نصرالله..والبدايات العسيرة!* صالح القلاب

النشرة الدولية –

ما كان، حتى الذين يعتبرون أن حسن نصرالله لم يجد الزمان بمثله لا في العهود الغابرة ولا في العهود الحديثة بعد إنتصار الثورة الخمينية في عام 1979 يصدقون أنّ جنون العظمة سيصل بـ “سيد” ضاحية بيروت الجنوبية إلى حدّ أن يقول ما قاله يوم السبت الماضي “مساءاً” وأن يرفع صوته عالياً ويأمر أتباعه والمعجبين به بمقاطة قناتي: “العربية” و”الحدث” ويقول: “أنه مضطر لقطع “إيقاف” بث هاتين القناتين كي لا يشاهدونها” وبالطبع فإنه لم يقل ولم يوضح كيف سيكون هذا “القطع” الذي هدد به هاتين القناتين اللتين تبثان من أربع أرجاء الكرة الأرضية!!.

وبالطبع فإنّ “مفجر مرفأ بيروت” قد يصل به الغرور إلى حدٍّ أنه بات يعتقد أنّ بإمكانه أن يوقف الشمس في مكانها وهنا فإن المعروف في أدبياتنا الدارجة أن هناك مثلاً رددته الأجيال المتعاقبة يقول: سئل فرعون عما فرعنه..فقال: من قلة من يستطيع أن يردني” وحقيقة أنّ حسن نصرالله قد وصل به الغرور إلى هذا الحد.. لأنه بات يسمع وفي اليوم ألف مرة من يردد: “لا فتى إلاّ حسن ولا سيف إلاّ سيف نصرالله”.

والله.. إنني كنت قد رأيت هذا النجم الذي صعد حتى باتت هامته تلامس غيوم السماء في فترة سابقة أصبحت بعيدة عندما أطل علينا: “أنا العبد الفقير إلى الله وحسين نصرالله شقيق حسن نصرالله .. وصديق ماروني لم تترك لذهني كل هذه السنوات المتعاقبة إلاّ إسمه الأول: “بيير” وتحدث، أي حسن نصرالله، وهو يقف على آخر “درجة” تطل على ظهر عمارة ضاحية بيروت الجنوبية، مع شقيقه كلاماً لم نسمعه ولم نكن فضوليين كي نحاول سماعه.. وهكذا فقد ذهبت الأيام وأنقشعت كما تنقشع غيوم السماء وأصبحت “الضاحية” عاصمة لبنان الجميل وأصبح هذا “السيد” الصغير قائداً كبيراً تنحني له هامات الرجال .. ويفجر مرفأ بيروت التاريخي بدون أنْ يستطيع “كائن من كان” أن يشير له بالبنان!!.

ربما أنه كان بإمكان حسن نصرالله أن يصبح “سيد” “دكان” والده، رحمه الله، إذا كان قد إنتقل إلى جوار ربه، الواقع على بداية طريق بيروت – طرابلس مروراً بمدينية “جونيه” التي كانت في ذلك الوقت قرية ليست كبيرة.. وكان بإمكانه ألاّ يكون “طائفياً”,, فـ “شيعة” لبنان في تلك الفترة لم يكونوا لا “بأقليتهم” ولا “بأكثريتهم” “طائفيين” وكانوا يعتبرون بأنهم عمق الإتجاه القومي والوطني والسند الأساسي للمقاومة الفلسطينية.. وهنا فإنه بإمكاني أن أتذكر ليس عشرات بل مئات الأسماء التي لا تزال تحتفظ بها ذاكري التي غدت “صدئة”!!.

ما أريد قوله هو أن ضاحية بيروت الجنوبية التي كانت قد أستقبلت الذين جاءوا من الجنوب ومن الشرق بحثاً عن لقمة العيش في بيروت وفي المناطق التي دمرها إنفجار المرفأ الذي تشير التقديرات كلها إلى أن ذلك الفتى الذي كنت قد رأيته في مستودع القادمين إلى جنوب هذه المدينة الجميلة إلى أنه هو فاعل هذه “الفعلة” إن ليس بصورة مباشرة فبصورة غير مباشرة.. وإن هذا الشاب المعمم بالعمامة السوداء الجميلة الذي رأيته فوق سطح تلك “العمارة” التي لا أستطيع أن أذكر الآن في أي شارع تقع بعدما تخلت “الضاحية” عن أن تكون مستودعاً لـ “العمالة” الوافدة وأصبحت عاصمة لبنان الفعلية والحقيقية بعدما أصبح حسن نصرالله صاحب القرارات الصعبة في بلاد الأرز وأصبح قصر بعبدا ثانوياً بعدما تعملقت “الضاحية” التي أصبح سيدها وسيد لبنان كله هو هذا الفتى الذي كان قد إعتمر العمامة السوداء باكراً.. وبات هو صاحب القرارات الصعبة في هذا البلد.. وفي بعض البلدان المجاورة والبعيدة!

نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى