هذه هي طريق الصهاينة لتطويع العرب* صالح الراشد

النشرة الدولية –

تتسابق ثمانية دول على توقيع معاهدة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتحدثت في هذا الأمر مطولاً قبل أن يعزز مقولتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويعلنها أمام الجميع بأنهم ثمانية لكنه لم يتطرق للآلية التي سيتم جعل العرب يوقعون، ولكن للحق فإن هذا الرقم لن يكون كافياً لتحقيق رغبة الكيان في تحقيق الحلم الأعظم بفرض سيطرته المطلقة على المنطقة عسكرياً وإقتصادياً، لذا فإن الرقم قابل للزيادة حتى يصل إلى إثنين وعشرين دول وهي جميع الدول التي تنضوي تحت لواء جامعة الدول العربية، لتكون العلاقة شاملة تضمن بقاء القوة الصهيونية صاحبة الكلمة الأولى أو لنقل الشريك الأقوى في جميع العلاقات، لكن هذا الرقم لن يكتمل في ظل رفض دولتين التطبيع والسلام باي طريقة.

المنافذ البحرية طريق الحلم..!!

ويريد الكيان السيطرة على منافذ التجارة الدولية حتى يحكم ويتحكم في الإقتصاد العالمي، ويضم العالم العربي أهم تلك المعابر والتي تمر بها غالبية التجارة الدولية، وأهمها قناة السويس التي تختصر الزمن في عصرٍ للوقت قيمة كبرى في الترويج والبيع وبوابتيها مضيق باب المندب ومضيق تيران، كما يحتل الخليج العربي أهمية كبرى كونه طريق النفط ويكمله مضيق باب السلام الذي يعتبر المضيق الأكثر فعالية في العالم، وهناك مضيق جبل طارق بوابة البحر المتوسط الوحيدة للإتصال ببقية دول الكرة الأرضية عبر الإنتقال للمحيطات الكبرى، وبالتالي فإن العالم العربي لا يدرك قوته وقدرته في التحكم بالعالم والظهور بشكل المُسيطر الحقيقي، لذا يريد الصهاينة القيام بهذا الدور نيابة عن أمة لا تعرف مصلحتها ولا قدراتها، ويبحث عن السيطرة المطلقة على معابر العالم التي دونها لن يكون هناك قيمة لإستخرج ملايين البراميل من النفط أو مليارات الأمتار المكعبة من الغاز.

الثروات المنسية…!!

هذه المعابر لوحدها تشكل الطريق الذهبية للثروة ويضاف إليها في عالم العرب التنوع الزراعي والثروات الطبيعية، وبالتالي نحن نعيش على بحر من الألماس لا يدرك معناه أصحاب المناصب السياسية وخبراء الإقتصاد الذين تلقوا تعليمهم خارج البلاد، وأصبح فكرهم يسير صوب خدمة المُستعمر، كما لدينا القوة الشرائية الإستهلاكية لنصبح سوق رئيسي لاستهلاك صناعات الدول الصناعية في العالم، وهذه إضافة هامة حيث تتحول أموال الأمة إلى بنوك الآخرين وهذا ما يغريهم للقدوم إلى الوطن العربي، وبسبب هذه النقاط والتي ساهمت في ضعف إقتصادي سياسي عربي، لتزداد الفجوة بين الحكام والشعوب، ليقوم عديد القادة بحكم البلاد بقوة الحديد والنار، ليتراجع مستوى حقوق الإنسان والحريات والديموقراطية لتحتل الدول العربية في غالبيتها مركز متأخر بين دول العالم في هذا المجال.

الصهاينة بسياستهم الذكية تسببوا في ضعف العرب لشعورهم بتفوق العرق اليهودي، فيما عززوا عشق البعض للمناصب والحكم والبقاء على سدة الحكم، وضعوا خططهم للسيطرة على المنطقة باتفاقيات تصب في مصلحتهم فيما رضي العرب بالدونية والرضا بالقليل،  وحتى ترضيهم فقد قدمت العديد من الخدمات الجليلة لعدد من قادة العرب، وبالذات في مجال التكنولوجيا حيث قامت بزراعة برنامج ” عين الصقر” في أهم مدنهم بغية مراقبة المواطنين، بذريعة مراقبة الإرهاب وحماية الشعب الذي  أدرك مؤخراً بأنه الهدف، وبالتالي فإن العلاقات بين الصهاينة وعديد الدول وبالذات الخليجية منها سارت تحت الطاولة وحالياً فوقها بفضل عقود التكنولوجيا، ليتسابق الكثيرون من العرب صوب حضن تل الربيع المحتلة.

من الأولى للرابعة ..!!

