صور النقد الاجتماعي في ديوان ابن عنين لأحمد محمود
النشرة الدولية –
ناقشت كلية الآداب جامعة الزقازيق رسالة ماجستير بعنوان صور النقد الاجتماعي في ديوان ابن عنين مقدمة من الباحث أحمد محمود صابر المعيد بالقسم.
وأكدت الدراسة أن العلاقة بين الأدب والمجتمع علاقة جذرية متماسكة، فالأدب بحد ذاته ينبثق من المجتمع، ويصوره تصويراً حقيقياً، ويعكس مظاهره وتفاصيله الدقيقة أيضاً، كما يمكن للأدب أن يكون صورة حية عن الواقع الاجتماعي بأبعاده النفسية والاجتماعية والفكرية والشعورية المادية.
ومن المعلوم أن رسالة الفنان لا تقف عند مجرد الإبداع، بل هى موجهة إلى الإنسان، ومعنى هذا أن العمل الأدبي، يبدأ من المجتمع وينتهي من المجتمع، يبدأ من الشعور بالاختلاف عن الآخرين في أفكارهم وأذواقهم أو غاياتهم، وينتهي بتوجيه الأثر العبقري إليهم، سواء أكان علماً أم فناً، ومعنى هذا أن رسالة الفنان تبدأ بالإحساس بالمغايرة عن الإطار الاجتماعي، بحثاً أو شوقاً لذلك الشيء المجهول الذي يريد من خلاله أن يحقق الانسجام بينه وبين المجتمع والكون، وطبيعي أن نجد امتدادات هذه الرؤية في شخصياته التي يصور من خلالها أزمته الروحية والفكرية وما يتعرض له من قوة اجتماعية ضاغطة. ويتولد عن ذلك بالضرورة أن ثمة موازاة بين مدى عمق الأزمة التي تعاني منها الشخصية، وما تطرحه من قضايا فكرية وسياسية واجتماعية.
ابن عنين صوّب نقوده إلى نواح عديدة في المجتمع، منها ما كان متعلقاً بشؤون السياسة والحكم، فنقد الدولة وحكامها (خلفاء وأمراء وسلاطين وولاة ووزراء)، كما نقد شؤون الإدارة
والفنان – بداهة – بحكم حساسيته وثقافته ورهافة شعوره، يمتحن ما يسود مجتمعه من معايير وقيم ويفحصها وينتقدها ويحكم عليها، إما بإلغائها ورفضها وإحلال معايير بديلة أو تعديلها، ولا يتحقق هذا إلا باكتمال رؤيته للواقع، ويتحكم في هذه العلاقة عمق حساسية الأديب وذكائه ووضعه الاجتماعي وتراثه الثقافي والإمكانيات المتاحة له للاحتكاك بثقافات أخرى، وحين ينظر الأديب إلى واقعه على ضوء هذا السلم الجديد من القيم فإنه يرى هذا الواقع في ألوان جديدة، فما كان طبيعياً قد يصبح غير طبيعي، وما كان منطقياً قد يبدو غير منطقي، وما كان مسلماً به قد يصبح مرفوضاً وغير مقبول.
وقال الباحث: يعد ابن عُنين (ت 630هــ) من شعراء النقد الاجتماعي البارزين في الدولة الأيوبية، ومن الأهمية أن نتعرف على مفهوم النقد – عند ابن عنين – بالمدلول الشامل ليتسنى لنا التعرف على رؤيته، أو المنظور الذي يرنو إليه من خلاله للمجتمع الأيوبي ومشكلاته، والكلمة في حد ذاتها تشي بهالة من المعاني، ومنها الفحص والتمحيص لطرح الزائف والدخيل، والنقد انطلاقاً من هذه النظرة رؤية واعية من الذات أو الواقع، أو قل للموضوع، ومعنى هذا أن مدلول النقد لا يقف عند حدود مدلول النقد الأدبي، الذي يتخذ من النص الأدبي محوراً أو ركيزة أساسية لعلمه وتحليله، بل يمتد ليستوعب الواقع بكل ما يكتشف من ظلمات، بهدف تسليط الأضواء التي تهتك تلك الحجب الكثيفة وتسطع بنورها كاشفة لما يعتور ذلك الواقع من تخلف يتطلب تغييره، استشرافاً لغد مشرق جديد.
والفنان حين يحاول الكشف عن رؤيته للواقع، فإنه في الوقت نفسه يكشف عن موقفه منه ونظرته إليه، ووسيلته في الكشف عن موقفه هو التجسيد وليس التجريد، والتخصيص وليس التعميم، كما أن أسلوبه يتيح له الفرصة للكشف عن رؤيته بصورة أكثر دقة وأكثر واقعية، كما ينبغي عليه أن يكون قادراً على اكتشاف أداة فنه سواء أكانت الكلمة أم الصورة أم غيرهما قادرة على توظيفها للتعبير عن رؤيته والمعاناة الجادة في سبيل ذلك كله.
وانطلاقاً من هذا كله، تنصب هذه الدراسة في ديوان ابن عنين على إشكالية مهمّة وهى: بوادر النقد الاجتماعي في ديوانه من خلال التغيير الاجتماعي الشامل والمعنى العميق الذي يشمل البنية الأساسية والبنية التحتية للمجتمع.
لقد صوّب ابن عنين نقوده إلى نواح عديدة في المجتمع، فمنها ما كان متعلقاً بشؤون السياسة والحكم، فنقد الدولة وحكامها (خلفاء وأمراء وسلاطين وولاة ووزراء)، كما نقد شؤون الإدارة، وكانت له وقفات طويلة مع رجال الدين، والشعراء، والموظفين، والعلماء، والمتصوفة، ومع العادات والتقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في عصره، وقد أودع ذلك كله في نتاجه الأدبي المتمثل في (ديوانه) مستخدماً التصريح حيناً، والرمز حيناً آخر بمستويات متنوعة من اللغة والأسلوب.
اقتضت طبيعة الدراسة ومنهج البحث أن يأتي في مقدمة وخاتمة، وبينهما تمهيد وأربعة فصول، وخاتمة تلخص ما وصل إليه البحث من نتائج، ثم أعقب الخاتمة ثبت المصادر والمراجع، ثم فهرس موضوعي لفصول الرسالة.