كيف سيبدو الاقتصاد بعد جائحة كورونا؟

النشرة الدولية –

تأثر الاقتصاد العالمي بجائحة كورونا “كوفيد-19″، بسبب إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي، ولجوء بعض الشركات إلى تسريح العمالة لتقليل النفقات، وقد تسبب كل ذلك في زيادة البطالة، وتراجع القدرة الشرائية لدى كثيرين، مما أثر بدوره على أرباح الشركات، وأدخل الاقتصاد العالمي في حلقة مفرغة.

ويتوقع العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تتسبب جائحة كورونا في أعمق ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير، كما يتوقعون أن يستغرق الاقتصاد وقتًا قبل أن يتعافى ويصل إلى المستويات التي كان عليها قبل الجائحة.

وحتى إذا انتهت الجائحة بظهور لقاح، وحتى لو تبدد الخوف من الفيروس، فإن هناك اتجاهات جديدة ظهرت بسبب كورونا، وسيظل تأثيرها ممتدًا على الاقتصاد.

ستحتاج أكثر الصناعات تأثرًا بجائحة كورونا، بما في ذلك السفر والترفيه والضيافة والخدمات الغذائية  لوقت للتعافي بشكل كامل.

رغم ذلك فإن المؤشرات تدل على أن ذلك من الصعب حدوثه خلال هذا العام والعام القادم، مما سوف يتسبب في حالات إفلاس أو اندماج للعديد من الشركات.

سوف تتمكن الشركات الأقوى فقط من البقاء في السوق، مما يجعل مثل هذه الصناعات أكثر كفاءة.

نظرًا لأن هذه الصناعات كانت تشهد قبل الجائحة نموًا أسرع بكثير من باقي الصناعات، فمن المنتظر أن يصب الانتعاش القوي في طلب المستهلكين في صالح الشركات التي تمكنت من البقاء.

ساهمت جائحة كورونا في تسريع التحول الرقمي، فأصبح المزيد من الأشخاص يفضلون الشراء عبر الإنترنت بدلاً من الذهاب إلى المتاجر والاختلاط بالآخرين.

يبدو أن هذا الاتجاه سيستمر بعد انتهاء الجائحة.

ينطبق هذا الأمر أيضًا على المطاعم والمصارف والطب والتعليم عن بعد.

فمن المرجح أن يزداد عدد الأشخاص الذين يفضلون طلب الطعام عبر الإنترنت، والاعتماد على الخدمات المالية عبر الإنترنت، وكذلك تلقي الاستشارات الطبية والدروس التعليمية عبر الإنترنت.

من المتوقع أن تؤثر جائحة كورونا بشكل خاص على طريقة العمل، وأن تساهم في تسريع التحول نحو العمل عن بعد.

فقبل الجائحة كان العديد من الشركات ترفض نظام العمل عن بعد، لكن الكثير منها اضطر لتبني هذا النظام تجنبًا لانتشار العدوى بين الموظفين.

وجدت عدة  شركات خلال الفترة السابقة أن بإمكان موظفيها العمل عن بعد بكفاءة.

ومن المتوقع أن تستغني شركات كثيرة عن فكرة إلزام الموظفين بالعمل من مقر الشركة.

وسوف يغير ذلك الكثير من الأشياء، من بينها أن الشركات سيكون بإمكانها توظيف المزيد من المواهب ممن يعيشون في أماكن بعيدة عن مقراتها.

كما سيوفر ذلك وقتًا طويلاً يقضيه الموظفون في المواصلات.

سيؤدي ذلك إلى انخفاض رحلات العمل، وسيؤثر ذلك بدوره على صناعات أخرى مثل السفر والضيافة وصناعة النقل، وخاصة النقل الجوي والقطارات.

سوف يؤدي التحول الرقمي إلى انخفاض الطلب على المساحات المكتبية ومتاجر التجزئة، مما سيكون له تأثير كبير على بناء العقارات غير السكنية وأسعارها.

سيؤثر ذلك بدوره على الصناعات التي تعتمد على تقديم الخدمات للمباني المكتبية ومتاجر التجزئة.

سوف يمتد تأثير الجائحة أيضًا إلى مراكز المدن، إذ سينخفض عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى مراكز المدن للعمل أو للتسوق.

من المتوقع أن تنخفض أسعار العقارات بشكل كبير في المدن، بينما ستستفيد المناطق الواقعة خارج مراكز المدن من ذلك، حيث من المتوقع أن تشهد زيادة في الطلب على العقارات.

من المتوقع أن يؤدي الاتجاه المتزايد نحو الأنشطة عبر الإنترنت، واختفاء الشركات الأقل كفاءة، فضلاً عن الضغط  لخفض التكاليف بسبب الركود، إلى زيادة الأتمتة وانخفاض الطلب على العمالة.

يتوقع الخبراء أن ينخفض الطلب على العمالة في الصناعات التي تتطلب تباعدًا اجتماعيًا، وأن يزداد أتمتة الوظائف المكتبية.

كما يتوقع الخبراء انخفاض الطلب على وظائف المبيعات، ووظائف خدمة العملاء في المطاعم.

من المتوقع أيضًا أن يزداد الطلب على العمالة في وظائف معينة، فزيادة التسوق عبر الإنترنت، وتوصيل الطلبات إلى المنازل، سوف يؤدي كل ذلك إلى زيادة الطلب على السائقين وعمال المخازن.

قد تستخدم الشركات السيارات ذاتية القيادة بدلاً من السائقين، إلا أنه من المرجح ألا يسود هذا الاتجاه قريبًا.

ستؤدي زيادة اتجاه الأشخاص إلى القيام بالأنشطة عبر الإنترنت، إلى تسريع التحول الرقمي للشركات.

سوف يشهد قطاع التكنولوجيا بشكل عام نموًا، مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات والعاملين في هذا القطاع.

يتوقع الخبراء أن تؤثر هذه الاتجاهات سلبًا على العمال الأقل تعليمًا، إذ من المتوقع أن يزداد الطلب على المهنيين أكثر من العمال الأقل تعليمًا.

بشكل عام من المحتمل ألا تمتد تداعيات جائحة كورونا لسنوات فحسب، لكنها ستساهم بشكل كبير في تفاقم حالة عدم المساواة في الأجور، والتي كانت سائدة بالفعل منذ عقود.

سوف يستفيد العديد من العمال من ذوي الدخل المرتفع من الطلب المتزايد على التكنولوجيا، بينما ستختفي الوظائف المتاحة للعديد من العمال الأقل تعليمًا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى