لبنان أمام الاختبار الكبير فهل ينجح بتطبيق “إصلاحات ماكرون”؟

النشرة الدولية –

زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان مرتين في أقل من شهر، وكان في المرة الأولى إلى جانب أهالي بيروت لمواساة أقارب الضحايا والمتضررين جراء انفجار المرفأ، واعدا إياهم بمحاسبة، وعاد في المرة الثانية حاملا في جعبته “خطة إصلاحية” تشمل مكافحة الفساد وإجراء تدقيق مالي وغيرها، واشترط تطبيقها خلال مهلة معينة، لإعادة إحياء مؤتمرات دعم لبنان، والتي على أساسها يحصل على دعم مالي واقتصادي من الدول الكبرى.

بحسب وكالة “رويترز ” تدعو خارطة الطریق الفرنسیة الحكومة القادمة في لبنان إلى استئناف المحادثات فورا مع صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد المتهاوي واتخاذ خطوات سریعة لمحاربة الكسب غیر المشروع وتطبیق إصلاحات أخرى تأخرت لسنوات.

زيارتا ماكرون وخطة العمل التي قدمها للسياسيين طرحوا تساؤلا مهما في الشارع اللبناني، أولا عن الاهتمام الفرنسي الذي أعاد ترتيب الأولويات في الداخل اللبناني، وثانيا عن امكانية الطبقة السياسية الحاكمة تنفيذ إصلاحات جذرية خلال الأشهر المقبلة، وهي التي أفلست لبنان خلال الـ15 عاما الذين قضوا.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والصحفي اللبناني إيلي الحاج في حوار مع  موقع “الحرة” إن “هناك علاقات وثيقة وتاريخية  بين البلدين، وهناك عوامل لها تأثير مثل الجالية اللبنانية في فرنسا التي تعتبر مؤثرة في عدة مجالات ومنها الثقافية والسياسية”.

وقالت رویترز إنها اطلعت على مسودة البرنامج الفرنسي وهو تضمن رسالة قویة لزعماء لبنان بعثت بها زیارة الرئیس الفرنسي لبیروت مفادها: “نفذوا الإصلاحات بحلول نهایة أكتوبر  وإلا ستواجهون العقوبات”.

وعن المهلة التي اعطاها ماكرون للسياسيين لتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد، قال الحاج إن “ماكرون لديه ما يشبه التكليف من المجتمع الدولي، لأن الوضع في لبنان سيء وذاهب نحو الأسوأ، هو (ماكرون) لم يطالب بالتغيير بل بإصلاحات”، وأضاف الحاج: “إذا لم تلتزم الطبقة السياسية بالإصلاحات التي وضعها ماكرون وفق برنامج محدد، فستكون هناك عقوبات على السياسيين”.

وجرى تكلیف مصطفى أدیب، سفیر لبنان السابق في ألمانیا، برئاسة الوزراء قبل ساعات من وصول ماكرون. وینبغي على أدیب ضمان الموافقة على حكومته قبل تولي المنصب وهو أمر كان یستغرق في العادة عدة شهور. وقال ماكرون إن السیاسیین وافقوا على إنجاز هذه المهمة في غضون أسبوعین.

وتقول المسودة الفرنسية إن على الحكومة اللبنانیة الجدیدة وضع إطار زمني للمحادثات مع صندوق النقد الدولي خلال 15 یوما من تسلمها السلطة، وفي غضون شهر، یتعین على الحكومة تطبیق قانون لتقیید حركة رأس المال وافق عليها صندوق النقد الدولي وبدء التدقیق في حسابات مصرف لبنان وتنفیذ إصلاحات في قطاع الكهرباء الذي لا یزال عاجزا عن إمداد سكان البلاد البالغ عددهم حوالي ستة ملایین نسمة بالكهرباء طوال الیوم.

كما یتعین على الحكومة في غضون شهر إلغاء خطط حالیة لمشروع مثیر للجدل لبناء محطة كهرباء في سلعاتا شمالي بیروت وتأسیس هیئة وطنیة لمحاربة الفساد.

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أمين قمورية في حديث مع موقع “الحرة” أن الرئيس الفرنسي أعطى السياسيين فرصة أخيرة، وقال: “ماكرون رمى طوق نجاة للطبقة السياسية، وسيحاولون إرضاؤه”. وتساءل: “هل هم على استعداد لتقديم تنازلات؟ على الأرجح لا، وهي طبقة متلبدة ولديهم خبرة في فن التهرب”.

وفي حال عدم الإلتزام بالإصلاحات وبمكافحة الفساد، أكد الحاج أن “الغرب والفرنسيين يستطيعون كشف مصادر الأموال ومساراتها ومآلاتها، وعلى هذا الأساس يمكن فرض العقوبات على الفاسدين”.

وأضاف قمورية: “الموضوع الذي يشغلهم العقوبات، وتعريض أولادهم للخطر أهون من تعريض جيوبهم للخطر”.

وأكد قمورية أن السياسيين سيناورون حتى الرمق الأخير دفاعا عن مصالحهم، وقال إن “هذه الطبقة تستغل الوقت ليقولوا لماكرون نفذنا إصلاحات، لكن هذه طبقة خبيثة وتلعب دور المناورة، والسيف مسلط على رقبتها”.

الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتوضيح الحقائق وكشف مدى التزام الطبقة السياسية بالورقة الإصلاحية التي قدمها ماكرون، والنتائج وحدها ستحدد إن كانت الأوضاع في لبنان ستتجه نحو الانتعاش أو نحو الهاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى