انتكاسة لحرية الرأي والتعبير* وليد الرجيب

النشرة الدولية –

تعرضت حرية الرأي والتعبير إلى انتكاسة، على يد من يفترض بهم الدفاع عن الدستور وحريات الشعب، وقد يرى البعض أن ما أقر بالمتداولتين حول قانون المطبوعات والنشر أنه انتصار، لكنه في حقيقة الأمر انتصار شكلي ومنقوص، بل هو التفاف متعمد على ما يريده المثقفون والأدباء والفنانون بجميع اتجاهاتهم.

فبدا للبعض أن إلغاء الرقابة المسبقة هو جوهر المسألة، بيد أن هذا الأمر جزء صغير من كل مبدأ الحريات، وأيضاً صحيح أن الرقابة المسبقة على المطبوعات ألغيت، لكن في المقابل جرى وضع عقوبات أشد على المحظورات التي لا تتسق مع المنطق والعقل.

فيبدو الأمر جميلاً عندما ترك المنع للقضاء، لكن هذا الاتجاه يعني تشجيع كل من يقف ضد حرية الرأي والتعبير والإبداع، لرفع قضايا على الكتاب والأدباء والمفكرين، وقد حدث ذلك في السابق عندما رفعت قضايا على عدد من الأدباء والفنانين، ليس على يد مفكرين بل على يد عناصر من جماعات دينية متشددة، على اعتبار أن هذه الكتابات هي تعد على المقدسات، أو على اعتبار أنها ضد الآداب العامة، ونذكر منهم الأديبة ليلى العثمان والدكتور سليمان الشطي والدكتورة نجمة إدريس والفنان الكبير الراحل عبدالحسين عبدالرضا والدكتور أحمد البغدادي وغيرهم كثير، رغم أن من تقدم برفع قضية، قد يكون طالباً في الجامعة أو نصف متعلم، وهذا يذكرنا بمن حاول اغتيال الأديب الكبير نجيب محفوظ، الذي سأله القاضي: هل قرأت الرواية، أجاب لم أقرأها ولكنهم قالوا لي إنه كافر.

إن المبررات التي كانت تسوقها رقابة وزارة الإعلام مثل خدش الآداب العامة، تكررت في هذه التعديلات، لكن مَن يقرر حدود الآداب العامة، وجميعنا يعرف أن المجتمعات متعددة الثقافات، وعندما يجري الحديث عن العادات والتقاليد، نتساءل: علينا أن نلتزم بعادات وتقاليد مَن، وحتى مبررات مثل الإضرار بالعملة أو بالاقتصاد، كلها مبررات مطاطة تحتمل تأويلات عدة، وفي هذه الحالة قد تكون العقوبات انتقائية ومفصلة على الأشخاص.

لقد قال سمو نائب الأمير ولي العهد في كلمته الحازمة والواضحة: «إيماننا بحرية الرأي ثابت والتزامنا بالنهج الديموقراطي راسخ بما لا يقبل التشكيك والمزايدة»، فكيف يرتكب مَن يفترض بهم الدفاع عن حرية الشعب مثل هذه الخطيئة.

هناك من لا يريد للشعب الكويتي أن يكون حراً، فإن قلت رأياً حراً تسجن، بالضبط مثلما يحدث في الدول الدكتاتورية، واليوم نطالب السيد رئيس مجلس الأمة وبصفته رئيس لجنة الأولويات، أن يقدم مشروع التعديلات للتصويت عليه بشكل عاجل، كما نطلب من السادة أعضاء مجلس الأمة الأفاضل، مراجعة مواقفهم من الحريات وقانون المطبوعات والنشر، ورفض العقوبات المتعسفة، ورفض عقوبة السجن ضد حرية الرأي رفضاً باتاً وأن ينتصروا للشعب الذي ائتمنهم على حرياته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى