إيران.. والانتخابات الأميركية* ندين المصري

النشرة الدولية –

أقل من ستة وثلاثين يوما تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي تقام بحسب العرف في الثاني من تشرين الثاني، والتي بحسب العديد من المتابعين في منطقة الشرق الأوسط ستكون حازمة في تقرير سياسة أميركا تجاه إيران ومشاريعها التوسعية.

“صفقة أوباما” التي مكنت إيران وأطلقت يدها في المنطقة، أتت على حساب الشعوب العربية، ودفعت أربع دول عربية إلى متاهات الخراب والدمار، وباتت بلدان كلبنان واليمن وسوريا والعراق مستعمرات إيرانية تدار من مجاميع مسلحة تدّعي جهاراً التمثيل المذهبي. فشهر العسل بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وإيران، جون كيري ومحمد جواد ظريف، فتح الباب أمام العديد من الدول الأوروبية للانضمام إلى قطار تبييض سجل إيران ما لبث أن اصطدم بالتعنت الإيراني ونهجه الإمبريالي الذي فتح الباب للمزيد من العنف وعدم الاستقرار.

مع انتخاب رجل الصفقات، دونالد ترمب، لرئاسة البيت الأبيض، تحول الحلم الإيراني إلى كابوس بوجود وزير للخارجية هو مايك بومبيو الذي عرّى إيران وفضح نظامها وحقيقته، وألغى الاتفاق النووي وأعاد تفعيل آلية الزناد وفرض العقوبات الأحادية على إيران تاركاً الحلفاء الأوروبيين على قارعة الطريق ليواصلوا تبرير بقائهم في الاتفاقية ولو على حساب أصدقائهم العرب.

رهان المحور الإيراني على انتخاب جو بايدن للرئاسة مبرر، فالحزب الديمقراطي تحول من جماعة تقدمية إلى مجرد حفنة من الرافضين لكل مبادرة تصدر عن إدارة ترمب، بغض النظر عن فحواها أو هدفها حتى لو كانت لمصلحة الولايات المتحدة. ولكن في الواقع مهما نجح بايدن في معركة الرئاسة المرتقبة فذلك لن يغير من الوضع المتأزم مع إيران وحلفائها، فالجنوح الإيراني إلى أساليب الإرهاب ودعمه في دول الجوار، القريبة والبعيدة، وحفلات الرعب التي يقودها الحرس الثوري في الداخل، كافية وحدها لإفشال أي كلام عن تسوية مع أميركا.

على المواطن العربي، القلق على مصيره الذي يرتبط بشكل أو بآخر، بالانتخابات الأميركية، أن يتذكر أن الناخب الأميركي، سواء المنتمي إلى الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لن يقدّم مصلحة إيران أو حتى مصلحة العرب، على مصلحته ومصلحة أولاده، فهو يذهب عادة ما يقترع لتحقيق رغبات وطنية بحتة، على رأسها الاقتصاد والضرائب.

في السابق راهن الجميع على هيلاري كلينتون للوقوف في وجه أسلوب ترمب المستفز، ما جعل من فوزه مفاجأة مدوية. لا شك أن الانتخابات الرئاسية الأميركية محورية، ولكن تفاؤل ورهان إيران وميليشياتها في غير محلهما. فبايدن في حال فوزه سيبرهن أنه ليس باراك أوباما، ولا دونالد ترمب، بل سيحاول ترميم الاتفاق النووي ليصطدم مع واقع وحيد هو أن لا حمائم ولا صقور في إيران، بل حرس ثوري فقد توازنه إثر مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وهو الذي يدير دفة الحكم.

إن أرادت إيران الصفقة، فعليها أن تهنأ بانتخاب ترمب، الذي أعلن استعداده للدخول في مفاوضات معها في حال انتخابه، وإنْ بشروط مقبولة وتناسب أميركا. فمن المتوقع أن تكون الولاية الثانية لأي رئيس، كحال كل الرؤساء السابقين، أكثر وضوحا وأقل التزاما بالأعراف المتبعة، ما يعني أن ترمب قد يتخلى عن بومبيو، وبعض الصقور في إدارته. ولكن هذا التوجه وإن حصل لن يستمر طويلاً، خاصة أن ترمب يتمتع بعقلية التاجر، الغربي وليس الفارسي، فهو يريد الدخول في صلب الصفقة، وليس ليفاجأ بأن نظام إيران، كما عادته، يبيع العالم بضاعة فاسدة، وكلامه عن السلام والاستقرار ليس إلا مسرحية طويلة من تأليف مؤسس الثورة الإيرانية الخميني.

وبغض النظر عن الجالس على عرش واشنطن، أو الخيارات التي ستفرزها نتائج الانتخابات، فليس هناك من هو قادر على إنقاذ إيران من نفسها، ومن قبضة حفنة من المجرمين انتهجوا الكراهية والقتل كطريقة حياة.

نقلاً عن موقع “العربية نت”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى