الإندبندنت: “التفكك البطيء” للبنان يدفع مواطنيه لركوب قوارب الموت
النشرة الدولية –
اعتبر مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية، مارتن شولوف، في تقرير له على الصحيفة، أن لبنان يمر بحالة “تفكك بطيء” وهو ما يشجع “أعدادا متزايدة” من اللبنانيين على الرغبة في الهجرة هربا من الأوضاع القاتمة في البلاد.
ويقول الكاتب إنه “بعد الحرب الأهلية وعقود من الفساد ثم الانفجار الذي اجتاح بيروت هذا الصيف لم يكن من المعتقد أن تزداد الأمور سوءا، لكن هذا ما حدث”.
ويتابع: “لا شيء يلخص تفكك لبنان وتحوله إلى دولة فاشلة أكثر من الانفجار الذي هز ميناء بيروت في الرابع من أغسطس، عندما اشتعلت النيران في 2750 كيلوغرام من نترات الأمونيوم، كانت مخزنة في ميناء بيروت لعدة سنوات لسبب غير مفهوم”، وهو ما أسفر عن مقتل 200 شخص وإصابة آلاف آخرين بجروح وإلحاق أضرار بآلاف المنازل.
ويشير إلى قصة شاب لبناني، جمع كل ما استطاع من أموال من أجل تأمين تكاليف رحلة هجرة غير شرعية، عبر قارب صغير كان يفترض أن يعبر به البحر المتوسط، لكن سرعان ما غرق مثل “عشرات الرحلات المشؤومة الأخرى من ليبيا ومصر وسوريا وتركيا”.
وعلى عكس الدول المجاورة، كان يفترض أن يكون لبنان “مختلفا” فهو “ملاذ آمن يتاح للناس فيه خيارات أفضل من الفرار إلى المحيطات”، لكن “مع تفكك الدولة بسرعة أكبر من مثيلاتها في مكان آخر في العالم”، يعتبر عدد كبير من اللبنانيين أن “الحلم قد انتهى، وكفاحهم من أجل رسم مستقبل أفضل قد سحق، وأصبح نضالهم الجديد ببساطة هو إيجاد أسرع طريقة للرحيل”.
ويقول إنه لم “يعد خيارا” للعديد من اللبنانيين التكيف مع الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل الانهيار المستمر في قيمة العملة المحلية، والتضخم، والبطالة.
وينقل التقرير عن مواطن لبناني يدعى حسين ترموس (36 عاما) وهو من قضاء مرجعيون في الجنوب: “إذا حصلت على تأشيرة دخول إلى أي بلد في العالم، سأخرج من هنا بسرعة”. ويضيف: “كل ما يهمني هو القدرة على توفير الضروريات اليومية: الطعام والمياه والسجائر”.
ربيعة خير الدين، وهو موسيقي من الطائفة الدرزية، يتفق مع ترموس، ويقول إن “كل شخص يعرفه يرغب في الرحيل”، ويشير إلى أن “القضية هي أنه لا أمل في حدوث تغيير… الأسابيع التي تلت الانفجار أوضحت ذلك”.
ويقول، الكاتب، إن تظاهرات أكتوبر 2019 “العابرة للطوائف”، “كان يفترض أن تعبر بلبنان إلى عصر يمكن فيه للبنان وشعبه تحديد مصائرهم أخيرا”، لكن “سرعان ما أفسحت الاحتجاجات المجال لشيء يشبه دولة ما بعد الحرب الأهلية وحكامها، وهو: الشلل والقصور الذاتي”.
ويشير المقال إلى أن اللبنانيين يعتقدون أن “رفض” قادتهم لمطالب الإصلاح الاقتصادية والسياسية “ساعد على حدوث هذا الانهيار”.
والشهور الـ12 شهرا الماضية التي مرت منذ بدء تلك الاحتجاجات، بحسب وصف الكاتب، “طغت من نواح كثيرة على أحلك أيام الصراع الطائفي، الذي دمر البلاد وأودى بحياة ما يقرب من 115 ألف شخص”.
نبيل حداد، اللبناني الذي شارك في الحرب الأهلية، قال: “على الأقل كنا نعرف من كان العدو في ذلك الوقت… كان هناك طعام على المائدة وأموال في البنوك. استطعنا أن نعيش. وكنا نعلم أن الحرب ستنتهي يوما ما. ليس هذه المرة”.
وقدر البنك الدولي الأضرار والخسائر الاقتصادية، جراء الانفجار الأخير، بين 6.7 و8.1 مليارات دولار.
ويكافح اللبنانيون من أجل إعادة البناء، لكن كثيرين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد.
ويضغط المجتمع الدولي باتجاه تشكيل حكومة جديدة تخرج البلاد من أزمتها الحالية، غير أن القادة اللبنانيين أخفقوا حتى الآن في تحقيق ذلك، بعد اعتذار رئيس الوزراء المكلف، مصطفى أديب، عن تشكيلها.
ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة، في 31 أغسطس، سعى أديب إلى تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على إقرار الإصلاحات الضرورية.
لكن جهوده اصطدمت خصوصا بإصرار الثنائي الشيعي ممثلا بحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وحليفته “حركة أمل” بزعامة رئيس البرلمان، نبيه بري، على تسمية وزرائهما والتمسك بحقيبة المال.