جنون العظمة والجنون الحقيقي!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
يلتقيان في النهاية ويحددان مصير العديد من الأشخاص إنهما جنون العظمة والجنون الحقيقي، فمن يُصاب بداء العظمة سيصل في نهاية الطريق للحقيقي في ظل عدم وجود علاج لجنون العظمة، والذي يجعل الإنسان يشعر بأنه خارق وفوق القانون والبشرية جمعاء، بل يجعله يعتقد أنه صاحب الرأي الفصل والقول العدل، وأنه العالِم والخبير والسياسي والإقتصادي وإنه إلاه فرعوني وربما إغريقي ويجب أن يدين له الجميع بالولاء والطاعة العمياء، وتزداد الحالة المرضية عندما ينحني العبيد للمجانيين ويرفعون من قدرهم ويطأطئون لهم رؤوسهم معبرين عن الخنوع والخضوع.
ويستمد المجانيين عظمتهم من قدرات مالية سمحت لهم بإمتلاك شركات ومؤسسات، وربما من منصب حصلوا عليه بالصدفة البحتة أو من خلال دعم غير قانوني، وربما لا يصل لأي منصب لكن بينه وبين نفسه يعتقد أنه سيد الشمس وصانع المطر، وهذه الحالة تتزايد في المجتمعات مع الإنفتاح الأكثر جنوناً من عظمتهم، فيضلون الطريق بين الوهم والحقيقة معتقدين أن كل خزعبلاتهم وخرافتهم حقيقة واقعة وأنهم السادة والبقية عبيد، وهنا يشعر هؤلاء وبالذات إذا كان لهم سنداً يوفر لهم الحماية بأنهم فوق البقية وقادرين على فعل ما يُريدون حيث يعقتدون أن القانون وضع لخدمتهم فقط.
جنون العظمة أصاب العديد من قادة العالم وانتقل لعدد كبير من شعوب تلك الدول، وعندها اعتقد هؤلاء القادة أنهم خارقون ومنهم الألماني هتلر ،الإيطالي موسليني، المصري محمد السادات، الليبي معمر القذافي، الأوغندي عيدي أمين، السوداني عمر البشير، التونسي زين العابدين بن علي، اليمني علي عبدالله صالح والصهيوني شارون، وجميعهم غادروا الدنيا بطرق مختلفة، وحالياً حدث ولا حرج فيكفي وجود الرئيس الأمريكي ترامب الذي يعتقد أن الكون خُلِقَ لأجله وكذلك الصهيوني نتنياهو، أما من الحكام العرب الحاليين فهناك ….”وهنا لاح الصباح وسكت صالح عن الكلام المباح حتى لا تصيبه الأتراح وتغيب عنه الليالي الملاح ويجلس بين الأشباح”.
وأصاب جنون العظمة مجموعة من أصحاب المناصب فرئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر وكذلك رئيس الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية جياني ميرلو اصيبا بهذا المرض، وهناك عدد كبير من الإعلاميين الذين يعتقدون أنهم عباقرة العصرة والعارفين بجميع الأحداث مثل اسامة فوزي وعديد الإعلاميين المصريين، ويعاني من هذا الجنون عدد من لاعبي كرة القدم الذين سقطوا مبكراً كون جنون العظمة يشكل نقطة بداية السقوط ، لذا فقد سقط عدد كبير من قادة العالم الذين يعانون من نوبات هذا المرض وسيلحق بهم البقية.
ويتطور جنون العظمة في حالتي عدم الإرتقاء الذهني لحالة أعظم أو السقوط إلى الحضيض، وعندها يصبح مجنون العظمة مجنون رسمي يقبع في المستشفيات النفسية أو يتعاطى المخدرات كما حصل مع النجم الإرجنتيني مارادونا ، وقد يقوده الجنون بشقية إلى إرتكاب جرائم لا يتخيلها العقل كما فعل عيدي أمين والعديد من القادة حيث فتكوا بكل وحشية بشعوبهم والشعوب التي يحتلون بلادها، لنجد في نهاية الأمر أن الجنون واحد كون نتائجة تنعكس بالسلب على المجتمعات التي يتواجدون بها وعليها أن تتحمل جنون عظمتهم أكثر من تحملها جنونهم الحقيقي المرضي.