على طرفي نهر الاردن ينمو الأبطال* صالح الراشد
النشرة الدولية –
أسقطوا صفقة القرن ، أسقطوا قرارات الضم وأسقطوا شعارات الهوان وارتقوا فوق الجباه، فهم لا يعرفون الإنكسار ولا الإنهزام فتحدوا المستحيل فعمروا أجمل البلدان بكل عزيمة وإيمان، وعند إشتعال الخطوب يلوذان ببعضهما فهما جسد واحد لا يفصل بينهما شيء، ويزينهما نهر هو بمثابة القلب يجمعهما ويزيد من قربهما وجمال علاقاتهما، حتى غدا العالم لا يميز بينهما، فالهيئة والهيبة والأنفة والعزة والكرامة والكبرياء واحدة، واللغة والتاريخ والبطولات هي ذاتها والقبلة نفس القبلة، نعم هؤلاء هم أبناء الأردن وفلسطين أبناء الشعب الواحد والعرق الواحد الذين يزدادون تماسكاً في كل مناسبة وفي كل محفل، ففرحهم واحد فتبتسم الطفيلة فيبتسم بحر غزة، وإن حزنت نابلس سقطت الدموع على خد السلط، فالفرح والترح واحد يحمل نفس اللون وذات الطعم، وإن قالت القدس “الله أكبر”، فيتردد في فضاء عمان “لا إله إلا الله”، فتجيب رام الله “محمد رسول الله”، فتهتف الكرك “حي الصلاة” لترد الخليل “حي على الفلاح”، لتصرخ المدن الأردنية الأبية “الله أكبر الله أكبر” فتجيب مدن فلسطين الصامدة ” لا إله إلا الله”.
هذا نحن لا فرق بين أردني وفلسطيني، وكل منهما يشد من عزيمته بالآخر، ليتساقط دعاة الظلام والفرقة الباحثين عن مجد لحظي زائل كون المجد يكون بالإرتقاء بالمحبة والأخوة على جنبي نهر الخلود نهر الحياة قبل وبعد الموت، فنابلس إحتفلت بالشهيد البطل فريد عبداللطيف يوسف بني حسن، بعد أن تم التعرف على هويتة بعد ثلاث وخمسين عاماً قضاها الشهيد تحت التراب، ليتم نقله بمراسيم عسكرية فلسطينية مهيبة وسط الزغاريد والهتافات إلى مقبرة الشهداء في بلدة بيتا في نابلس، فحمله جنود فلسطين ليواروا رفاته التراب من جديد بعد أن عرف الجميع من يكون البطل المجهول والغائب عن أهله وعشيرته لأكثر من نصف قرن.
لقد سطر الفسطينيون معنى التلاحم والأخوة وكيف يكون رد الجميل بين الأهل بالتقدير والثناء، فالرجل الذي غادر أهله للذود عن فلسطين، غاب عن والدته ليدافع عن بلاد أحبها وأحبته فاستشهد فيها راضياً مرضياً، وخلد إسمه في سجل الأبطال الذين يتناقص عددهم في عصر الضياع الذي تعيشه الأمة، ليكون نبراساً جديداً تُضاء به طريق الأمة وتستدل على بوصلتها التي فقدتها وتعلم بأن فلسطين هي القضية وبحلها ستصبح أمتنا أفضل، ولا حل للقضية بوجود الصهاينة الغاصبين لأرض فلسطين، ويهتف البطل الفريد فريد أنه لا أمان للصهاينة وأن المجد والعزة بوحدة الأمة، لتكون رسالته الخالدة لأمة عربية من الخليج الثائر وحتى المحيط الهادر “لقد منحت روحي لفلسطين وسكنت في قبرها دون أن يعرف أحد من أكون، ولم أغضب بل كنت سعيداً لأنني أديت واجبي، وزاد فرحي حين علم أهلي بأنني كنت ذاك المجاهد المقاتل العنيد الذي لم يرمي سلاحه وقدم روحه فداءاً لتراب القدس، نعم يا أمة العرب ففلسطين تستحق منا كل غالٍ ونفيس”، وكأنه يقول لأمة البحث عن الإستسلام ” لو شاهدتم ما شاهدت من نعيم ورضاً من رب كريم ما صافحتم صهيوني مدى الدهر ولتسابقتم لتحرير فلسطين كل فلسطين”.
رحم الله البطل الاردني فريد عبداللطيف يوسف بني حسن الذي ذاد عن فلسطين حياً وأعاد ذكريات البطولة فيها شهيداً بإذن الله، ودعونا نتذكر خلال هذه الفترة كم من زعيم في هذا العالم المترامي الأطراف مات، وكم منهم عادت ذكراه الطيبة كما حصل مع إبن قبيلة بني حسن الذي علا بصموده وإرتقى بحُسنِ صنيعه، فالجهاد بالنفس سنام الدين وسنام الرفعة فتعلموا كيف تكون الكرامة وكيف تنبت البطولات على ضفتي نهر الأردنيا يا من بعتم النفيس بالرخيص.