الشاعرة رانية مرعي تحاور الإعلام والباحث والأكاديمي د. كريم العبد

النشرة الدولية –

مجلة الفنون والعلوم –

١-ما رأيك بواقع الإعلام اللبناني الحالي ؟

أنا أشعر باليأس منذ خمس سنوات تقريبًا من الواقع الإعلامي اللبناني وتحديدًا الإعلام الفنّي لأنّه غير مدعوم من الجهات المعنيّة ممّا اضطرّ بعض المحطات والمجلات إلى وضع إعلانات غير هادفة أو إجراء مقابلات لا ترتقي إلى ذائقة المتابع لتغطية النّفقات الكبيرة وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة إقفال لمجلات عريقة لأنها عجزت عن مواجهة الواقع الأليم .

إذا تحدثنا عن منطقة البقاع ، الإذاعة تحتاج إلى خمسة وعشرين مليون ليرة لبنانية لتغطية كاملة وبث واضح ، ونفقات تفوق المليون ليرة لدفع رواتب الموظفين .

وما حصل هو الانحدار في مستوى البعض ، وانضواء البعض الآخر تحت عباءة هذا المسؤول أو ذاك بشرط تغطية نشاطاتهم وهذا ما أصاب الإعلام في مقتل .

٢-أستنتج منك أن الإعلام الفني الذي كان له الفضل في تخريج أسماء لامعة لبنانيًا وعربيًا في لبنان هو الآخر صار موجّهًا ؟

نعم ، وبشكل كبير في هذه المرحلة للأسف .

أذكر أني بدأت العمل في الرايعة عشرة من عمري مع راديو ” سكوب ” في البقاع ، ومع راديو ” سترايك ” قبل الانتقال إلى روتانا . لم يكن أحد يفكر بموضوع الراعي الرسمي أو المموّل بل كان التركيز على فكرة وهدف ومحتوى البرنامج بعكس الحاصل حاليًا .

أنا عُرض عليّ من قبل إذاعة لبنانية عريقة أن أقدم برنامجًا شرط تأمين الراعي الرسمي لتغطية النفقات قبل حتى أن نتفاوض على فكرة هذا البرنامج ، وقد تكون الجهة المموّلة سياسية أو حزبية لها توجهات معيّنة ، ولم ألاحظ اهتمامهم بهذه الناحية ، مما جعلني أرفض هذا العرض بشكل نهائي .

٣-الثقافة ، هيبة الحضور والصوت . ثلاثية نجاح أي مقدم برامج فنيّة أو ما عداها .

ما تعليقك بعد خبرتك الطويلة على الوجوه الإعلامية التي احتلت الشاشات والإذاعات ، زورًا ؟

نحن في مشكلة فعلًا ، بعض أصحاب المحطات والإذاعات يبحثون عن الشكل ويهملون الناحية الثقافية ،

بل أكثر من ذلك كثيرون لا يملكون الموهبة ولا يميّزون مخارج الحروف ، هي باختصار عملية استعراض لأهداف تكاد تكون مشبوهة وهنا أقصد الإعلاميين والإعلاميّات .

وأضيف أن البعض يهمه التكلفة أي من يرضى بمبلغ زهيد  من دون إجراء عملية تقييم لخبرته مما يظلم أصحاب الشهادات والخبرات والكفاءات .

واسمحي لي هنا أن أتوجه إليك لأقول أن ما لفتني في تقديمك لنشاط قمتم به في هيئة الحوار الثقافي الدائم هو صوتك واللفظ وسرعة البديهة والثقافة وهذا ما نفتقده في الكثيرين والكثيرات ، أقول هذا رغم إصرارك على أنك لست إعلامية ولكن من موقعي وخبرتي أشدّد على أنك تملكين كل صفات الإعلامية الناجحة .

ومن خلالكم اسمحي لي أن أتوجه بالتحية للإعلامية السيدة دوللي قاعي التي ما زالت تحافظ على مستوى العمل الراقي .

٤-حتى أنواع البرامج وتوجهاتها تغيرت عن السابق .

