أخيراً.. طلع للخرسان لسان!* صالح الراشد

النشرة الدولية –

“صمتوا دهراً ونطقوا كفراً”، هذا هو حال مجلس النواب منتهي الصلاحية، فبعد أربع سنوات عجاف من العمل غير المحسوس، يعودون اليوم وقد إستفاقوا من غفوتهم التي لم نجد لها شبيهاً إلا نوم أهل الكهف، لأننا لم نسمع لهم صوتاً أو فعلاً ليكون مجلس السراب الذي يحسبه العطشان ماءا، وعندما نصل إليه نزداد عطشا بفعل القوانين القاهرة التي تسابقوا على تشريعها لخنق الشعب الذي يتوددون إليه حاليا، طالبين صوته حتى ينبت صوتهم من جديد ويزداد كذب الكثير منهم، وكأنهم يقولون لأصحاب الاصوات المخنوقة والجيوب المخزقة والأحلام المزهوقة، أعيدونا حتى نكمل الطريق ونجعلكم تؤمنون حقاً بأن تحت الأرض خير من فوقها، لأننا نريد لكم الآخرة والجنة الأزلية، أعيدونا حتى نكمل سلسة قوانين العذاب برفع الضرائب وتكميم الافواه، أعيدونا رعاكم الله حتى نزيد من فسادنا ونُعلي من بنياننا، أعيدونا ولن تندموا حيث سنعيدكم إلى نقطة البداية وربما النهاية, فقط أعيدونا لنشعر بعظمتنا وتفوقنا وفوقيتنا.

وأحيانا يتزلفون لأصحاب القرار ويهتفون: “أعيدونا ايها المتنفذون حتى نجلس على المقاعد المريحة، ونبصم على جميع قراراتكم القبيحة، أعيدونا ونعدكم ونعد من يُعيدنا بأننا لن نتنازل عن دورنا السابق بأن نعمل بنظام الريموت كونترول، وسنتلقى الأوامر صاغرين ولن نناقش بل سنكون طائعين، فقط .. أعيدونا إلى ظل ظليل ومنصب جليل ونعدكم بالوفاء لكل ما تريدون، فنحن قدمنا السبت والأحد والإثنين وبقية أيام الاسبوع فاصنعوا لنا يوماً .. وأعيدونا، لا ضير إن سرقتم الصناديق أو تلاعبتم بالتصويت أو فتحتم الطريق أمامنا لشراء الذمم فقط مهدوا لنا الطريق لنعود، وسنقسم بالله ان الإنتخابات نزيهة وأنكم نزيهون .. فقط أعيدونا وعندها ستجدون منا كل خير، وسنكون لكم خير شاهدين”.

 

سندق كل الأبواب وسنزحف في شتى الإتجاهات حتى نضمن العودة، سنكذب ونكذب حتى تصدقوا أننا الأوفى لكم أيها المواطنون، سننافقكم جميعاً حتى تمنحونا صوتكم، وسندفع لمن يُريد من تحت الطاولة أو فوقها حتى ننال الرضا، فنحن جزء من اللعبة ونجيد اللعب على الحبال فقد تعلمنا في أربع سنوات فن الرقص، لذا لا تبحثوا عن راقص آخر يهدر الوقت بالتعلم من جديد، فأعيدونا إلى حيث أصبحنا جزء من اللعبة والخداع والجبن، نعم .. أعيدونا ايها الأسياد إلى حيث نستطيع العيش فنحن كالسمك إن خرجنا من المجلس نموت، وإن متنا ستخسرون خبرتنا في تشريع الأنظمة التي تأتي حسب المقاس، فيا أيها العالم الغربي ويا أيها البنك الدولي لا تتركنا فقد كنا أوفياء.

 

صدقوني بأني لا أعرف أسماء غالبيتكم العظمى، لكني شاهدت أفعالكم التي كانت قرارات تدمر المجتمع وتهلك الحرث والنسل، وسمعت هدير أصوات الكثير منكم وظننتها أصوات سيارات في كراج للأليات المستعملة وليست باصوات طائرات تأتي بالأمل، صدقوني أنتم وضعتم رأسنا في الوحل ولا زلتم مصممين على أنكم الأفضل والأبرع، لكن بماذا؟ فهل تملكون القدرة على الإجابة.. لا أعتقد فالصمت حالياً سلاحكم حيث اختقت أصواتكم وأعلم أن ألسنتكم ستنبت من جديد في الحملات الإنتخابية، وستعتلون صهوة المنصات كالأبطال الفاتحين في عصر لم تُفتح فيه إلا أبواب الفقر والجوع والقهر، كل هذا جاء بهمتكم أيها الباحثون عن العودة لمقاعدكم، فأنا كغيري من أبناء الشعب ” لا نعلم من باع الوطن.. لكنني رأيت من دفع الثمن”. إن أسوء النواب من يتصفون بالعناد مع الجهل، وللحق هذا حال غالبية النواب.. لتمر القوانين المجحفة بحق الشعب من تحتهم دون أن يتحركوا، بل “تتحرك دكة الموتى لكنهم لا يتحركون”، واليوم عادت الألسن تنبض بالحياة وتنبت من جديد لتنشر كذبها وغدرها ونفاقها على المجتمع، عادت كلسان الافعى تشتم رائحة الضحايا عن بعد، عادت الألسن لتهتف بمحاربة الفساد الذي زرعوه، وقهر الشعب الذي شيدوه بمجموعة قرارات بصموا عليها بفخر وأوجدوا لها ألف مبرر ومبرر، ويتحدثون اليوم بأمل عن الرفاة ليختلط حديثهم بضحكة صفراء بلهاء غايتها النوم في العسل تحت القبة، اليوم عادوا إلى قواعدهم من جديد ليشعروهم بأنهم أبطال النصر المفقود، وصُناع المطر في بلاد صحراوية وأنهم حماة الوطن رغم أنهم أول من تاجر به.

 

القادم قاتم لأنكم ستعودون ولمواقعكم ستتسابقون، وعلى ترويض الشعب ستجمعون أمركم فيما سيصيب الخرس ألسنتكم عن قول الحق، وإن علت أصواتكم فلأجل أن تتسامرون والشعب تخدعون وعلى سفاسف الأمر ستصرخون، فهذا مجلس يحكمه التجار بشتى أنواعهم، لذا فإن العقلاء يبدون غرباء وأصحاب الرأي السديد سيُهاجمون، فالمال يصنع الفصاحة والوجاهة والقوة، فيما ذهبت مع الريح مقولة “العلم يرفع بيوت لا عماد لها “، ليصبح “العلم يهدم بيوت العز والكرم”، لنجد أنفسنا في زمن غير الزمن حيث ينتصر الكاذبون ويتم تغييب العارفون، فلننعم بأربع سنوات عجاف قادمات كون قانون الإنتخابات جاء بالتفصيل لخدمة تجار الأوطان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button