هل حان وقت ملاحقة بريطانيا بجرائم جيشها في العراق ورعايتها السرية للارهاب؟

النشرة الدولية –

أعادت تداعيات جرائم القتل التي طالت تسع ناشطين عراقيين خلال  شهر آب، فتح ملف جرائم مماثلة  كانت اقترفتها القوات العسكرية البريطانية التي شاركت في احتلال العراق عام 2003 ورابطت في محافظة البصرة حتى عام 2009.

وقد وجد نشطاء الحراك الشعبي العراقي،  في زيارة رئيس الوزراء  العراقي  مصطفى الكاظمي للبصرة، الاسبوع الماضي، وتعهّده الوثيق ب “ملاحقة المجرمين مهما طال الزمن”،  فرصة  للتذكير بآلاف جرائم القتل والتعذيب البشعة  التي طالت أهالي البصرة على ايدي قوات الاحتلال البريطاني، وتخاذل  قضاء المملكة المتحدة عن انصافهم، رغم انقضاء قرابة الخمسة عشر عاما، بحسب ما نشره موقع “إرم نيوز” الإخباري.

وتأتي المعلومات المتداولة عن  توجه المجتمع المدني العراقي لإعادة  فتح  ملف جرائم  قوات الاحتلال البريطاني، في أعقاب  قرار هيئة النيابة العامة  في المملكة المتحدة، رفضها ما يزيد عن ألف قضية  لمواطنين عراقيين يتهمون الجيش البريطاني بارتكاب جرائم حرب اثناء مرابطتهم في البصرة بعد عام عام عام 2003 ، بدعوى أنها  قضايا “منخفضة المستوى، وتنقصها الادلة  المتينة”.

هل تُحاكم بريطانيا على تغطية جرائم حرب قواتها في العراق؟ – الوحدة نيوز

وهو نفس التخريج غير المتماسك، الذي كانت الحكومة البريطانية استخدمته  لطيّ جرائم  الحرب التي اقترفتها في ايرلندا وفي افغانستان، واصبحت بموجبها  نموذجا امميا في خرق  ثوابت  الحقوق الانسانية والشرعة الدولية، رغم انها  تستخدم هذه الشعارات في تصنيع  وتوجيه الاتهامات  لدول أخرى.

يشار الى ان لجنة  تحقيق بريطانية محايدة  برئاسة السير جون شيلكوت، تشكلت عام 2009 لتقصّي المشاركة  البريطانية في احتلال العراق، كانت وثّقت  لجرائم التعذيب والقتل  التي  مارستها في البصرة، لكن  معظم تلك  الجرائم لم يتم التحقيق  فيها. وهو نفس النهج الذي جرى تطبيقة على نتائج تحقيقات تولتها لجنة خاصة لاستقصاء ما فعله القوات البريطانية  في افغانستان، وتضمّن جرائم حرب مِن التي تشكّل بالعادة وصمة عارمستديمة.

في الذي تضمنه  “تقرير شيلكوت”، وتابعتْه صحف بريطانية بتحقيقات استقصائية، جرى توثيق مقتل الشرطي العراقي رائد الموسوي على يد جندي  بريطاني في دورية  بالبصرة عام 2003.  كما جرى تسجيل حيثيات استماع  لتفاصيل  تعذيب القوات البريطانية في البصرة  للشاب بهاء موسى ( 26 عاما)، موظف استقبال في احد الفنادق، توفي تحت التعذيب.

كما جرى ايضا توثيق  شريط لجندي بريطاني وهو يشتم سجناء عراقيين وقد غُطّيت رؤوسهم  فيما هو  يأمرهم  بالعويل بصوت جماعي. ومثله شريط  لجندي  بريطاني يشتم محتجزين عراقيين  ويفرض عليهم الحلوس بشكل معيب.

جيش المهدي - ويكيبيديا

وفي التفاصيل التي لم تبارح  ذاكرة العراقيين  ويتحرك المجتمع المدني العراقي لاعادة المطالبة بمجازاتها، شريط الجنود البريطانيين  الذين أجبروا عراقيا على الرقص مثل مايكل جاكسون، فيما كان  جندي بريطاني آخر يتبوّل على محتجز عراقي ثان. ومثله حادثة  قيام جندي بريطاني باحراق وجه شاب عراقي، والى جانبه جندي  يّجبر محتجزا عراقيا على تمريغ وجهه بالوحل الآسن.

قبل أن تغلق الحكومة البريطانية  باب المزيد من  هذه القضايا التي وصفتها التايمز اللندنية بانها ” مثيرة للاشمئزاز”، اضطرت وزارة الدفاع البريطانية أن تدفع تعويضات لمن طالتهم جرائم التعذيب ، بلغت حتى عام 2016، حوالي 26 مليون دولار، وجرى حصرها  ب 326 قضية.

لكن قرار الحكومة البريطانية باغلاق  باب الدعاوي والتقاضي، بذريعة مرور خمس سنوات عليها، جعل محامين يجهزون  لإقامة 160  دعوى أخرى  يتعلق بعضها بمقتل مدنيين  عراقيين أثناء اعتقالهم ، مضافا لها حوالي 800 انتهاك لحقوق الانسان على ايدي الجنود البريطانيين.

وخارج بريطانيا قامت  المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بنظر قضايا تندرج  في جرائم الحرب التي اقترفها الجنود البريطانيون في العراق. إحداها من مواطن عراقي يتهم القوات البريطانية بالمسؤولية عن  قتل شقيقه الذي كان محتجزا لديهم.

كما أعلن  المركز الاوروبي للحقوق الدستورية ، مقره برلين ، عن التقدم بشكوى جماعية للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ، بخصوص  200 قضية من جرائم الحرب التي  ارتكبها  الجنود البريطانيون في الفترة ما بين 2003 و2008،  وأدرج اسماء وزيري الدفاع والدولة البريطانيين بين المتهمين فيها بجرائم  التعذيب المنهجي.

في الذي يُشجع نشطاء في  الجمعيات المدنية  العراقية  الآن على  اعادة  فتح  ملفات  جرائم  الجيش البريطاني في البصرة، وتحويلها الي قضية وطنية وقومية، ما  تكشّف عن  اتفاق سري كانت  القيادة البريطانية في جنوب العراق عقدته مع  تنظيم طائفي مسلح  محسوب على ايران، بحجّة تشجيعه على  المشاركة  في العملية السياسية  بالعراق.

وفي ذلك ما يفك  واحدة من الالغاز  السياسية  الكبرى التي تكشف  مخاتلة بريطانيا وهي ترعى الارهاب سرا ، ولا تتورع عن تصنيع و توزيع الاتهامات  على الدول التي تحارب الارهاب فعلا  وبرؤية منهجية صريحة.

وكان تقرير “شيلكوت” كشف عن هذا الاتفاق السري  الذي عقدته القوات البريطانية في البصرة، مع تنظيم  “جيش المهدي”، وأثار في حينه الادارة الامريكية.

وقد فُهم  ذاك الاتفاق السري، في حينه، بأنه استغراق بريطاني في  دعم  التنظيمات والميليشيات التي تتستر بالاسلام السياسي. وهو نهج  لم تبارحه بريطانيا  التي جعلت لندن  حاضرة للاخوان المسلمين، وما زالت  تمارس في ليبيا، على سبيل المثال ، دور الراعي الخفي للمليشيات  التي تتبع لتركيا ولقطر في  توظيف الدين  لخدمة الارهاب والاحتراب والتجزئة.

يشار الى ان  ميليشيات  “جيش المهدي” التي رعت بريطانيا تأسيسها، حسب ما  جاء في تقرير شيلكوت، كان حلّ نفسه بعد مغادرة القوات البريطانية  واجتياحه من طرف ميليشيات أخرى، ليعاود الاعلان عن استئناف نشاطه بعد ايام من  مقتل قائد فيلق القدس ، قاسم سليماني، مطلع العام الحالي.

زر الذهاب إلى الأعلى