رايو راجوجين وياماتا نو ريشي* د. أفراح ملا علي

النشرة الدولية –

يعد عالم الميثولوجيا وعلم الأساطير موروثا إنسانيا رائعا بالرغم من عمقه وتفرعه، ولكننا سنبحر بمقالنا اليوم إلى بلد الشمس المشرقة وزهور الساكورا المبهرة، إلى اليابان الرائع.

تذكر لنا بعض المعتقدات الآسيوية أن آلهة الأجداد أقدموا على خلق الكون والكائنات، من ضمنهم بعض المخلوقات ذات قوة خارقة من أصول نارية مائية معدنية هوائية أو ترابية.

وأن هذه المخلوقات يمكنها الانتقال بين العالم المادي والعالم الروحي لأنها تمتلك هذه القدرة وتعتبر روحانية ونورانية أكثر من كونها مادية.

في العصور الوسطى بالغرب كانت تعتبر التنانين كائنات شريرة مسببة للكوارث والدمار وان البشر من ضمن سلسلتها الغذائية، فهي تلتهم البشر في أي مكان تتواجد فيه. ولكن في الفلسفة الأسيوية تعد التنانين كائنات روحانية قريبة من الآلة.

يعد الرايو، أو التنين الياباني، رمز للحكمة والعمر المديد، وأيضا رمز للإمبراطور.

يجمع الرايو العديد من الخصائص الحيوانية لأنه يملك رأس تمساح، جسد ثعبان، حراشيف تغطي بدنه بالكامل كالسحالي، وهي كائنات بحرية تعيش عادة بالمحيط، أو في أعلى سفوح الجبال. تختصن بالطقس وتحمي الأرض من الكوارث الطبيعية.

تذكر بعض الأساطير اليابانية أن التنانين محبة للبشر وتحقق لهم الأمنيات، ولكنها في حال الغضب تتحول إلى كائنات مدمرة لقرى كثيرة، جالبة الزلازل والفيضانات.

من أشهر الرايو اليابانية، هو التنين راجوجين، الذي يعيش في البحار ويعشق الأحجار الكريمة والجواهر النفيسة، ويتميز بأن له القدرة على التحول إلى هيئة بشرية لتتسهل له عملية سرقة الأحجار والجواهر.

وأيضا ياماتا نو ريشي، أو التنين ذو الرؤوس الثمانية، والذي يتميز بثماني أذيل أيضا، وهو ذو حجم عملاق يفوق الجبال، ولكنه يقتل على يد إله الرعد الياباني سوساناو.

لكن إذا ما قارنا التنين الكوري بالياباني فإن التنين الكوري يتميز بأنه يستطيع الطيران حتى بدون أجنحة، ولهم لحية طويلة، ويمسكون ببلورة سحرية بمخالب ارجلهم.

هذه البلورات عادة تكون لها القدرة على شفاء الأمراض وتقديم الحكمة والقوة الخارقة لمن يملكها. لهم أيضا القدرة على التحدث بلغة البشر، ولهم ردود أفعال جميلة كالامتنان.

يعيشون عادة بالأنهار والبحيرات ولهم الاستطاعة الكاملة في مساعدة البشر وجلب الأمطار للمحاصيل الزراعية.

أما التنين الصيني، والذي يعد للكثير من الباحثين أصل تواجد التنانين بالأرض، رمز للحظ السعيد والازدهار وكان أيضا رمزا شبه دائم للعديد من الأباطرة الصينيين، فهو جالب للسعادة والحظ.

يطلق على التنين الصيني لونغ. واللونغ يعد واحدا من الكائنات الأربعة الروحية التي ساهمت في الخليقة مع الآله في الأساطير الصينية، وقد اعتبر هذا واحدا من اهم أسباب اعتبار الأباطرة الصينيين كسليلين للتنين.

التنين الصيني له جسد أفعى، عين نمر، قرون غزال، وشارب سمكة الكوي. حيث تروي لنا الأسطورة الصينية الشهيرة بأن سمكة الكوي أعجبت بأعلى الجبل وقررت السباحة عكس التيار وتسلق الشلالات لتصل إلى مبتغاها وترى العالم من أعلى مكان، فبدأ جسد سمكة الكوي يتغير ويصبح أقوى وأصلب إلى أن وصلت إلى البحيرة المقدسة في أعلى الجبل وتبدلت من كوي إلى تنين.

فهي رمز للطموح والقوة والعطاء والتغيير للأفضل.

الغريب أن التنانين حاضرة في كثير من الأساطير العالمية ولا يقتصر الأمر على الثقافة الآسيوية فحسب، بل نراها واضحة في الميثولوجيا الأوروبية سواء كانت رومانية يونانية أو جرمانية، الحضارة الفارسية، وحضارة الهنود الحمر وغيرهم من الحضارات.

ولكن يبقى التساؤل الدائم عن إذا ما كانت التنانين هي بالأساس ديناصورات تطورت أم نوع من الكائنات البحرية او مجرد خيال إنساني عالمي مشترك؟!

دمتم بعلم غزير وحظ وفير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button