حرب المئة عام .. الغاز يشعلها من جديد* صالح الراشد
النشرة الدولية –
مئة عام أو يزيد وأربيجان وارمينا يتصارعان على أقليم ناكورو كارباخ الواقع في الأراضي الاذرية وتقطن فيه أغلبية أرمنية، واشتعل بينهما حروب لم تتوقف كونها تقوم على أساس عقائدي، وهذا النوع من الحروب لا تنتهي في العادة إلا بالإنتصار النهائي، وهو ما تحقق لأرمينا التي احتلت الإقليم بعد تفكك الإتحاد السوفيتي، ورضي أو تظاهر الطرفين بالرضا حتى جاء عصر الغاز الذي يعتبر إبرة الحياة للقارة الأوروبية، ليعود الصراع من جديد لأجل أنبابيب الغاز التي تمتد من جورجيا إلى القارة الأوروبية وبالذات تركيا التي تعتبر المستورد الأهم للغاز.
ويبدو أن العالم يتمسك بموقف موحد مطالباً الدولتين بضبط النفس عدا تركيا وروسيا، فتركيا تقف دوماً إلى جانب أذربيجان في هذا الصراع، فيما روسيا تطالب بالتهدءة في العلن وتدعم أرمينا في السر، وجاء الصراع الجديد بسبب روسيا التي أفرزت توزيع جغرافي وسكاني على طريقة ” سايكس بيكو” فضمت الإقليم إلى اذربيجان معارضة بذلك رغبة سكان الإقليم، ومنذ ذلك اليوم والصراع محتدم ولم يتوقف وإن خف في بعض السنوات بعد نيل الإقليم حكماً ذاتياً، وتهدد المواجهات العنيفة بين البلدين الأمن السلمي في منطقة القوقاز, مما سيجعل العديد من الدول والمنظمات العالمية تُصر على إنهاء الصراع وبالذات الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والسعودية.
ما يحصل يُشير إلى أن الدولتين تمارسان الحرب بالإنابة عن تركيا وروسيا، وهذا النوع من الحروب إنتشر بشكل ملفت للنظر في السنوات الأخيرة، بل ان تركيا وروسيا تمارسان هذه الطقوس الحربية في كل من ليبيا وسوريا، مما يُشير إلى رغبة الدولتين في التوسع على حساب دماء أبناء المناطق التي تصل إليها أسلحتهم، وتبحث كل من الدولتين على إستعادة تاريخها في الهيمنة على الشعوب، مما يجعلنا نتوقع المزيد من الحروب في آسيا الوسطى والقوقاز وربما في حوض المتوسط حيث يقبع الأسطول الروسي.
اليوم وأكثر من أي يوم مضى فإن العالم بحاجة للتصدي للعنجهية التركية الروسية، والذين عليها أن يحلا مشاكلهما بعيداً عن الدول الأخرى أو عبر الحدود المشتركة بين بلديهما، لكنهما ومن أجل الحفاظ على شعبيهما يضحيان بشعوب العالم، مما يعني أن السياسة لكل منهما تقوم على القتل والتلاعب في الشعوب بغية إستغلالها لمصالحهم، فروسيا المصدر الرئيسي للغاز في العالم تهتم بأن يكون الغاز تحت إمرتها وتركيا تريد حصتها من الغاز المتدفق عبر الأنابيب التي تمر في أذربيجان، لذا فإن حرب المئة عام ستستمر بسبب جهل الدول الضعيفة بمعرفة مصلحتها ورغبتها في البقاء بظل دولة إقليمية لتدفع الثمن من دماء شعوبها واستقرارها.