مزابل التاريخ تُعاني من تزاحم القاذورات..!! * صالح الراشد

النشرة الدولية –

مزبلة التاريخ أصبحت غير قادرة على تحمُل الجديد من القاذورات، فقد اقتربت من الإمتلاء بسبب التسابق الجنوني في العالم على الذهاب إليها، فهناك من قفز عليها بمظلة وآخرون زحفوا صوبها، والبعض هرول مسرعاً في إتجاهها  حتى يجد له موطؤ قدم، فيما هناك من حملتهم شعوبهم كالأموات وألقت بهم في المزبلة حتى تتخلص من عفن فكرهم وتصرفاتهم، لنجد أن حجم القمامة التي ألقيت فيها منذ إحتلال الكيان الصهيوني لفلسطين يفوق حجم ما ألقي فيها عبر التاريخ ، لتكون قمامة السنوات القليلة الماضي بحجم قمامة الأرض منذ نشأتها، حين تسابق العديد من العرب صوب مزبلة التاريخ لغدرهم بفلسطين.

 

وإن قلنا بأن هابيل قتل قابيل كأول جريمة في البشرية فإن حجم قتل الأشقاء بطرق مختلفة لأجل الحُكم فاق الخيال، وجعل من قصة هابيل وقابيل مجرد حرف في تاريخ العار العربي، وان قلنا ان معركتي صفين والجمل قد حدثتا بين أتباع الدين الواحد وقُتل فيها بضع الآلاف، فما جرى في السنوات الأخيرة يشيب له الولدان حيث القاتل والمقتول يهتفان الله أكبر لنحتار من الشهيد ومن القاتل، وإن كان إبن العلقمي سلم بغداد ونعتقد أنه الأحقر في مزبلة التاريخ العربية، فما علينا إلا نَعُدُ العواصم التي خانها أحفاد العلقمي، وكم بغداد سلموا للأوغاد وفي مقدمتها القدس وتلتها عواصم كثيرة خلعت ثياب العزة وارتدت ملابس العهر.

 

ونقف في هذا العصر مستغربين من ردة فعل يوليوس قيصر وهو يودع الحياة بخنجر الغدر ويهتف قائلا:”حتى أنت يا بروتس “، لنقول له إنهض من مرقدك وسنصحبك في جولة الخناجر المسمومة التي لا يطعن بها الجبناء الشجعان إلا في ظهورهم، فقد مات الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مسموماً من أقرب الرجال إليه، كما غدر الكثير من القادة العرب بآبائهم وإخوانهم وشركائهم في الثورات والنضال وسلبوهم الحكم وطردوهم شر طردة، فعن أي غدر ومزبلة للتاريخ تتحدث يا يوليوس.

 

مزابل التاريخ أصبحت مرتعاً خصباً ومُقاماً مفضلاً للعديد من رجال ونساء السياسة والصحافة والأدب والفنانين، بل وصل الأمر لعدد كبير من رجال الدين الذين وضعوا مبادئهم تحت أقدامهم حتى ترتفع درجتهم في هذه المزبلة، لقد سقطوا جميعاً في سوء أعمالهم ونواياهم حين ارتضوا أن يكونوا شعرة في حذاء الطغاة ليصبحوا كلاب في جهنم، والكلاب تبحث عن الجيف المتواجدة في المزابل ليذهبوا صوب مصيرهم المحتوم منهكي القوى مطأطئين رؤوسهم.

 

لقد أصبحت مزابل التاريخ عشق البعض، لذا فقد أصبحنا بحاجة ماسة لبناء مزابل جديدة تتسع لأصحاب الفكر الجبان الذين هانوا على أنفسهم قبل أن يهونوا على غيرهم، وتتسع للقتلة العرب أصحاب المواقف المسلوبة والبطولات الوهمية والسيوف الممدودة في قلوب أشقائهم، وقد نحتاج لمزبلة أكبر للفاسدين الذين نهبوا لقمة عيش الفقراء وصنعوا منها فراء وعطور يهدونها للعاهرات، لنجد في نهاية الأمر أننا بحاجة لمزبلة تاريخية نصنف المجرمون فيها على أوراق الشجر  بدل المجلدات، وعلى حبات المطر عوضاً عن كؤوس الخمر ، حتى يتسع الكوكب لفضائح قاذورات الأرض ولا نُغرق الكواكب الأخرى بأوساخنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى