«عين الحلوة» وسرقة الزعامة!* رجا طلب
النشرة الدولية –
عين الحلوة من اوائل المخيمات الفلسطينية التي سرعان ما تمردت على اللجوء والبؤس وتحولت عنوانا للكبرياء والكرامة، وأضحى بعد أقل من عقد من الزمن مصنعاً للرجال والثوار وترسخ في الذاكرة الفلسطينية كمكان ثائر لا يهدأ ولا يهادن، ولذلك كان «عين الحلوة» حاضراً في القصائد و الأهازيج وفي الخطابات السياسية كبصمة فلسطينية خالدة، واكتسب هذا المخيم الذي لا تزيد مساحته عن كيلو متر واحد قيمة رمزية ونضالية لم ينلها أي مخيم سواه، وبات مصنعاً للرجال ومعطفاً يرتديه الزعماء من قادة الثورة الفلسطينية وتحديداً قادة حركة فتح وفي مقدمتهم ياسر عرفات.
ارتبط اسم مخيم عين الحلوة بالثورة الفلسطينية ارتباطاً وثيقا وكان عاصمة النضال الفلسطيني في الشتات عندما كانت البندقية الفلسطينية لا تترك فسحة من الراحة للمحتل لكي ينعم بالنوم أو الراحة أو الشعور بالأمن وكان «عين الحلوة» على الدوام حالة فلسطينية استثنائية فوق الأرض اللبنانية وعلامة فارقة في وحدة الدم و النضال الفلسطيني – اللبناني المقاوم للمشروع الانعزالي الطائفي وللمشروع الإسرائيلي الاحتلالي ولكل ذلك اختار اسماعيل هنية رئيس حركة حماس المخيم الذي لا تربطه به أي علاقة تذكر ولا على أي مستوى من المستويات اختاره و بالتشاور مع قيادة حزب الله من باب سرقة الاضواء وإعادة إنتاج الشخص والحركة كقوة مقاومة بعد أكثر من ست سنوات من التفاهمات بين «حماس» وإسرائيل عبر قناة الوساطة الدافئة والمعروفة.
ومن باب الموضوعية أقول أن هنية لم يكن ليدخل «عين الحلوة» محمولاً فوق الأكتاف إلا لأنه وجد فراغاً كبيراً تركته قيادة فتح ومنظمة التحرير وفصائلها (دخل المخيم ترفرف فوق رأسه رايات حماس وغاب تماماً علم فلسطين) ووجد في هذا الفراغ فرصة سانحة له في إطار خطة مرسومة بدقة لتكريس «حماس» كقيادة للشعب الفلسطيني مدعومة من أحد الأطراف العربية وكل من تركيا وإيران في استثمار واضح لحالتي الوهن والضعف اللتين تعاني منهما قيادة «فتح» والمنظمة والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى طوق العزلة الذي باتت تعيشه السلطة الفلسطينية بسبب الاشتباك السياسي مع عدد من الدول العربية على خلفية التطبيع مع إسرائيل، هذا علاوة على الفتور الكبير في العلاقة مع مصر والسعودية.
الدلالة الأكثر أهمية في زيارة أبو «العبد» لعين الحلوة تكمن في أن حركة حماس ومن ورائها حركة الإخوان المسلمين باتوا يجهزون المسرح وبجدية للوراثة السياسية لمنظمة التحرير وتمثيلها للشعب الفلسطيني بعد ان اصبحت غزة تشكل نواة الدولة الخاصة بالحركة والتى تنتظر الوقت المناسب لتمد نفوذها وسيطرتها في المرحلة القادمة بشكل أو بآخر نحو الضفة الغربية ليكتمل مشروع «حماس» التاريخي الذي بدأ مع الانتفاضة الأولى عام 1987.
نقلا عن جريدة “الرأي” الأردنية