ولي الأمر والتعليم عن بُعد* عبدالرحمن عبدالله الجاسر

النشرة الدولية –

ينطلق بعد أيام قليلة العام الدراسي الجديد بشكل مختلف عما اعتدنا عليه كل عام في ظل الاحترازات الصحية المصاحبة لجائحة (كورونا)، مما يشكل تحديا ليس لوزارة التربية فحسب بل حتى لأولياء الأمور والطلاب، فالمفاهيم اختلفت والأسلوب تغير والطريقة تبدلت، فصار لزاما التأقلم مع (التعليم عن بُعد) وتطويع الظروف والمساهمة في إنجاح التجربة حرصا على التحصيل العلمي للطلاب بالدرجة الأولى.

 

اعتدنا سابقا أن تتكفل المدارس بالدور الأكبر في عملية التعليم ومتابعة الطلاب، فكان على كاهل المعلم الكثير من المسؤوليات – التي غابت عن البعض ربما – وهذه فرصة لمعرفة دور المعلم والاعتراف بالجهد الذي يبذله وإعطائه المكانة التي يستحقها، فهو يقوم بإعداد الدروس وتجهيز الوسائل واختيار الاستراتيجيات والتحضير الذهني، ثم يحرص على إدارة الفصل بشكل يكفل للجميع القدر المطلوب من إيصال المعلومة، مع حرصه على ضبط بيئة الفصل وشد انتباه الطالب طوال اليوم الدراسي، ناهيك عن الأنشطة المصاحبة والأعمال التي يقوم بها بعد الدوام الرسمي من تصحيح الدفاتر وإعداد الامتحانات ورصد الدرجات ومتابعة الطلاب ومشكلاتهم النفسية والاجتماعية بالتنسيق مع إدارة المدرسة وغيرها من المهام التي لا يعرفها الكثير من أولياء الأمور.

 

ومع تجربة «التعليم عن بُعد»، التي لا نعلم كم ستمتد، أصبح على ولي الأمر دور مضاعف بالإضافة الى ما كان يقوم به في ظل التعليم التقليدي سابقا، ولعل أهم دور الآن أن يحرص على التحصيل العلمي للطالب بغض النظر عن الدرجات من خلال متابعته لابنه والتأكد من حضوره الحصص الافتراضية وقيامه بالتكليفات، فالتركيز على الدرجات دون التحصيل العلمي له آثار سلبية على المستوى البعيد عند انتقال الطالب للمرحلة ما بعد الثانوية، لذلك إن لم ينتبه الطالب وولي أمره الى هذا الجانب فإن العواقب سترتد -لا قدر الله – عكسية في المستقبل، كما يتحتم على ولي الأمر توفير البيئة السليمة قدر الإمكان داخل المنزل من خلال تهيئة المكان المناسب والأدوات التي يحتاجها الطالب والأجهزة الإلكترونية مع اعترافنا بالعبء المادي الكبير الذي سيتحمله في هذه الفترة، ومن المهم أن يقوم ولي الأمر بتشجيع ابنه وتحفيزه وإشعاره بأهمية هذه المرحلة وجديتها، حتى لا يظن الطالب أن عملية التعليم عن بعد هي فرصة لتجميع الدرجات فقط.

 

وعلى الدولة أن تكون عونا لولي الأمر في هذه الفترة، فالتجربة الجديدة خلقت نوعا من التخوف والتوجس الذي يستدعي تكثيف التواصل مع أولياء الأمور والرد على استفساراتهم ونشر المقاطع التثقيفية التي تشرح فلسفة التعليم عن بعد ودور ولي الأمر. كما يجب على خلال الجهات المعنية تكثيف الرقابة على أسعار أجهزة الحاسوب والحد من جشع بعض التجار واستغلالهم للأزمة، وينبغي على وزارة التربية دراسة أهم المعوقات والتحديات التي واجهت تجربة التعليم عن بعد للصف الثاني عشر ووضع الحلول والآليات المناسبة لها، من توفير أجهزة للمعلمين ونقاط إنترنت فعالة في المدارس وإعادة النظر في آلية التقييم مع ضرورة إصدار وثيقة معدلة للمراحل الثلاث تضمن لأركان العملية التعليمية حقوقهم وتبين واجباتهم.

 

إن المرحلة التي نعيشها مرحلة حساسة، لها انعكاساتها على المستقبل القريب، تستلزم التعاون والتكاتف والعمل الجاد الدؤوب وسماع الآراء وأخذ الاقتراحات وتقبل النقد بشكل رحب حتى نتجاوز هذه الأزمة بأكبر المكاسب وأقل الخسائر.

زر الذهاب إلى الأعلى