ثوار الفنادق يُتاجرون بأبطال الخنادق!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
يدفع أبناء الفقراء دمائهم الزكية للدفاع عن بلادهم، ويفتخرون بالشهادة لأجل الله والوطن، فيما أبناء الصفوة في وطننا العربي المترامي الأطراف يخوضون حروب التحرير بطرق مختلفة، لذا لم نسمع في إذاعات الدول العربية والعالمية عن إستشهاد ابن لقائد أو لمتنفذ في دولة من الدول، وأخص هنا بلاد العرب، حيث يختبيء هؤلاء في غرف محصنة تحميهم من رصاص الموت وقنابل التمزيق، فدم هؤلاء مقدس ويجب أن لا يُراق لأجل وطن أو قضية، فدماء الأبناء الزكية خُلقت لأهم من هذا، فدورها يقتصر على إجراء المباحثات مع القتلة لتحديد حصتهم من دماء الشرفاء المسكوبة ومن الأراضي المنهوبة، فهم يُجيدون الجلوس في الفنادق ولا قدرة لهم على حروب الخنادق، فهم رجال الكذب والنفاق فيما رجال الحق يبحثون عن وطن بين رصاصات الموت التي لا تتوقف إلا بأمر من تجار المواقف والدماء.
فأبناء السادة الجدد حولوا الشعوب العربية إلى عبيد من طراز حديث، فيصفق المغلوبون على أمرهم لاسيادهم عند التصريح وعند الوقوف، وحتى عند الذهاب لسرير النوم من أجل العمل على مشروع عظيم لإنتاج فاسد جديد، فالشعوب اعتادت التصفيق بعد أن غلبها العويل، وبدأت ترسم إبتسامات الكذب بعد أن شوه وجهها كثرة الدموع والجوع لبسط الفاسدين أياديهم على خيرات الأوطان، فعبثوا بالبلاد ونهبوا وسرقوا العباد، وقادوا الفساد وانتشرت بطولاتهم في الفنادق مع الراقصات واستمروا في صراعهم هذا حتى جف دم الوفاء والإنتماء والأخلاق من عروقهم، وبالتالي فإن قُتلوا خطأً في ساحة من ساحات العهر فإن دمائهم لن تسيل كونها تحجرت في أوردتهم.
هذا حالنا ولا يخفى على أحد، فأبناء السلطة والحكومة والدولة يُديرون المشاريع المالية المنهوبة من خبز الفقراء، ولا شأن لهم بمشاريع الشهادة والقتال كونها تحمل ضجيج الرصاص وإتساخ الملابس بالدماء، لذا فإن هذه الجموع من أبناء الذوات قد انفصلوا عن المجتمعات العربية فكرياً وعقائدياً وقومياً، وأصبحت لهم دنياهم التي لا يعرفها الشعب، وبالتالي تحولوا إلى جزء غريب عن مجتمعاتنا، وهنا نضحك كثيراً حين ينادي فاسد منهم بضرورة محاربة الفساد وتحرير الأوطان، فيُبحُ صوته وهو ينادي بأبناء الفقراء حي على الجهاد حي على الموت فلا يستجيب له أحد، فيغضب غضبة المتكبر، ويصرخ من جديد، لماذا لا تخرجون لمحاربة الأعداء ليأتيه صوت كالرعد من المقهورين : “أين أبنائك أيها اللعين”، فيطأطأ رأسه فهو يعلم أن أبناءه في أموال الشعب يرتعون ومن الحرب يهربون.
وفي ظل هذه الظروف لا زال تُجار الدم يتكاثرون، كونهم عرفوا الطريق بأنه كلما زاد الموت زادت الثروات وكلما زاد عدد الأسرى تزداد المنح والعلاوات، فيما بعض المتنفذين يفرضون الإتاوات بإسم الضرائب تاره وبأسم مصلحة الوطن تارة أخرى، وفي نهاية الأمر نجد أن الديون على الدول تتراكم ولا تتناقص، لتهتف الشعوب لماذا أنت مختلف عن غيرك من الأوطان؟، فالمهجرون في أصقاع العالم هم من بلاد العرب أوطاني، والمعارضون في الدول الأوروبية من بلاد العرب، والمخيمات في أوطان العرب والجوع والقهر عربي بإمتياز، والدكتاتورية والحكم البوليسي عربي خالص، والغدر والخيانه وتجارة الأوطان عربية، وهنا أدرك أبناء الشعوب المنهوبة أن هناك من يقودهم للجوع الجبري وآخرون يقودونهم للموت القهري، وكله لأجل الوطن، لذا أقولها بحرقة وألم .. حقاً كم أنت ظالم أيها الوطن العربي.