«الزَّلمة بيحكي» كويتي* د. ناصر أحمد العمار

النشرة الدولية –

كلمة «زلمة» يطلقها بعض أهل الشام على الرجل المستكمل صفات الرجولة. استخدمتها مجازا لعنوان هذا المقال، لكن مضمونه على كثيرين من الزلم منهم مصريون وعراقيون وكذا جنسيات غير عربية.

 

تتحفنا المسلسلات والمسرحيات الكويتية منذ عقود بعرض ممثلين كنا نعتقد أنهم كويتيون بسبب إتقانهم للهجتنا المحلية الكويتية، بل ان بعضهم يجيدها ويطلقها (لهجة كويتية قح) خاصة العنصر النسائي منهم وهم كثر.

 

تطورت هذه الظاهرة حتى يومنا هذا، فلم يعد إتقان اللهجة الكويتية مقصورا على الممثلين الوافدين القدماء بل امتدت الظاهرة لممثلات وممثلين صغار سن، فأجادوا اللهجة الكويتية أفضل ممن سبقهم من الممثلين المخضرمين، وساحة المجتمع الكويتي تكتظ بالكثير من الوافدين من غير الممثلين من جنسيات عدة من الجنسين ممن أتقنوا التحدث بلهجتنا وسط مشاعر الفخر والاعتزاز من قبل الكويتيين لهذه الظاهرة التي تعكس حقيقة دامغة (رأي كاتب السطور) وهي أن إتقان اللهجة مؤشر إيجابي دون شك ودليل على اندماج وتفاعل وانصهار اجتماعي قد حدث لأولئك الوافدين أيا كانوا ممثلين أو غيرهم ممن عاش على هذه الأرض الطيبة التي أحبوها وانتموا إليها.

 

تقول بعض الدراسات إن هناك من الأدلة ما يشير إلى أن الأجنة تألف لغة محيطها القريب، وهي لاتزال بعد في الأرحام، حتى يؤثر في الرضع لاحقا اللغة التي كانوا أكثر استماعا لها قبل مولدهم، وهذا يعني أن من أتقن لهجتنا الكويتية كان يعيش ذات المحيط الأسري والاجتماعي، أي أن أسرهم أرضعتهم حب الكويت وأهلها والتمسك بترابها فكان على ما يبدو أن كل ركن من معيشتهم كويتي الهوا، تماما كما كان ولايزال لدى البعض يتنفس حب وعشق الكويت وإلا من يجبرهم على أن يتكلموا لهجتنا فأتقنوها وجاهروا بها أمام الميديا؟!

 

أستثني طبعا الفئة الأخرى ممن انحرف بلهجتنا وشوهها في تجربة أجرتها جامعة هارفارد عام 2007، بأن أطفالا رضع شاهدوا شخصين على شاشة يتحدث أحدهما بلسان مألوف والآخر بلسان أجنبي، ثم عرض المتحدث على الأطفال دمية ظهرت فجأة من وراء الشاشة، فكان أن فضل الأطفال الدمية التي قدمها الشخص المتحدث بلسانهم ولهجتهم الأصلية.. تقول الباحثة كينزلر أن اللهجة تتفوق عند بعض الأطفال على العرق كمؤشر للهوية الجمعية. ويضيف كاتب السطور:

 

– اقترنت اللهجة الكويتية بصوت الكويت والكويتيين والخليج العربي باعتبارها لهجة محلية موثوقة وذات مصداقية.

 

حسنا أن أتاحت تمثيلياتنا ومسرحياتنا المحلية على مدار نصف قرن الفرصة، وشجعت تنوع مشارب مستمعيها ومشاهديها، وتجتذب مزيدا منهم من كل أفق.

 

– وجدت على ما يبدو (بسبب انتشار لهجتنا عبر الميديا) أن هناك انحيازا بعد اللهجة المصرية لتلك اللهجة قائم في المجتمع العربي، فلهجتنا تمثل إطلالة على خلفياتنا الاجتماعية، وعلى انحيازاتنا الثقافية والفكرية والأخلاقية والسلوكية، قد تعكس صورة جمالية ومعرفة في أصل الكويت والكويتيين ومن يعيش على أرضها.

 

– ان مشاركة (الزلم والزلمات وغيرهم ممن يتحدثون لهجة كويتية) من عيالنا الوافدين شاركوا في انتشار لهجتنا لذلك لهم شأن خاص يؤكد مكانتهم في بلدنا.

زر الذهاب إلى الأعلى