هل كان المراهق السوري أيمن أخا لنا؟* نورجان بايسال
التشرة الدولية –
في 13 سبتمبر، قُتل اللاجئ السوري أيمن حمامي، البالغ من العمر 16 سنة، والذي كان يعمل في مخبز في محافظة سامسون الشمالية، طعنا في هجوم يبدو أنه كان بدوافع عنصرية. وقال أخوه إبراهيم للمهاجمين “نحن إخوة لا تفعلوا هذا”. لكن دون جدوى.
قال إبراهيم لصحيفة أفرنسال اليومية إنهما كانا يقفان على جانب الطريق عندما بدأ أربعة رجال في سيارة سوداء في شتمهما. ويتذكر إبراهيم أن الرجال قالوا “أيها السوريون، أخرجوا من هذا البلد”. غادر الرجال ثم عادوا مع حوالي 15 من أصدقائهم. كان اثنان منهم يحملان سكاكين. وتتالت الأحداث بسرعة كبيرة.
تابع إبراهيم “رأيت سيارة دورية. وفي الوقت الذي أوقفتها وعدت مع الشرطة، كان أخي ملطخا بالدماء وكان الأوان قد فات. أريد أن يواجه قتلة أخي العدالة. أيمن هو أخوكم جميعا. فكروا فيه بهذه الطريقة”.
هل يشعر سكان هذا البلد بأن أيمن هو أخ لهم؟
أولا، إليكم بعض الحقائق المتعلقة بأحوال اللاجئين السوريين في تركيا:
تستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين. ووفقا لبيانات المديرية العامة لإدارة الهجرة المنشورة في 2019، يعيش أكثر من 3.5 مليون سوري في تركيا. وتشير التقديرات إلى أن العدد الحقيقي أقرب إلى أربعة ملايين.
يُستخدم مصطلح “لاجئ” للإشارة إلى السوريين في تركيا، إذ صادقت الدولة على اتفاقية جنيف لسنة 1951 الخاصة بوضع اللاجئين مع تحفظ جغرافي. فكما نرى، لا يمكن سوى لمواطني الدول الأعضاء في مجلس أوروبا أن يكونوا لاجئين في تركيا. وينتظر الآخرون (مثل السوريين) إشراف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على نقلهم إلى بلد ثالث، تحت وضع الحماية المؤقتة.
يعيش قلة من السوريين في مخيمات في تركيا. وتظهر أحدث البيانات أن هناك 62 ألف لاجئ في سبعة مراكز إيواء مؤقتة في خمس مقاطعات. وقد بدأ التخلص من هذه المراكز ببطء. ويعيش جل اللاجئين (98 في المئة) في القرى والمدن.
تضم إسطنبول أكبر عدد من السوريين، إذ سجّلت وجود نصف مليون لاجئ تقريبا. وتحتل مقاطعة غازي عنتاب الحدودية الجنوبية الشرقية المرتبة الثانية بعدد مقارب يمثّل 22 في المئة من سكانها. وسجّلت منطقة كيليس القريبة من الحدود أعلى كثافة للاجئين السوريين، حيث شكل السوريون أكثر من 80 في المئة من سكانها.
يعيش السوريون في تركيا منذ ما يقرب من 10 سنوات. ولكن، بسبب وضعهم، يعتقدون (مثل الأتراك) أن الوضع مؤقت، مما يؤخر الاندماج ويلوح “سيف ديموقليس” والترحيل فوق رؤوسهم كل يوم.
ومع كل تراجع في الاقتصاد، ومع استمرار ارتفاع البطالة، يجد السوريون أنفسهم في مرمى النيران، إذ يصل خطاب “السوريون يأخذون وظائفنا” ذروته خلال الأزمات. وحتى في المحافظات التي سجّلت تركيزا أعلى، يحاول السكان المحليون والسوريون إبقاء مجتمعاتهم منفصلة.
في زيارتي الأخيرة إلى غازي عنتاب في يناير، رأيت أن العزلة لا تنقطع إلا عند الضرورة، كما هو الحال في المستشفيات أو في المدارس. وهنا تبدأ المشاكل.
أتذكر حديثا مع صديق منذ فترة. أخبرني أن اللاجئين هم المسؤولون عن ارتفاع فاتورة المياه التي يتوجّب عليه دفعها، “فلماذا اضطرت الحكومة إلى رفع الأسعار إن لم تكن أنفقت كل أموالنا على السوريين”.
شرحت له أن السوريين ليسوا في وضع تنفق فيه الحكومة أموالنا عليهم، وأن الأموال التي خُصّصت لهم لم تأت من الميزانية التركية، لكنه لم يقتنع.
ذكّرتني محادثتنا بمدى انتشار المعلومات الكاذبة عن السوريين، والتي ينشرها السياسيون أنفسهم أحيانا.
يقول بعض السياسيين إن أصحاب الأعمال السوريين لا يدفعون الضرائب، والبعض الآخر يقول إن السوريين يدخلون الجامعات دون امتحانات، أو أن السوريين يتلقون رواتب من الدولة.
وباستثناء مجموعة صغيرة تمكنت من جلب أموالها، يوفر السوريون العمالة الرخيصة وغير الموثقة في البلاد، لأنهم لا يملكون تصاريح عمل بموجب وضع الحماية المؤقتة. ولا نجد إلا 30 ألف سوري لديهم تصاريح للعمل في تركيا، في حين أن 1.4 مليون منهم يعملون بطرق أخرى.
لا يزال الأطفال السوريون، الذين ولد الكثير منهم في تركيا، يواجهون مشاكل في نيل حقهم في التعليم. وهناك الكثير من بينهم ممن لا يتحدثون التركية، وينتهي بهم الأمر بترك المدرسة للعمل.
كما أثرت الأزمة الاقتصادية على السوريين بشدة. لم أرَ بعد فقرا كفقر سوريي (الغجر) الذين يعيشون في مخيم نيزيب في غازي عنتاب. فهم يعيشون في خيام أقامتها جمعية خيرية، بلا ماء ولا كهرباء. يبيعون المعادن الخردة لجني المال. يسهل إلقاء اللوم عليهم عند دفع فاتورة المياه. لا يوجد خطر من الانتقام منهم… ولا يوجد أي ضمير يردع عن فعل ذلك أيضا.
جاءت عائلة الحمامي إلى تركيا قبل تسع سنوات. كان لأيمن خمسة أشقاء. عمل جميعهم في نفس المخبز مقابل 50 ليرة في اليوم، أي 6.52 دولارا.
ومع انطلاق جنازة أيمن على بعد آلاف الأميال من منزله، تداول المستخدمون هاشتاغ “السوريين إلى سوريا” على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان زعيم حزب المعارضة الرئيسي الذي يُفترض أنه ديمقراطي اشتراكي يلقي خطابات بهذا المعنى:
عزيزي إسماعيل، أخ أخي.
أنت مخطئ. هذا البلد لا يعتبرنا إخوة أو أخوات.