متوسط الموت والعبودية يقود العالم للفناء!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
قاد العالم للجنون والقتل والموت والعبودية، ولم تتوقف أمواجه عن الإرتطام بسواحل دول في ثلاث قارات تتصارع فيما بينها على نهب خيراته، فهو بحر الخير الذي نشأ حوله العالم القديم بحضاراته الراسخة، ليرتسم في كل مرافأ حكايا وقصص منها الحقيقي والكاذب ومنها الخرافات والواقعي، ليتغلب على خرافات الكاريبي وقراصنته بفضل خيراته التي لا تنتهي ولا تنضب، فبعد تجارة الأسماك ونقل المواد بين القارات ظهر فيه الموت الأسود المتمثل في النفط ثم ظهر الغاز القاتل، ليبدأ الصراع يلوح في الأفق بين دول عديدة يسعى كل منها لنيل خيرات البحر الأبيض المتوسط ويمنعها عن غيره كونها طريق العلو والسيادة، فالعالم يعتبر أن الغاز هو عصب الحياة والإقتصاد وبالذات القارة الأوروبية التي لا تستطيع البقاء على قيد الحياة بدونه.
وللمتوسط قصص غريبة حيث سيطر الأوربيون على العالم بفضله بل إستعمروا جميع الدول التي تقع على سواحله في آسيا وأفريقيا، وكان طريقهم صوب إستعباد العالم، فتنافست إيطاليا وفرنسا وإسبانيا واليونان وتركيا في بسط نفوذه على لبنان وسوريا وفلسطين ومصر وليبيا وتونس والجزائرة والمغرب، وجميعها دول عربية فقدت إرتباطها بتاريخها وقوميتها بعد معاهدة “سايكس بيكو” والتي حولتها إلى دول متعددة بعد أن جعلها الفتح الإسلامي دولة واحدة تسيطر على البحر، لتصبح مجرد ارقام على شواطي تابعة لقوات غربية، ففرنسا تسيطر على لبنان وتونس والجزائر والمغرب، فيما اصبحت روسيا بديل عن فرنسا في سوريا، ومن جديد عادت إيطاليا إلى المنطقة من خلال ليبيا التي تشهد تنافس تركي فرنسي روسي.
البحث عن الغاز جعل الصراع يشتد ويتحول إلى نقطة تشتعل فيها المواقف والصراعات والدول، فتركيا تسعى للحصول على الكمية الأكبر من الغاز القريب من الشواطيء اللبنانية والسورية ، فيما الكيان الصهيوني قزم المياة الإقليمية التابعة لغزة لأجل الحصول على الغاز، ودخلت اليونان وقبرص والكيان الصهيوني بقوة في صراع منفصل مع تركيا للحصول على الكمية الأكبر، ولا يريد هؤلاء جميعاً أن تدخل فرنسا وروسيا كشريكين في الصراع نيابه عن لبنان وسوريا، وعندها إذا أصرت كل دولة على الإحتفاظ بحقها فإن الحرب ستقوم وتُشعل البحر الذي قد يتحول إلى الجحيم الذي يُغرق العالم باسره ويقوده للفناء.
ويبدو أن الحلول قد تاهت عن جميع الدول المتصارعة في ظل إنتشار ظاهرة جنون الغاز بينها وهو الذي حل بديلاً عن جنون الذهب، فلا تريد أي دولة تقديم تنازلات تساهم في إثراء الدولة الأخرى، وطبعاً لن تجلس الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي وهي الساعية إلى ربط عملتها بوحدة الطاقة، لذا قد نجد الاسطول السادس الأمريكي يتدخل بقوة لفرض هيمنته وسيطرته على البحر المتوسط، وبالتالي ستكون المواجهة لاهبة مع الاسطول الروسي المتواجد في طرطوس، وطبعاً ستدخل تركيا في مواجهة مع اليونان ولن تصمت الجبهة الإفريقية الأوروبية حيث ستشعل الدول المتواجدة في ليبيا حرباً من مصر، وهذا يعني ان كل متر مربع في البحر المتوسط سيشهد مواجهات عسكرية مما يُشير إلى صناعة تاريخ جديد موسوماً بالموت والعبودية وسيكون طريق الدمار للعالم.