طبعًا ، أين البرامج الصباحية التي كانت تزوّد المستمع بمخزون ثقافي مهم ؟ أين التغطيات للنشاطات الثقافية التي تُقام في المناطق ؟

ما يهم اليوم هو الجذب العشوائي و ” التراند ” على وسائل التواصل الاجتماعي كافة .

٥-كيف تصف تجربتك مع روتانا ؟

بدأت العمل مع راديو روتانا منذ بداياته في سوريا وفي أكثر من بلد عربي ، وبعد فترة قصيرة تم ترشيحي لاستلام منصب مدير المحتوى الإعلامي .

تلك الفترة كانت ذهبية ، بداية كانت خبرة على الصعيد الشخصي فقد تمكّنت من تقديم حوالي المئتين وخمسين مقابلة مع كبار نجوم الوطن العربي في تسع سنوات قضيتها مع روتانا  . هذه الفترة صقلت موهبتي وحولتني من هاوٍ إلى محترف ممّا مكنني من إدارة مؤتمرات صحفية على صعيد عربي مع فنانين شخصيات لها وزنها وحضورها الآسر .

وهنا أذكر إعجاب الفنان المصري الكبير هاني شاكر الذي تفاجأ أني أجريت معه مقابلة مطوّلة ولم أكن أحمل بيدي ورقة مع أني أحفظ كل تاريخ هذا العملاق .

بيننا اليوم أمام المقدمين شاشة ، وقارئ آلي وأوراق بين أيديهم وللأسف يعحزون عن القراءة الصحيحة هذا إضافة إلى افتقارهم لسرعة البديهة التي تتأتّى من الثقافة .

٦-ما سبب تركك العمل مع روتانا رغم كل النجاحات التي حصدتها من خلال عملك معهم ؟

تركت العمل معهم مجبرًا بسبب ضائقة مالية أصابت الشركة وهذا أمر أحزنني كثيرًا .

أرجو صادقًا أن تستعيد روتانا عافيتها لأننا نحتاج إلى شركات إعلامية تتحدث باسم الوطن العربي بذلك الرقي الذي انتهجته منذ البدايات .

نحتاح فعلًا عودة ” ميلودي ” و ” مزيكا ” التي أطلقت الكثير من الأسماء إلى عالم النجومية .

وهنا أحب أن أنوّه أن صوتي ما زال الصوت الرسمي لكثير من الإذاعات في الوطن العربي في أبو ظبي ، ليبيا ، لبنان ، سوريا ، وفي الإذاعات العربية في اسطنبول . وأفتخر بهذا الأمر .

٧-هل فكّرت يومًا بالعمل السياسي أو الترشح للانتخابات ؟

خلال فترة الانتخابات عُرضَ عليّ العمل في بعض الحملات التي يجريها المرشّحون وكان جوابي هو الرفض لأن لا أؤمن بكلام ووعود السياسيين الخالية من المصداقية .

وأيضًا عُرض عليّ الترشّح لمنصب وزير الإعلام ولم أقبل لأنها كانت فترة فوصى بعد استقالة وزيرة الإعلام في حينها وبعدها استقالت حكومة د. حسان دياب .

لبنان الرائد يحتاج إلى أشخاص ذوي خبرات لاستلام المناصب ولكن للأسف دائمًا يقع الاختيار على أصحاب النفوذ السياسية أو التابعين لهم . أما أنا فأنتمي فقط لوطني لبنان وللمواطن اللبناني المرهق .

٨-من خلال عملك في التدريس ، هل ترى أن المستقبل في أيدٍ أمينة ؟

أنا أمارس التدريس من تسع سنوات وفي أكثر من جامعة ،للأسف يدخل الطالب إلى المحاضرة وهو ينظر إلينا نظرة فوقية متجاهلًا المشقات التي كابدناها للحصول على شهاداتنا وأنه يحتاج إلينا لنرسم معه مستقبله .

هذا الأمر يزعجني كثيرًا وكم هو شاسع الفرق بين علاقتنا بأساتذتنا وعلاقة طلابنا بنا .