الصهاينة قاموا بالتوقيع على إتفاقيتين للتطبيع مع الامارات والبحرين في المرحلة الثانية مع التقارب مع العرب، فيما سبقتهما مصر والأردن وفلسطين الذين أقاموا معاهدات سلام وعلاقات دبلوماسية في المرحلة الأولى، غايتها تخفيف المواجهات العسكرية والبدء بعملية التنمية التي تحتاج للسلام، كما فرضت الإتفاقية عودة القيادات الفلسطينية إلى وطنهم وإعلان وجود دولة فلسطينية،  ثم لحقت بهم  موريتانيا دون أن يكون هناك سبب مقنع لهذه الخطوة الغريبة،  لنجد أن السودان وعُمان والسعودية وقطر يشكلون الهدف الرئيسي للمرحلة الثالثة وربما تنتقل قطر للمرحلة الرابعة ، لكن هذه الدول لن تكون كافية لطموح الصهيونية  في المراحل القادمة لفرض السيطرة الصهيونية على المعابر، كون الحاجة ماسة للسيطرة على خليج باب المندب المحصور بين اليمن ودول القرن الإفريقي “جيبوتي  والصومال وجزر القمر”  وجميعها دول عربية ، لذا فهي تشكل المرحلة الرابعة من الإتفاقات الصهيونية، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث سيتجه الكيان صوب دول شمال افريقيا، والتي منها دولتين تقيمان علاقات مع الكيان” مصر وموريتانيا”.

تطبيع صعب في المرحلتين الخامسة والسادسة ..!!

وفي المرحلة الخامسة من الإتفاقيات الصهيونية العربية سيتوجه الصهاينة لإقامة علاقات مع تونس والمغرب وليبيا فيما ” السودان تأتي ضمن المرحلة الثالثة للعلاقات”، ولبعض الدول العربية في شمال افريقيا علاقات تجارية مع دولة الكيان منذ نهاية القرن الماضي وقد أعلنت قطعها  في العلن لكنها حافظت على جزء منها في السر، وبالتالي فإن هناك طريق يمكن الدخول منه لمفاوضات أحادية مع كل دولة مدعومة  بضغط من الدول العربية من المراحل السابقة.

وفي المرحلة السادسة سيتم الإتجاه صوب علاقات مع العراق وسوريا ولبنان، ولكل من هذه الدول مداخل متعددة تبدأ بالضغط على إيران التي تعاني من حصار دولي وتفرض سيطرها على الدول الثلاث، ففي لبنان هناك دراسة لنقل فلسطيني المخيمات إلى كندا واستراليا، فيما سيتم إنهاء الصراع السوري الصهيوني عن طريق منح الجولان حكم ذاتي ليقوم المواطنون بالتصويت على الإنضمام للكيان، وبالتالي ينتهي الصراع بخيار الدروز، أما العراق فقرارها إيراني بالكامل، وعندها سينتهي الرعب من سلاح حزب الله الذي سيتحول لحزب سياسي.

المرحلة المستحيلة ..!!

وسيتم التركيز على آخر دولتين عربيتين للتطبيع مع الكيان الصهيوني وهما الجزائر والكويت وقد أعلنتا رفضهما للتطبيع تحت أو فوق الطاولة، فالجزائر تعتبر الدولة الأكثر إرتباطاً في القضية الفلسطينية في القارة الإفريقية، وبسبب نيلها إستقلالها بقوة السلاح واستشهاد مليون مواطن فإنها ترفض الإتفاق مع المحتل، فيما تعتبر الكويت الدول العربية الأكثر حرية وديموقراطية، لذا سترفض اي إتفاق، هذه التوجهات ستُجبر  الولايات المتحدة وأوروبا والصهيونية للسعي جاهدين لإجل إحداث تغير كبير في الدولتين لجعلهما يوافقان على عقد إتفاق مع الكيان الصهيوني.

القادة هم الهدف ..!!

الصهاينة يدركون أهمة الهيمنة على العالم العربي إذا ما أرادوا البقاء، لذا فإن التركيز يكون على القادة وليس الشعوب، فيقدمون للحكام خبراتهم في الحفاظ على مواقعهم من خلال إيجاد طرق من تتناسب لكل دولة في قمع الشعوب ودعم بعض القادة في المنظمات العالمية ليظهروا بمظهر الحكام الديموقراطين، إضافة إلى تدريبهم للحكومات على لفت الأنظار لقضايا هامشية، وإبعاد فكر وتوجهات الشعوب عن القضايا المصيرية حتى ينجو جميعاً من غضب الشعوب العربية التي لا زالت تفتخر بتاريخها العظيم، حين كنا قادة العالم وأصحاب الكلمة العليا، لذا فإن المستقبل شبه معروف في ظل الحبو بلهفة صوب تل الربيع، ولتحقيق الخلم الصهيوني بالبقاء في حال تراجع القوى العسكرية في أوروبا والولايات المتحدة الضامنيين للبقاء الصهيوني متفوقاً في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى