من هنا نبدأ..لمرة واحدة بالنسخة الطرابلسية* فلك مصطفى الرافعي

النشرة الدولية –

من هنا نبدأ عنوان لمقالات كبير الصحافة العربية الاستاذ حسن صبرا وإفتتاحياته المميزة، وبأدب يستحقه استأذنه باستعارة العنوان استثنائيا لضرورة ملحة تسمح لي بباكورة مساهماتي في مجلة الشراع سيدة المائدة السياسية والادبية والثقافية. فقد تعودنا لسنوات كثيرة ان يدخل علينا السيد الوالد، د. مصطفى الرافعي، علّامة عصره متأبطا بشغف نسخته الاسبوعية من الشراع، يضعها فورا في غرفة جلوسه الخاصة ليتسنى له مطالعتها بهدوء وتأني الحصيف المتشوق لتصفح مجلة بحجم اخبار العالم وتحليل يسبق الحدث بمهارة ومهنية وتفهم كالمنظار الدقيق الذي يكشف ما وراء الأكمة ويخترق الجدار المانع ويسلط الكاشف الضوئي  على ضبابية تمنع الرؤية الثاقبة. كان يرحمه الله ينهي قراءة المقال بكلمة تعودنا عليها تحمل كل التقدير للكاتب الالمعي وايضا تحتمل الكثير من الخوف عليه إذ كان يقول “حماك الله”، وبعد ان يفرغ من نهمه وعشقه المرسوم بسمة في محياه يسمح بعدها ان نتداول المجلة تباعا على نظام التوريث الأكبر فالكبير لتكون المحطة الشراعية عند السيدةالوالدة “الأديبة المجهولة” التي اكتفت انها شريكة جهاد الكلمة مع زوجها، وكان لها انتقاءآت خاصة بعد “من هنا نبدأ “الى الصفحة الأخيرة لقراءة ومضات الصحافي الكبير، معروف سويد، يرحمه الله. وأعترف ان إهتمام الوالدان إنتقل اليّ طوعا وبداية لأكتشف الحرص على متابعة الشراع، وعندما اجد معضلة في المعرفة ابادر للسؤال لكشف ما عصى على مداركي.

وفي مرة اثار إنتباهي مجموعة من اعداد الشراع موضبة بإهتمام في المكتبة الانيقة الغنيّة، فحملني فضولي لمعرفة سبب تخصيصها بمكان مفرد لها واكتشفت انها تعود لحلقات اسبوعية عن “قبضايات طرابلس” تحكي عن مقاربة عميقة لعمق الشهامة الطرابلسية ورجالها، وأدركت بعد قراءتها الفرق الشاسع بين “القبضاي الآدمي الخلوق” وبين “الأزعر المعتوه فكريا واخلاقيا”.

احتفظ مخزون ذاكرتي عن شخصيات بادت بعد ان سادت وخاصة في حاراتنا القديمة اعادتني الى زمن الصورة باللونين الابيض والاسود الأجمل من زخرفة اليوم المشبوهة بألف تهمة مغطاة بالألوان الزاهية،ثم مروحة انيقة من اعداد لها المكان المخصص بتكريم واضح وهي التي تحكي عن ذكريات والدي في السفارة اللبنانية في القاهرة وعلاقاته الوطيدة برجالات وادباء ودبلوماسيين ومثقفين وفي مقدمهم الحديث المبهر عن الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر حيث اسرّ لي الوالد ان جامعا مشتركا بينه وبين الاستاذ حسن صبرا هو المحبة والإنتماء لمدرسة البطل العربي الاسمر باني السد العالي ومؤمم قناة السويس، وإعادتها للحضن المصري وقائد النضال الشعبي في مدن قناة السويس حتى طرد جنود “العدوان الثلاثي” المتضررون من الخطوة العملاقة لإدارة عربية للملاحة المصرية. وتلمست بعدها بعض الاعداد المستريحة بغلاف من البلاستيك الشفاف هالني انها مخصصة في معظمها عن محاولة آثمة لإغتيال القلم العربي الأغر حسن صبرا الذي نجا ولله الحمد والفضل باعجوبة إثر فضحه لما يسمى تشبيها بفضيحة “ووتر غيت”. وفي احدى الغلافات كانت صورة لرئيس امريكا في حينه يرمي مجلة الشراع ساعتها تذكرت قول والدي عند الإنتهاء من افتتاحية من (هنا نبدأ) “حماك الله” إذ كان خائفا على صاحب الجرأة المتقدمة والمقدام وكان حدسه في محله.

قصة الشراع في بيتنا “إدمان سياسي وادبي” لا يعاقب عليه القانون وربما يعاقب عليه الخائفون من حسن صبرا فارادوا ترحيله الى”مكان آمن من الورق والاقلام”.

رحلتنا مع الشراع لاتنتهي وهي باقية حتى اليوم بالتواصل حيث يكرمنا استاذنا ويزودنا بالمقالات والاخبار لموقعنا الإخباري مركز ومجموعة النهوض ونفخر بذلك ونشهد.

والى لقاء قادم بإذن الله ان اكون ضيفة مجلة الشراع الرائدة، واتوجه بالتحية والتقدير لاستاذنا، حسن صبرا، والإعتذار منه مرة ثانية لإستعارتي عنوان افتتاحيته، وارجو ان اكون على توفيق ان اكتب ولمرة واحدة “من هنا نبدأ “، و….نستمر إن شاء الله

فلك مصطفى الرافعي، رئيسة مركز النهوض الإعلامي الثقافي الإقتصادي

 

مجلة الشـراع 23 أيلول 2020

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button