من رياض الصالحين في شويكه* د. سمير محمد ايوب

النشرة الدولية –

حدثني أبو حربٍ عنِ الزواجِ ، فقال ( 6 ) :

قَبلَ نصفِ قرنٍ، مارَسْتُ أجملَ اندفاعاتِ ما قد مضى من عمري. قررت طَواعيَةً وقفَ مُحرّكاتِ العزوبية، وأنا أعلمُ أنَّ سهوبَ الزواج كغيطانِه ، تَتَّسعُ للشيء ونقيضه، أمْنٌ وأمانٌ وتَذاكٍ غيرَ آمن.

مكتَظٌّ بنوايا ومصالح تتكامل وقدْ تَرتَطِمْ. تتقاطعُ فيه اصطفافاتٌ قلِقةٌ، قراراتٌ مُتوجِّسةٌ ، وتوافُقاتٍ مُتراحِمَةٍ. الطبَّاخونَ في الزواج كُثْرُ في العادة. يتبادلون أحيانا بعيداً عنِ الأضواء، نبشَ قبورٍ وصدور.

حتى لا تحترق طبخة الزواج، لا يبدأ الحصيف إلاَّ عبرَ بواباتِ منْ يملك دسمَ الخبرةِ الأمينةِ ووقارَ الحِنْكَةِ، ودهاءَ الحِكْمة. وهذا ما فعَلتَه في حينها. ألقيت بِرِحاليَ في مُربَّعي الأوَّل، حيث سَيِّدُ حِكاياتي وأغلى رِجالاتي، جدِّي أبو حربٍ المُفْعمِ بِعُنفُوانِ شجاعةِ الرأي. ما أنْ عرفَ ضَمَّني وغَطَّني ومِنْ ثمَّ أرسَلَني وقال: تُصِرُّونَ مَعشرَ الشبابِ على تذكيرنا أنَّ في هذه الدُّنيا ما يستحقُ العيشَ مِنْ أجلِه. الزواجُ يا ولَدي آيةٌ ونِعمةٌ رَبَّانِيَّةٌ، حاجَةٌ وضَرورةٌ فِطريَّة. ولكن تذكَّروا أنَّ بُنيانَ البيوتِ المرصوصةِ والأسرِ الرَّاشِدةِ ، لا تُؤسَّس على حجرٍ وطينٍ ، ولا على مهرٍ وأثاثٍ وحَفْلٍ، بل بالشريكِ الصالحِ يَبْدأ. تذكروا أنّ الرجلَ السعيدَ لا يُحسدُ بِمالِهِ أو ولَدِه، لا بِصِحَّتِه وعافيته، ولا بمنصبه أو حسَبِه ونسبه، بلْ بزوجةٍ صالحةٍ تأتيَ لهُ بكل هذا، وتبني عليه. أمّا السيئة فهي تفقده كل ذاك والعياذ بالله.

سألتُهُ مُتَعَجِّلاً: إذَنْ، كيفَ نختارُ يا جدّي ؟!

أمسك بيدي بقوة وهو يقول: قم معي الآن فتلك حكاية الغدِ إن شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also
Close
Back to top button