تساؤلات مواطنة: مكافحة الفساد.. بفرق معاونة؟!* أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

ما سأكتبه هنا، ليس مقالاً بقدر ما هو رسالة، من مواطنةٍ «قلبها على الديرة».. وتخشى على المال العام، والاحتياطي، فارتأيت أن أخاطب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الصباح، الذي عُرفت عنه جديته في مكافحة الفساد واجتثاثه، ووعدنا بأن الفاسد سيحاسب مهما كان، ولكن.. أخشى ما أخشاه أن تتحول عملية مكافحة الفساد إلى فساد من نوع آخر!

سمو الرئيس، بيان اجتماع مجلس الوزراء الموقّر، يوم الإثنين 31 أغسطس الماضي، تضمن تشكيل فرق من المتخصصين لمعاونة الأجهزة المعنية بملفات التعاون مع مجلس الأمة، ومكافحة الفساد، والإصلاح الاقتصادي، وتعديل التركيبة السكانية، وأخيراً وسائل التواصل الاجتماعي، مع تحديد مهام واختصاصات كل فريق.

وهنا، اسمح لي سموك بأن أتساءل، كأي مواطن، عن سبب تشكيل هذه الفرق، خصوصا أن كل القضايا المعنية بهذه الفرق تتبع جهات ومؤسسات حكومية، ما يجعلنا نصرّ على معرفة سبب تشكيل هذه الفرق.

ويبدو لنا أن للتشكيل سببين، لا ثالث لهما؛ الأول أن الجهات والمؤسسات المعنية بالملفات، السالفة الذكر، لا تقوم بواجبها على أكمل وجه، ومجلس الوزراء الموقّر لا يثق بجديتها في أداء مهامها، وهو ما ذكره بيانكم بلباقة «معاونة الأجهزة المعنية»، بالتالي شكل هذه الفرق لتكون داعما لها، وهنا لنا أن نقف وقفة جادة. فلو كان هذا السبب فلماذا لا تتم محاسبة هذه الجهات على تقصيرها؟

واسمح لي بأن أسأل سموكم: هل تجاملون هذه الجهات، أم تخشون على مشاعرها من الخدش، فبدل أن تشيروا في بيانكم إلى تقصيرها تعيّنون لها معاونين من مستشارين واختصاصيين لتضخّموا الجهاز الإداري «أكثر ما هو مترهّل؟!».

فلو نظرنا إلى مواضيع هذه الفرق المشكّلة، فنجد أن لكل منها جهازا إداريا ضخما معنيا بها، فعلى سبيل المثال: في مجال الإصلاح الاقتصادي، لدينا وزارة المالية والأجهزة التابعة لها، وكذلك في التركيبة السكانية إلى جانب الهيئة العامة للقوى العاملة، نسمع مراراً وتكراراً عن وجود لجنة معنية بالتركيبة السكانية وتعديلاتها، فضلا عن وجود هيئة لمكافحة الفساد.

ولا يخفى على سموكم أن مسؤولي وموظفي هذه الجهات يتقاضون رواتب نظير عملهم، فضلا عن أن كل جهات الدولة بلا استثناء تملك مستشارين بمختلف التخصصات، ويكاد لا يخلو مكتب قيادي أو إشرافي من وجود المستشارين والمتخصصين، وليس سرّاً أن ميزانيتنا تتحمّل أعباء كبيرة في بند الرواتب، فإن كان هذا الجهاز الإداري المتضخم لا يستطيع أداء مهامه، ويتطلب وجود فرق مساندة لعمله الطبيعي، فأولى خطوات مكافحة الفساد هي أن يتم التحقق من مكامن الخلل، ثم المحاسبة، ثم تغيير الطاقم المقصّر واستبدال آخر كفؤ به، بدل أن نترك المقصّرين ونأتي بمن يعاونهم، وبالتالي نحمّل مالنا العام أعباء مالية جديدة بمكافآت ورواتب لفرق جديدة، فهذا أيضا شكل من أشكال التقصير، الواجبة مكافحته لا تعزيزه!

أما السبب الثاني، فربما رغبة البعض في تنفيع عدد من المختصين والمستشارين عبر تشكيل الفرق الجديدة، ورغم أني أؤكد عدم التشكيك في جدية سموكم في مكافحة الفساد، ورغبتكم في حماية المال العام، فإنني أجد أن من واجبي كمواطنة أن ألفت نظر سموكم إلى أن تشكيل هذه الفرق، هل بقصد تنفيع عدد من الأشخاص على حساب أموالنا وأموال أبنائنا؟ إن كان كذلك ونحن لا نظن ذلك، فهذا لا علاقة له بمكافحة الفساد، الذي نتمنى عليكم مكافحته ووأده.

أما النقطة الأخيرة يا سمو الرئيس، فهي موضوع الفريق المعني بمواقع التواصل الاجتماعي، فاعذرني سموك، لم أفهم القصد من وراء إنشاء فريق معنيّ بهذا الأمر، ولكن جُلّ ما أتمناه ألا يقودنا هذا الفريق الجديد إلى مزيد من القيود على الحريات والمغرّدين.

ولك مني يا بوخالد، تحية مواطنة تأمل بسموكم خيراً لكويت أجمل.

نقلاً عن صحيفة “القبس” الكويتية

 

زر الذهاب إلى الأعلى