أسئلةٌ معروفة الأجوبة* يوسف طراد

النشرة الدولية –

إن كتبت ماري القصيفي باسمها أو باسمٍ مستعار (مي م. الريحاني) وإن لم تكتب فهذا سيّان، فنحن الموارنة لا نجيد القراءة لأننا لم نقرأ التاريخ قبل وخلال صدور كتابها (الموارنة مرّوا من هنا) الصادرعن دار مختارات للنشر ولم نأخذ العبر، ففي الحاضر يجبروننا على استعادة الخوف من بعضنا قبل الآخرين.

عتبة الكتاب (هذه النصوص)، عندما تقرأون تتأكدون من أن الحلم قد رحل ولم يحمل معه الوطن إلى قلب الفقراء. لماذا أيتها القصيفية أصبحت الكتابة (وثيقة انتحار أدبيّ ودينيّ واجتماعي)؟ هل ستصبح الصلاة هكذا؟ هل إذا أردنا الصلاة بنقاوة قلب مجددًا نعرف كيف نصلّي؟ هل يلزمنا صلاة تقليدية أم صلاة تأملية؟ هل سنعمل بالمثل الذي ردّده أجدادنا (الصلا بترفع البلا)؟

لماذا يا ماري لم يُفرض الحرم؟ يمكن أن لا يكون الجواب في المتناول، إن لم نحظى بجواب فمعذورة، يمكن أن تكون الإجابة عويصة أو كبيرة لكن مهما كانت واقعية ليست أكبر من الوطن أو الطائفة البانية للأساسات، لكن من حقنا أن نسأل التي أدخلت الوعي من خلال كتاب إلى عقولنا ولو بعد فوات الأوان.

لا نريد أن نسأل عن (رجل الكرسي) لكن يحق لنا السؤال عن المواد المصنوعة منها الكراسي، هل هناك كراسي معينة مخصصة للطائفة عند صناعتها يتلو الصانع التعاويذ فتدخل الجماد لتحييه وتؤثر في صناعة القرار؟ هل أن “دليل التفكير” الصادر عن المجمع البطريركي الماروني انتشل كرامة الفقراء من جيب الإعلام؟. (أن لبنان صار بالنسبة إليهم كالفاتيكان بالنسبة إلى الكاثوليك، ومكّة بالنسبة إلى المسلمين) هل يا ماري سيحج موارنة الشتات إلى لبنان؟ وفي أي عيد؟ أفي عيد الاستقلال أم عيد مار مارون أم عيد مار شربل أم في ذكرى مئوية لبنان الكبير؟ من هنا نفحة عنوان الكتاب (الموارنة مرّوا من هنا)!

حكاية الجدّ في المنشور التاسع من هذا الكتاب لها مناسبة وظرف مكان لكن ظرفها الزمني غير محدود فالعِّلة تتمدد إلى أزمنة ودهور وتتفاقم إلى ازدحام الثقافات الغريبة عن تقاليدنا (كمشروع ليلى) الذي إحتل الزمان والمكان الذي كان يجري فيهما زياح القربان المقدّس، أحفاد جدّ الكاتبة أخذوا عهدًا أن يزرعوا كلمات الحق وسيجدوا أرضًا خصبة تنبت فيها الحبوب وتصبح سنابل وتحمل خمسين ومئة بالرغم من صراع الحريات المحميَّة من الدستور هذا الصراع الذي أظهر حقيقة لا مبالاة في طرق تعليم وتلقين الأجيال، مما جعل المجتمع محتاجًا للماء الحق النقي فوجد الماء الملوث لسهولة الحصول عليه.

منشورات سفكت وهج ولادة كتاب في إعصارٍ يتمادى، مركزه قلب الوطن، فشهدت الكاتبة لفطنة البوح دون اكتراث للعواقب وجعلت ظمأنا للمعنى حالمًا بالخلود وطائر الفينيق. ماري القصيفي غرفت من الأجاجين السبعة خمرًا جيدًا وسكبتها في ثلاثة وعشرين منشورًا مضمون الكتاب فكانت عرسًا للكنسية الحقَّة. أديبة كتبت بالدموع ولوعة الوجود، عندما تقرأون تتاكدون أنهم يتنازعون على الأرض بدل السماء.

أيتها المبدعة للحقيقة لماذا كلّ هذه الإضاءة (فالشمس شارقة والناس قاشعة) لكنهم لا يريدون أن يٌبصروا فهؤلاء من قال عنهم الجليلي: (زمَّرنا لكم فلم ترقصوا، نِحْناّ لكم فلم تلطموا- مت 11-16). لن ينوح من كلامك سيدتي الأديبة الّا من ندم على خطاياه تجاه وطنه ولم تعد تغريه ملذات الحياة، هؤلاء معدومون فقد انقرضوا لا لأنهم كالديناصورات بل لأنهم طعام للديناصورات التي لم تنقرض.

مجموعة مختارات تعيدنا إلى جلجلة الموارنة القدماء من خلال توصيف واقع حقيقيّ مؤلم بصرخة دفعت الكاتبة ثمنها غاليًا. عندما تقرأون تضج في رؤوسكم نواقيس غير مسموعة كناقوس الخطر في كتاب (الموارنة مروا من هنا) ومن يأبه للقراءة أو للخطر في مجاهل القرن الحادي والعشرين.

كتابٌ مجردٌ للحقيقة تليق به القراءة بمحبة.

يوسف طراد. موقع mon liban.

السبت 10 آب 2019

سيدتي الأديبة لا نريد أجوبة فالجواب كامن في ممارسات المسؤولين.

زر الذهاب إلى الأعلى