٩-ما هي الجمعيات العربية والعالمية التي ينتسب إليها د.كريم العبد أو رُشّحت للانضمام إلى صفوفها ؟

تمّ ترشيحي منذ ما يقارب السنة والتصف لأكون عضوًا في الاتحاد الدولي للعلماء والباحثبن ومقرّه في كاليفورنيا ، أميركا ، وهذا يترتب عليه وجود خبرة أكاديمية وبحوث علمية ، وقد تم قبولي كباحث في مجال العلاقات العامة والإعلام مع زميلة من لبنان باحثة في مجال الرياضيات .

وبسبب كورونا لم أستطع المشاركة في المؤتمر العام في كاليفورنيا .

هذه السنة ، رُشّح اسمي لمجلس زمالة الإبداع والعلوم الإنسانية في لندن وصرت عضوًا وطلب مني تمثيل زمالة الإبداع في بلجيكا في المؤتمر الدولي للبحث العلمي الذي سيجرى الشهر القادم .

كما حصلت على منصب سفير السلام عن لبنان من جهة تابعة للجامعة العربية من تونس وكنت مستشار رئيس المؤتمر الدولي للسلام .

وهنا أحب أن أشير أن وزارة الخارجية اللبنانبة تحركت لاتخاذ الاجراءات القانونية ومحاسبة من ينشر لقب سفير دون إبراز الأوراق الرسمية من الجهات المختصة .

١٠-أنت في اللجنة التنظيمية لانتخاب ملكة جمال زحلة ، أخبرنا عن هذا الحدث ، و بصراحتك المعهودة هل لعبت الوساطة دورها في اختيار الفتيات المشاركات ؟

أنا في هذه اللجنة منذ أربع سنوات تقريبًا . خلال فترة عملي معهم ومع الإعلامية نيكول صدقة التي تتمتع بمصداقية ، أقول أن العمل يتم بمهنية وشفافية .

هذا العام ، ملكة جمال زحلة والبقاع هي إليز حجار من قب الياس وليست من مدينة زحلة وهذا دحض بشكل قاطع كل الشائعات التي طالت المسابقة واسم الفائزة باللقب .

وقد أثنى كل من تابع على مستوى الأسئلة من اللجنة ودرجة الوعي عند المتسابقات ، مما أوصل الكثيرين لمقارنة الحفل مع حفل انتخاب ملكة جمال لبنان الذي كان مخيّبًا بعض الشيء .

ويسجل هنا انجاز للمهندس علي التتري الذي كان مسؤولًا عن النتائج أنه لأول مرة في مسابقة جمالية تم احتساب العلامات على رقم ويليه اثنا عشر صفرًا توخّيًا للدقة والمصداقية .

وأوجه تحية للملكة المهندسة إليز حجار التي استحقت الفوز بجدارة شكلًا ومضمونًا .

١١-ما هي مشكلة مسابقة ملكة جمال لبنان التي يرافقها اللغط كل عام ؟ ما الذي بجري في الكواليس ؟

ولماذا لست مشاركًا في اللجنة ؟

هذه النشاطات فيها محسوبيات ، والفريق المنظم من نفس التوجّه لذلك لن تريني بينهم وهذا يلخص واقع ما يجري في عملية الاختيار !

بعد مسابقة ملكة جمال زحلة ،عُرض عليّ تقديم مسابقة جمالية أتحفظ عن تسميتها الآن والأمور في خواتيمها ، وهذا يدل أن الأنظار تحولت إلى محافظة البقاع التي تضم العديد من الكفاءات .علمًا أني قدمت العديد من المهرجانات الفنيّة العربية .

١٢-إنقاذًا للفن اللبناني من الكم الهائل من الذي يطلون على الشاشات ولن أقول فنانين ، هل فكرت في طرح مشروع إحياء ” استديو الفن ” مع خبراء ومختصين كما اعتدنا سابقًا ؟

طُرح الموضوع من أربع سنوات وتواصلنا مع أكثر من جهة لإحياء هذا البرنامج ، إن كان على صعيد شركات إنتاج وتلفزيون يغطي الحدث وكل هذه التفاصيل .

