من لشهداء الجيش الأبيض؟!* د. فوزي سلمان الخواري

النشرة الدولية –

ما إن تداعت وزارة الصحة للتصدي لفايروس كورونا المستجد (COVID-19) ووضع الخطط والإرشادات والشروع في تنفيذها، حتى هبت الطواقم الطبية والإدارية في الوزارة لتقديم يد العون وتنفيذ خطط الوزارة لإنقاذ البلاد والعباد من خطر خفي هدد العالم وتسلل إلى الكويت، كل في موقعه ومن خارجه.

لقد واصلت الأطقم الطبية والإدارية في وزارة الصحة الليل بالنهار والعمل تحت ظروف صعبة أهمها الحظر الشامل والتوسع في تقديم الرعاية الصحية وجعلها في متناول الجميع، فبالإضافة إلى المستشفيات والمراكز الصحية القائمة، كان عليهم تقديم خدمات الرعاية الصحية في المنافذ والمحاجر والمستشفيات الميدانية التي تم تجهيزها في وقت قياسي ويشمل ذلك المناطق المحظورة والمساكن التي يتم فيها اكتشاف تفشي الفايروس بين سكانها.

ومن المهم أن نعرف بأن أغلب من تم تكليفهم بمثل تلك المهام لم تكن من صميم عملهم أو اختصاصاتهم، بل إنهم جميعا وبلا استثناء قد هبوا للعمل طوعا وفي خارج أوقات العمل الرسمية، كان حافزهم الوحيد طبيعة مهنتم الإنسانية واستمرار تقديم الرعاية الصحية ومكافحة الفايروس بكل ما أوتوا من جهد.

الجدير بالذكر إن بعض الأطقم الطبية تطلب عملهم رعاية مباشرة مع مرضى مصابين بالفايروس ويعانون من أعراض شديدة وخطيرة، مما يتطلب منهم البقاء لساعات طويلة معهم، وهو ما أدى إلى إصابتهم بالفايروس، وكم كانت معاناتهم شديدة، ومنهم من قضى نحبه وانتقل إلى رحمة الله (نحسبهم شهداء عند الله) وترك من ورائه أسرة يعولها وأطفال ملوا من انتظار عودته إليهم…

مهما قدمت لهم الدولة من مكافآت ، فلن تعيد لتلك الأسر التي فقدت المعيل لها الحياة التي كانوا يعيشونها، ففي غياب المعيل انقطعت بهم السبل وتكبدوا تكاليف الحياة ورعاية الأبناء، وأصبحوا الآن بحاجة ماسة إلى معيل يحفظ لهم استمرار الحياة الكريمة التي كان يوفرها لهم المعيل، خصوصا إذا علمنا بأن أغلب من توفاه الله من الطواقم الطبية من العاملين في وزارة الصحة كانوا من المقيمين الذين وفدوا إلى الكويت للعمل لمساعدة أهاليهم وتعليم أبنائهم، والآن انقطعت السبل في بلد غريب بعيدين عن أهاليهم وأصبحوا كذلك غُرَمَاءَ بالأقساط التي تكبدوها من البنوك والإيجارات والمصاريف الأخرى.

إن من الواجب الآن على الدولة أن تستمر في رعاية تلك الأسر التي أفنى معيلها حياته في الذود عن الكويت وحماية أهلها والمقيمين على أرضها من خطر الفايروس، ولن يكون ذلك بالكثير على دولة الإنسانية التي وصل خيرها ومساعداتها حول العالم، وليس ذلك بالكثير على من قدم حياته من أجل إنقاذ الناس.. فكما نرعى الأيتام في كل أصقاع الأرض من الأولى أن نرعى أيتام من ضحى بحياته من أجل أن يحفظ أرواح الناس وصحتهم.

فمن لهم…؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى