الجناية الاجتماعية في انتهاك حقوق الطفل* وفاء الرشيد
النشرة الدولية –
وصلني من أيام مقطع فيديو لطفلة سعودية، شاهدت لها الكثير من المقاطع التي تمرر عبر الإعلام المرئي من شمال المملكة لها حساب بالإنستقرام والسناب، لا تتعدى هذه الطفلة الرابعة من عمرها تلبس بيجامتها بشعرها المنكوش… وهذا الجزء الثانوي من الموضوع، أما الأهم فإن هذه الطفلة لها عدة فيديوهات على برنامج يوتيوب وسناب تشات وإنستقرام ولها من المتابعين الآلاف!
يبدأ المقطع بالطفلة وهي تشرب من بيالة شاي «أبقولكم سالفة!» لتسرد لنا قصة سقوطها بالمطبخ، والتي من الواضح أن هناك من يلقنها محتواها وطريقة السرد التي لا تتناسب مع من هم بعمرها «وجاء أخوي ذاك اللي امتحنا بالبلي ستيشن وأخوي الكبيراللي يودينا ويجيبنا» طبعا التمجيد من الأم للكبير لأنه «يودينا ويجيبنا»، لتنهي المقطع بعبارة «ادعوا لي بالشفاء، ادعوا لي يا متابعيني».
أي عاقل يتابع المشهد اليوم يكتشف مدى الهوس الواقع من بعض الوالدين بزيادة المتابعين والشهرة وربما التكسب المادي من وراء الأبناء، حتى لو كان الثمن هو تجريد أطفالهم من عفويتهم وانتهاك خصوصيتهم وتكسير نفوسهم بإيذائها. نعم إيذاؤها فالأثر النفسي على هؤلاء الأطفال الذين هم حقيقة ضحايا لأسرهم باهظ، وقد تبقى جروحه العمر كله. فالأعراض النفسية والاجتماعية التي تنتج من دخول الأطفال عالم الشهرة كارثية، فوجوده كنجم يؤثرعلى نفسيته وتكوينه العقلي مما يعرضه لإيذاء مباشر من والديه ينافي حقوقه وأنظمة الدولة التي حفظت حقوق الطفل.
هؤلاء الأطفال -حسب الأخصائيين النفسيين- متوترون عصبيون قلقون ويعيشهم خوف وعدم الإحساس بالأمان، ناهيك عن الضغط الذي يعيشونه من والديهم ليبقوا مشهورين وفي الصدارة بين منافسيهم لتزيد الأرباح!
الشريعة الإسلامية كفلت حقوق الأطفال مؤكدة حقه في الرعاية والحماية ومراعاة مصالحه، واتفاقية حقوق الطفل الموقعة عام ١٩٨٩ تنص على «ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عملٍ يرجح أن يكون خطراً أو يمثل إعاقة لتعليمه، أو ضرراً بصحته، أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي»، وقد صدر نظام حماية الطفل السعودي بمرسوم ملكي رقم (م-١٤) عام ١٤٣٦هجري.
الله تعالى يقسم ﺑﻬم: (لا أقسم ﺑﻬذا البلد وأنت حل ﺑﻬذا البلد ووالد وما ولد)، وجعلهم بشرى: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا)، وقرة للعين: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين)، وزينة الحياة الدنيا (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).
اليوم القوانين والعقوبات واضحة، وهؤلاء هم ليسوا أطفالكم فقط بل هم أطفال هذا الوطن كذلك، وكلنا مسؤولون عنهم.. فقد تصل عقوبتك إلى السجن سنوات وغرامات بالملايين، والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية، أوضحت أن استغلال الأطفال في الشهرة والتكسب المادي مخالفة يعاقب عليها القانون.