الذي حدث باختصار أننا وجدنا أنفسنا عاجزين أن ننفذ هذا المشروع في ظل غياب التمويل الضخم الذي تحتاجه هذه البرامج .

وأشير هنا إلى أمر مهم أن من أسباب تراجع تمويل هذه البرامج وجود ” تيك توك ” الذي تحوّل إلى منصة قادرة على حصد ملايين المعحبين بأقل تكلفة ممكنة ، وهنا مسألة الجودة خارج النقاش !

١٣-ظاهرة غريبة نشهدها هذه الفترة أثناء تنقلنا في بعض المناطق اللبنانية وهي تشويش الإذاعات العبريّة من الأراضي المحتلة بشكل كبير .

هل جرى أي تحرك لمواجهة هذه الهجمة الخطرة ؟

عندما تم افتتاح إذاعة ” بكرا أحلى ” على الموجة ٩٦،٥ ، واجهت هذه المشكلة ، تداخل بث من إذاعة من الأراضي المحتلة ، تواصلنا مع المجلس الوطني للإعلام ومع وزارة الإعلام ، وكان الرد الوحيد أن نقوّي إرسالنا بجهد فردي من أصحاب المحطات متناسين التكلفة المادية الكبرى التي نعجز عن تحملها وحدنا إن لم تتدخل الوزارة لمساعدتنا وهذا الدعم غير موجود للأسف وهذا مؤشر خطر لما قد تؤول إليه الأمور .

١٤-ما جديد الإعلامي د. كريم العبد ؟

العمل جارٍ على إعادة إطلاق البث من إذاعة ” بكرا أحلى”

ويوجد مشروع تلفزيوني يجري التحضير لإطلاقه في شهر رمضان المبارك على شاشة لبنانية .

كما عُرض عليّ التمثيل في أكثر من مسلسل لبناني ولكن اعتذرت لضيق الوقت .

وحاليًا تجري المفاوضات حول مشاركتي في بطولة عمل تلفزيوني بدور طبيب .

١٥-في ظلّ الأزمة الراهنة في لبنان ، هل فكرت في الهجرة كما فعل الكثيرون ؟

عروض السفر لا تتوقف من أكثر من جهة ، ولكني مؤمن أن لبنان كطائر الفينيق ، فبالرغم من الحرب الكونية ضدنا وبالرغم من هذا الانهيار الشديد ، بلدنا لن ينطفئ .

وسياسيّو لبنان المسؤولون عن نكباتنا ليسوا مخلدين .

لبنان باقٍ وهم إلى زوال .

١٦-في لبنان ، مجتمع مدني أو NGOs ؟

إن كان في لبنان مجتمع مدني فالعدد قليل جدًا .

نحن أمام مجموعات NGOs مموّلة ومدفوعة لشراء الذمم طبعًا من دون تعميم .

الكثير من الأشخاص والجهات بعد ثورة ١٧ تشرين ، صاروا من أصحاب الملايين بسبب دعم ال NGOs .

وبعد توقف الدعم المالي ستنكشف التوجهات الحقيقية للكثير من الجمعيات .

١٧-في خضم كل هذه المسؤوليات ، أليس لقلبك عليك حق ؟

بعد فقدان الأمل لسنوات ، أنا أعيش حاليًا قصة حب مميزة خلقت في داخلي إحساسًا جديدًا سيكون الدافع لي لأعطي أكثر وبحب .

أشكرك د. كريم على صراحتك وعلى هذا اللقاء الأنيق .

الشكر لكم في مجلة الفنون والإعلام وأخص د. عبد الكريم بعلبكي العين الساهرة على الثقافة .

وأتوجه لكِ أستاذة رانية  بالشكر  العميق على هذه المقابلة التي أفضْتُ فيها بالبوح مع إعلامية راقية .

زر الذهاب إلى الأعلى