيلة أساسية للمحافظة على مصالح الدولة وتحقيق السيطرة على مصيرها في ظل الصراعات الاستراتيجية بين الدول العظمى والدول في ذات الإقليم، وفي غمار تنافس عالمي شرس سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري أو التعليمي أو الثقافي وغيرها.
علاوة على ذلك، فإن التخطيط الاستراتيجي للدولة يمكنها من تنظيم وتوجيه أنشطة جميع القطاعات المهمة وفق الأولويات الوطنية التي تم الاتفاق عليها واعتمادها مسبقا في الخطة.
وقد رصد الخبراء أكثر من 500 دراسة أثبتت أن الدول التي عبرت من حالة التخلف والتردي إلى مرحلة التطور والرفاه لم تتمكن من ذلك إلا عبر علم التخطيط الاستراتيجي وتطبيقه بشكل شامل ومتكامل على المستوى الوطني.
أبرز التحديات التي تواجه القائمين على هذا الشأن هو إنتاج وتأسيس ما يسمى بـ«الحلم الوطني»! وهو الحلم الذي يعبر عن وجدان المواطنين وطموحاتهم وآمالهم تجاه وطنهم، بمعنى: ماذا يريد المواطن لهذا الوطن؟! نعم، هذا هو السؤال الأهم، ماذا نريد للوطن (للكويت الحبيبة) بعد 25 أو 50 عاما من اليوم؟!
هذا هي شرارة البدء الصحيحة لمنظومة التخطيط الاستراتيجي الذي يبدأ بفكرة الحلم الوطني وباتفاق عام، يتم التوصل إليه عبر وسائل متعددة وضمن فترة زمنية محددة. ماذا نريد للوطن؟ سؤال عميق يستحق أن نناقشه ونتناوله في قادم المقالات.