أبعاد “استقالة” السراج وتأثيرها على المشهد الليبي

النشرة الدولية –

خلال الساعات الماضية، فأجا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، الجميع بإعلان رغبته بتقديم استقالته من رئاسة الحكومة الليبية، مضيفا أنه يرغب بتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل.

 

وقال السراج في كلمة متلفزة إنه “على الرغم من القناعة بأن الانتخابات الشاملة هي الخيار الأفضل للوصول إلى حل شامل، فإنه يدعم أي تفاهمات أخرى غير ذلك”، كما دعا السراج لجنة الحوار الوطني إلى “الإسراع بتشكيل السلطة التنفيذية من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة”.

 

وبعد إعلان السراج رغبته في الاستقالة، بدأ الكثيرون يستاءلون كيف سيصبح شكل المشهد السياسي في ليبيا مع غياب رجل حكومة الوفاق القوي؟، هل ستتعقد المباحثات مع المعسكر الشرقي أم تتسارع؟

 

وغالبا ما يعتقد المحللون أن أي حل سياسي قادم في ليبيا، سيتطلب مغادرة كل من فايز السراج قائد المعسكر الغربي، والمشير خليفة حفتر قائد المعسكر الشرقي وما يسمى بـ”قوات الجيش الوطني الليبي”.

تحصيل حاصل

 

من جانبه، يرى خالد الترجمان المحلل السياسي أن إعلان السراج أمس لا يمكن أن يتم اعتباره استقالة، لأنه ربط استقالته بتوصل لجنة الحوار ، المكونة من مجلسي النواب والدولة، إلى اختيار مجلس رئاسي جديد وسلطة تنفيذية، وبالتالي أن خروجه من الحكومة عملية تحصيل حاصل، وليس استقالة، ووصف خطوة السراج بأنها “ذر للرماد في العيون”.

 

وأكد الترجمان في تصريحات لموقع قناة “الحرة” ا أن السراج  ربما أعلن رغبته في الاستقالة للتأكيد على موافقته على الحوار الوطني وعلى استعداده للتخلي عن السلطة في حالة تشكيل سلطة جديدة، مشيرا إلى أنه يطمح أن يكون جزءا من هذه السلطة الجديدة.

 

بينما يعتقد المحلل السياسي محمد الأسمر، أن السراج حدد يوم 30 أكتوبر، لأن كافة الاستحقاقات التحضيرية لمؤتمر جنيف ستكون ظهرت معالمها، وأنه لو تم إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد بناء عليها، سيضمن استمراره في الحكم على الأقل لمدة 18 شهرا في رئاسة حكومة تصريف الأعمال.

 

أصبح السراج، رئيسا للمجلس الرئاسي، ورئيس حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في ديسمبر 2015، بناء على اتفاق الصخيرات، قبل أن ينقلب عليه خليفة حفتر، ويبدأ الصراع بين مجلس النواب وحفتر من جهة وحكومة الوفاق من جهة أخرى.

 

ومع الوقت تحول الخلاف بين الطرفين إلى صراع دولي، فدعمت مصر والإمارات وفرنسا قوات حفتر، بينما دعمت تركيا وقطر وإيطاليا حكومة الوفاق.

 

وذكر  المحلل السياسي الليبي محمود الرملي، في تصريحات لموقع “الحرة”  أنه خلال الفترة القادمة قد يتوصل طرفي النزاع لمتمثلين في مجلس الدولة والنواب إلى مجلس رئاسي جديد، وأن السراج قد يكون استعجل ذلك، وخاصة بعد خروج المظاهرات في الشرق والغرب الليبي احتجاجا على تردي الأوضاع في ليبيا وانقطاع الكهرباء.

 

وأشار الترجمان إلى أن رغبة السراج في الاستقالة قد ترجع إلى الضغوط التي يتعرض لها بسبب الخلاف مع فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق، و الرجل القوي في الحكومة، والذي تؤيده ميليشيات مصراته، أقوى ميليشيات الغرب الليبي.

