القضاء اللبناني لن يطبّق العقوبات بحق فنيانوس وحسن خليل..ولكن المصارف ملزمة وإلّا

النشرة الدولية –

نوال الأشقر –

وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض سلاح العقوبات في قائمة نهج إدارته في السياسية الخارجية الأميركي. في عهده تمّ تشريع العديد من القوانين لتعزيز مفعول هذا السلاح عبر العالم. بصرف النظر عن نجاح أو فشل استراتيجية الحرب الإقتصادية التي خاضها بحق دول وكيانات، مما لا شك فيه أنّ الدول الأضعف اقتصاديًا كانت الأكثرعرضة لتداعيات العقوبات الأميركية. ساهم في ذلك “الدولار العظيم” كعملة هي الأكثر تداولًا في النظام المالي العالمي.

في لبنان اقتصرت العقوبات في بدايتها على شخصيات تنتمي إلى حزب الله المصنّف منظّمة إرهابية في المفاهيم الأميركية، ثم راح المسؤولون الأميركيون يهدّدون بتوسيع البيكار ليشمل داعمي الحزب، إلى أن تمّ استهداف الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، في رسالة مباشرة لا بل مزلزلة أرادت الإدارة الأميركية توجيهها إلى من يعنيهم الأمر، والرسالة كما قال الرئيس بري في بيان كتلته وصلت بالفعل.

فضلًا عن المغزى السياسي وكيفية ترجمته على أرض الواقع، هناك مفاعيل قانونية ستطال المستهدَفين، لا ينفع معها فرضية عدم وجود حسابات بالدولار للمعاقبَين، أو عدم وجود حسابات أو عقارات لهما في الولايات المتحدة، لأنّ ذلك لن يجنّبهما التداعيات المالية.

الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية والقانون الدستوري المحامي رئيف خوري أوضح في حديث لـ “لبنان 24” أنّ البعد القانوني اللبناني لا يتطرق إلى هذه النقطة، لأنّ هذه العقوبات لم تصدر عن محكمة قضائية دولية، إنّما صدرت عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية OFAC، وفي إطار قانون مكافحة تمويل الإرهاب وتبيض الأموال غير المشروعة، اتُخذ القرار باسم الإدارة الأميركية، ولا يمكن للمحاكم اللبنانية أو للنيابة العامة أو لأيّ جهة قضائية في لبنان أن تنفّذه.

الأمر مختلف بالنسبة للمصارف اللبنانية، وهي ملزمة بتطبيق العقوبات لجهة إخراج المعاقبين من المنظومة المصرفية، وإلّا سوف تتعرّض لمشاكل. في هذا السياق لفت خوري إلى سوابق عندما امتنعت مصارف لبنانية عن تطبيق العقوبات الأميركية، تمّ وضعها على لائحة تبيض الأموال، كالبنك اللبناني الكندي وجمال تراست بنك، بحيث تولّى مصرف لبنان تصفيتهما. هذا الأمر أكدّه رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، معلنًا أنّ المصارف مجبرة على اغلاق حسابات المدرجين في لوائح العقوبات أميركية.

الأسباب التي تجعل المصارف اللبنانية ملزمة بتطبيق العقوبات، ترتبط بحكم الواقع بحيث تلعب المصارف الأميركية دور المصارف المراسلة، وبالتالي لن يتمكّن أيّ مصرف من إتمام عملياته المصرفية بالدولار الأميركي من دون المرور بالمصارف الأميركية المراسلة، التي تطبّق بطبيعة الحال العقوبات الأميركية، وبالتالي المؤسسات المالية العالمية ملزمة بعدم التعامل مع المدرجين على اللوائح السوادء.

المصارف اللبنانية بوضع لا تحسد عليه، وتقع بين المطرقة والسندان وفق توصيف خوري، “فهي تعرّضت لضغوط من الولايات المتحدة، لتطبيق القوانين المتعلّقة بالإمتثال إلى الضرائب وبعض القوانين الأميركية، التي فرضت على المودعين في لبنان من حاملي جنسية مزدوجة، وبالمقابل جرت محاولات لثنيها أو تهديدها، ترجمت بتفجير قنبلة قرب مصرف لبنان والمهجر في فردان. قد تتواطأ مصارف لبنانية وتجد للمعاقبَين مخارج لاستعمال أموالهما المودعة في المصارف، أمّا بشأن أملاكهما وأموالهما غير المنقولة في لبنان، فالدولة اللبنانية لن تمنعهما من بيعها والتصرّف بها، كون المحاكم اللبنانية لا تنفّذ هذه العقوبات”.

أضاف خوري “الأمر يختلف بشأن مصير أموالهما في الخارج، بحيث ستتوقف كل عملياتهما المالية، وربما تتعرّض حساباتهما للمصادرة، ولا يمكنهما تحريك أيّ حساب أو الإيداع في حساباتهما ولا السحب منها، كون جميع العمليات التي تتم بالدولار تجري عبر النظام المصرفي الأميركي. ربما يلجأون إلى أموالهما المودعة بعملات في اليورو او الجنيه الإسترليني أو الين الياباني، ولكن هذه الدول أيضًا وإن لم تكن ملزمة قانونيًّا بتطبيق القوانين الأميركية، ولكنها تحترم العقوبات الأميركية، وتمتنع عن تقديم تسهيلات للمودعين المعاقبين لعدم تعريض مصارفها وهيئاتها للمحاسبة الأميركية. خصوصًا أنّ قرار العقوبات الصادر من مكتب أوفاك استند إلى قانون مكافحة الإرهاب، الذي يشمل معاقبة كل متعامل أو مسهّل أو متآمر، يتواطأ لتخفيف العقوبات أو لعدم تنفيذها”.

بالنسبة للمستقبل السياسي للوزيرين، من الصعب عليهما تبوء أي منصب سياسي من الآن فصاعدًا “فالسياسي لا يمكنه عزل نفسه، وعمله يحتّم عليه السفر وعقد محادثات مع جهات خارجية والحصول على سمات دخول، والعقوبات بحقّهما ستمنع البلدان من منحهما سمة دخول، تحت طائلة اتهام الولايات المتحدة البلد المعني بعرقلة تنفيذ العقوبات ومساندة الإرهاب”.

نقلاً عن موقع “لبنان 24”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button