“الحشوات الإنتخابية ” .. مال أسود قانوني..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
يتردد على مسامعنا مصطلحات عديدة منها حشو أسنان، حشو مخدات وفراش ومحاشي للأكل، وهذه مصطلحات إعتدنا عليها بسبب إستخدامها اليومي عند الاطباء والمنجدين وفي المطابخ البيتية والمطاعم ، لكن مع تعدد المظاهر الإجتماعية تظهر مصطلحات جديدة وآخرها الحشو الجديد في المطبخ السياسي حيث تم إختراع هذا المصطلح في الإنتخابات الأردنية، كون قانون الإنتخابات يسمح بالحشو الذي هو إختراع أردني بإمتياز في ظل تشكيل المجموعات التي يكون لها رأس يبحث عن طريق المجلس على أكتاف الحشوات الذين يقتصر دورهم على جلب بعض الأصوات للمجموعة .
وهذه النوعية من الحشوات مكلفة مالياً للقائم على مجموعة الحشو، ويدخل هؤلاء عالم الإنتخابات والسياسة دون أن يتحملوا أي تكاليف مالية حتى دفع الرسوم ، فهم كشاهد الزور يذهب بسيارة فاخرة ويعود سائراً على قدميه، كون صلاحيته تنتهي مع إنتهاء الدور المُعد له في مسرحية هزلية يشارك فيها الشعب، ويقوم ببطولتها عدد من أصحاب رأس المال والشهرة القادرين على تقمص الشخصيات بإتقان تام بحيث يحولون الكلام إلى حصالة لنيل الأصوات، فيما الكومبارس يتساقطون الواحد تلو الآخر لينالوا أجرهم من المُنتج في نهاية المسرحية، فيما ينتقل “سوبر” المجموعة لينضم إلى فريق آخر تحت القبة، والغريب أن كل من الفريقين قبل وبعد الإنتخابات تخلو من الفكر المُوحد والأهداف المشتركة.
المعضلة أن الحشوات الإنتخابية في تزايد حتى أصبحت تُشكل الأغلبية في العملية الإنتخابية، ويعود السبب للظروف الإقتصادية الصعبة التي يعاني منها غالبية الشعب الأردني بسبب جائحة كورونا، وهنا يستغل أصحاب المال الظرف ويستخدمون الحشوات من أجل تشتيت أصوات المنطقة التي يقطنون بها خدمتةً للقائد الهُمام الذي يقوم بدور البنك، والغريب أن الحكومة لا تعتبر ما يتم دفعه للحشوات مال أسود رغم أنه أخطر على تشكيلة مجلس النواب من الأموال التي تُدفع لشراء الأصوات، وبالتالي فإن مراقبة المجموعات يستحق أن يكون أولوية، كون من يشتري جهد المشاركين في الإنتخابات قادر على شراء أصوات المقترعين.
إن الحاجة إلى تعديل قانون الإنتخابات تتزايد من يوم لآخر بغية تشكيل مجلس نيابي مميز، يضم في عضويته الخبراء وأصحاب الفكر والثقافة بدلاً من أصحاب المال، ليكون المجلس قادراً على تشريع القوانين التي تساهم في خدمة المجتمع وليس القوانين التي تزيد ثروات العابثين الجدد وتضمن عودتهم لتحت القبة، لذا فإن الحاجة ماسة لتشكيل لجنة متخصصة لدراسة القانون الحالي بحيث يركز على دور أكبر للأحزاب المريضة حالياً، والعمل على توسيع قاعدتها بأنظمة وقوانين تضمن تداول السلطة فيها، وعندها سنجد أن الذين يخوضون الإنتخابات يملكون فكر تنويري نهضوي يحمل في جيناته تقبُل الآخر والإعتزاز بلغة الحوار، فهل يتم التعديل أم سنظل نعاني من حشوات آخر الزمن.