الخلاف مع باشاغا

 

خلال الأسابيع الماضية، ارتفعت وتيرة الخلاف والانقسام داخل حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، وخاصة بعد تزايد الخلاف بين السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا، ويرى باحثون أن هناك صراع سلطة كبير بين السراج وباشاغا، وخاصة أن باشاغا عاد إلى منصبة بعد أيام من عودته من تركيا أكبر داعم لحكومة الوفاق.

 

وكان باشاغا قد عاد  إلى منصبة في وزارة الداخلية بعد ساعات من قرار السراح بإقالته وإحالته للتحقيق على خلفية الاحتجاجات والاشتباكات التي وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن في طرابلس، بعد أن طوقت ميليشيات مصراتة الموالية له، مقر حكومة طرابلس أثناء التحقيق معه في مشهد وصفه البعض بـ “استعراض القوة”، وتحدي واضح للسراج.

 

كما أكد محللون أن الخلاف بين الاثنين بدأ يظهر منذ شهر يوليو، عندما بدأ باشاغا في انتقاد السراج، ومحاولته اظهار نفسه كفاعل رئيسي في الانتصارات العسكرية الأخيرة التي حققها المعسكر الغربي على قوات حفتر.

 

بينما لا يعتقد الأسمر ذلك، وأضاف أن الخلاف بين الإثنين على بعض التفاصيل الجوهرية داخل المعسكر الغربي، الذي ترعاه الحكومة التركية، وليس له علاقة بالاستقالة، مشيرا إلى أن استقالة السراج لا تعني تولي باشاغا بدلا عنه، بل يقوم مؤتمر الحوار الوطني باختيار  بديلا له.

 

وهو ما يعتقده الرملي، فقد أكد أنه لا توجد صلة بين استقالة السراج والخلاف مع باشاغا، لأن السراج هو من أتى بباشاغا كوزير للداخلية، وأن السراج أعلن طي صفحة الخلاف مع وزير الداخلية بعد اكتمال التحقيقات.

تأثير غياب السراج

 

وتأتي هذه الاستقالة، في الوقت الذي تشهد الأزمة الليبية انفراجة سياسية، بعد إعلان الطرفين وقف إطلاق النار بشكل كامل وفوري في 22 أغسطس الماضي، والتوصل إلى تفاهمات مهمة في المحادثات، التي جرت في مدينة بوزنيقة المغربية، ولقاء وفدا من المنطقة الغربية يضم أعضاء من مجلس الدولة ومجلس النواب، مسؤولين مصريين.

 

أما عن تأثير غياب السراج، فيرى الترجمان أنه على مستوى حكومة الوفاق الوطني والمعسكر الغربي، فإن المشهد سيصبح أكثر ضبابية وأكثر تعقيدا، بسبب الخلاف بين ميليشيا مصراتة وميليشيا طرابلس، والصراع على الكراسي في الحكومة.

 

بينما على مستوى المفاوضات مع الشرق الليبي، قال إنه بالنسبة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي يتحرك بمفرده، فإن الأمر لن يختلف كثير وسيتفاوض مع أعضاء الإخوان والميليشيات، أما قوات الجيش الوطني بقيادة حفتر، فسيكون أكثر تعقيدا لأنه ترفض التفاوض مع الميليشيات أو جماعة الإخوان المسلمين.

 

بدوره، أشار الأسمر في تصريحات لموقع “الحرة”  إلى أن استقالة السراج أو غيابه عن المشهد لن يؤثر كثيرا على الوضع السياسي في ليبيا، لأنه لم يأتي بناء على مطالب شعبية أو انتخابات، وأن الناس لم يكونوا يعرفونه إلا عندما تم تعيينه في 2015.

 

وأضاف أن وجود السراج أو غيابه لأن يؤثر على عمليات السلام، لأن الميليشيات هي من تتحكم في القرارات السياسية في ليبيا.

 

كذلك يرى الرملي أن غياب السراج عن المشهد لن يؤثر كثيرا على عملية المفاوضات في ليبيا، لأنه توجد مؤسسات هي المسؤولة عن ذلك، وأن المفاوضات تجرى بين مجلسي الدولة والنواب.

زر الذهاب إلى الأعلى